يتوقع المغرب والاتحاد الأوروبي، من خلال المباحثات التي يجريها الطرفان انطلاقا من الأمس الاثنين بالرباط، حول الصيغة المثلى لاتفاق تبادل حر وشامل ومعمق، ولوج الجيل الجديد من اتفاقات التبادل الحر والتي يعتزم الاتحاد الأوروبي إبرامها مع أربع دول من جنوب المتوسط، هي المغرب والأردن وتونس ومصر. ويتباحث المغرب مع أعضاء وفد الاتحاد الأوروبي الذي يضم، حسب مفوضية الاتحاد الأوروبي بالرباط، 15 عضوا، في جلسات مغلقة على مدى خمسة أيام، بشأن مواضيع تهم تبادل الخدمات، والاستثمارات، وتبسيط مسطرة الحصول على التأشيرات، فضلا عن تسهيل التجارة والجمارك، من أجل تبسيط وتسهيل أنشطة الفاعلين الاقتصاديين للطرفين، مع التركيز على مبدأ توافق وتقارب التشريعات والإجراءات الجاري بها العمل، المتعلقة بالاستخدام الأمثل للتقنيات الجمركية٬ والتدابير اللازمة لتسهيل التجارة والعبور. كما سيتباحث الطرفان، خلال هذا اللقاء، الذي يمثل الجولة الثالثة والأخيرة حول اتفاق التبادل الحر والشامل والمعمق، الجوانب التجارية المتعلقة بالتنمية المستدامة، استنادا إلى الالتزامات المتعارف عليها دوليا، وكذا المبادئ المتعلقة بالمجالات الاجتماعية والبيئية، التي يجب أن تقوم عليها العلاقات الاقتصادية والتجارية المعمقة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه. ويتوقع أن تبحث جولة الرباط، أيضا، الجوانب المرتبطة بتجارة الطاقة، من قبيل السياسات التسعيرية، والعبور، والنقل، والولوج إلى البنيات التحتية الطاقية بشكل غير تمييزي، وبأثمنة شفافة. ويتوقع أن تخرج هذه الجولة بنتائج إيجابية من أجل تحسين ولوج المنتجات الفلاحية إلى السوق، والمواد الفلاحية المصنعة والأسماك، وتبسيط الإجراءات الخاصة بها، وتقوية العمل بين الطرفين في المفاوضات الخاصة بإدراج مقتضيات تتعلق بتقريب التشريعات، وتعزيز الحماية القانونية للمستثمرين بالمغرب والاتحاد الأوروبي، وحماية حقوق الملكية الفكرية. وقال عبد الرحيم عثمون، رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة المغربية الأوروبية، إن موعد يناير يأتي كما نص عليه البرلمان الأوروبي في بروتوكول المفاوضات المتعلقة بالتبادل الحر، بالنظر إلى الأهمية الناجعة من أجل تأهيل الشراكة، معلنا أن دخول الاتحاد الأوروبي في مباحثات هذه الجولة يعد تكريسا لمسار الشراكة المتوازنة بين الطرفين، واعترافا بمجهودات المغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. وأضاف عثمون، في تصريح ل"المغربية" أن الاتحاد الأوروبي أصبح مقتنعا بأن المغرب يعد حليفا سياسيا واستراتيجيا وازنا بالنسبة لأوروبا في منطقة شمال إفريقيا، كما يعد قطبا جيواستراتيجيا أساسيا وفاعلا في ضمان الاستقرار بالمنطقة، مفيدا أن "المغرب هو أول بلد جنوب متوسطي يحظى بهذا التعامل النوعي، إذ انخرط المغرب والاتحاد الأوروبي في مفاوضات حول اتفاق شامل ومعمق للتبادل الحر في 22 أبريل الماضي بالرباط، لذا يعد المغرب أول دولة متوسطية أطلق معها الاتحاد الأوروبي مفاوضات حول اتفاق من هذا القبيل يرمي إلى تعزيز الاندماج الاقتصادي بشكل كبير بين الجانبين". وأكد عثمون أن عزم الاتحاد الأوروبي السير قدما من أجل تحقيق وتطبيق اتفاقية "أليكا" يؤكد الاهتمام الكبير للاتحاد بعلاقاته المتميزة مع المغرب، باعتباره شريكا كبيرا وذا مصداقية، ويكرس التوجهات المشتركة للطرفين في ما يخص القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي. خاصة تلك المرتبطة بالتعاون الأورومتوسطي، وبالوضع في المغرب العربي، مبرزا أن النتائج المحققة في إطار علاقة الاتحاد الأوروبي بالمغرب تمثل إشادة نوعية بما أنجزه المغرب من إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس. وأوضح أن اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق يدخل في إطار انخراط المغرب، سنة 2013، في التفاوض بخصوص جيل جديد من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، التي تكرس الاهتمام الكبير والالتزام الواضح للاتحاد الأوروبي، من أجل تطوير شراكة متقدمة وذات أبعاد شاملة، تجعل من المغرب طرفا في إرساء فضاء اقتصادي مشترك. وخلص إلى أن المغرب استطاع، من خلال التقدم المتسارع والناضج في مختلف المجالات والإصلاحات في العديد من القطاعات، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ترسيخ مكانته كبلد رائد وشريك ومتميز ومهم بجنوب المتوسط، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يطور معه شراكة أكثر تقدما.