يجمع كل المراقبين والمتتبعين للشأن العام في إقليمآسفي على أن الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في منتصف أبريل الماضي إلى هذه المدينة العريقة تشكل أهم حدث عرفه الإقليم في بحر هذه السنة وأيضا مرحلة تحول فاصل بين آسفي "الانتظار" وآسفي "الانخراط الكامل" في استراتيجية تنموية تلمس كل المجالات الواعدة وترمي إلى إنجاز عدد من المشاريع المهيكلة المندرجة في إطار الورش المجتمعي الدائم والمفتوح. ففضلا عن الدينامية التي سارت عليها المدينة طيلة السنوات الماضية من أجل الخروج من الظل ومعانقة المستقبل، يشدد المسؤولون العموميون والفاعلون الاقتصاديون والصناعيون والجمعيون بالمنطقة على أن الزيارة الملكية خلقت رجة قوية في القطاعات الاستراتيجية والحيوية التي من شأنها أن تجعل من هذه المدينة قطبا من الأقطاب الصناعية والاقتصادية بالمملكة وتكريس مكانتها بصورة أفضل على صعيد باقي القطاعات الاجتماعية. وتعليلا لذلك، فقد شكل كل من الميناء الجديد والموقع الصناعي المندمج بآسفي? اللذين أعطى جلالة الملك انطلاقة إنجازهما في أبريل الماضي? وجها من أوجه استراتيجية ستجعل من المدينة? حاضرة جهة دكالة عبدة? قطبا هاما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية? وسيكون لهما انعكاس إيجابي على باقي الجماعات بالجهة. ويندرج مشروع هذا الميناء الجديد? الذي يأتي لتعزيز البنيات التحتية الموجهة للنقل البحري الوطني? في إطار الإستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق سنة 2030 والهادفة إلى تعزيز جاذبية الاقتصاد المغربي? وضمان حصة للمغرب في سوق التجارة البحرية الدولية بين البحر الأبيض المتوسط وأوروبا والشرق الأوسط وآسيا. ويروم هذا المشروع بعث دينامية تنموية في المنطقة وإعطاء دفعة جديدة لإعادة التأهيل الحضري لمدينة آسفي عبر تحويل مينائها (آسفيالمدينة) الى ميناء للأنشطة التجارية والسياحة البحرية مع استعمال تقنيات ملائمة تأخذ بعين الاعتبار الرهان البيئي وإحداث فضاء ترفيهي لعشاق رياضة الموج. وتطمح هذه البنية التحتية المينائية الجديدة? الواقعة على بعد 15 كلم جنوب مدينة آسفي والتي سيتطلب إنجازها تعبئة غلاف مالي قدره 4 ملايير درهم? بالأساس إلى مواكبة قطاع الطاقة والصناعة الكيميائية للجهة? إلى جانب تطوير حركة النقل من صنف الحمولات الطاقية الكبرى والصناعة المعدنية. وسيمكن هذا الميناء من تلبية حاجيات محطة الطاقة الحرارية الجديدةلآسفي التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب? حيث سيتيح تزويدها بالفحم الحجري? سواء في مرحلتها الأولى أو الثانية? وتوفير قدرة مينائية هامة وقابلة للتوسع من أجل تغطية الاحتياجات المستقبلية لنقل واردات وصادرات المكتب الشريف للفوسفاط وغيرها من حركة النقل في مرحلة ثالثة. ويعد مشروع الميناء? الذي سيوفر أزيد من 750 منصب شغل مباشر خلال مرحلة التشييد و825 منصب شغل غير مباشر خلال مرحلة الاستغلال? محفزا حقيقيا لإنجاز مشاريع أخرى في المنطقة. وفي ما يخص الموقع الصناعي المندمج الجديد بمدينة آسفي (محور الفوسفاط بآسفي)? فإن هذا المشروع? الذي سينجز باستثمار يقدر بأزيد من 30 مليار درهم? سيساهم في بعث دينامية تنموية هامة على مستوى المحور المركزي للفوسفاط بالمغرب (الكنتور- آسفي). وسيمكن هذا المشروع الذي يشيد على مساحة ألف و300 هكتار في مرحلة أولى من تثمين الجودة الخاصة بفوسفاط حوض الكنتور? وفي مرحلة ثانية? تثمين فوسفاط مصقالة في الصويرة. وبمجرد تشييده? ستتم إعادة تأهيل المركب الحالي للمجمع الشريف للفوسفاط في آسفي ليصبح مركزا تكنولوجيا حقيقيا? من خلال تحوله إلى منطقة صناعية موجهة لشركاء المجمع ومركزا للتكوين لفائدة المستخدمين. وعلى صعيد المشاريع الجديدة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تهم القطاعات الاجتماعية والرياضية والثقافية وتروم إطلاق دينامية تنموية قوية على مستوى الإقليم فقد رصدت لها بنفس المناسبة استثمارات قدرها 5 ر 176 مليون درهم? وتهدف تحسين الظروف السوسيو اقتصادية للنساء ? ومحاربة الهدر المدرسي وتطوير قطاعات الصيد البحري والصناعة التقليدية والرياضة وتشجيع الأنشطة الثقافية على مستوى الجهة . وتجسدت أيضا الإرادة الملكية الراسخة حيال هذا الإقليم بتأهيل قطاع الصناعة التقليدية وتحسين ظروف عمل الحرفيين من خلال إعطاء انطلاق أشغال بناء قرية حرفيي الخزف بآسفي بغلاف مالي قدره (5 ر52 مليون درهم) وإنشاء فضاء لفائدة الصناع حرفيي القرميد بالجماعة الصعادلة (4ر 5 مليون درهم). وفضلا عن تطوير ظروف الإنتاج وتسويق المنتجات المحلية ? تروم القرية المستقبلية لحرفيي الخزف? أيضا مراعاة البعد البيئي في عملية الإنتاج? وتأهيل المقاولات العاملة في مجال صناعة الفخار وتحسين دخل الصناع التقليديين . ويهم هذا المشروع بناء 110 ورشة? ومقر غرفة الصناعة التقليدية? وقاعات للعروض? واقتناء معدات العمل اللازمة. أما فضاء الصناع حرفيي القرميد? فيهدف ، من جهته ، الى تثمين القرميد المحلي وتنظيم هذا القطاع الذي تشتهر به المنطقة . وبدوره حظي قطاع الصيد البحري بنفس العناية الملكية عبر تدشين مركب تجاري وإداري لفائدة أرباب قوارب الصيد التقليدي بميناء آسفي? والذي أنجز في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ إجمالي قدره 4 ر 12 مليون درهم. ويروم هذا المشروع الذي يهم إنجاز 910 محل تجاري ومرافق إدارية مجهزة? تنظيم وتحسين ظروف عمل أرباب قوارب الصيد التقليدي بالميناء. ويعتبر إشراف جلالة الملك على إعطاء انطلاق أشغال بناء مركز لتكوين وتأهيل النساء (5ر3 مليون درهم) وثلاث دور للطالبة ( 43ر3 مليون درهم) بالجماعات القروية "لمعاشات" و"مول البركي "و"سيدي التيجي"? تجليا مثاليا للعناية الملكية التي يوليها جلالته لقطاع التكوين . وسيوفر المركز الجديد لتكوين وتأهيل النساء والفتيات تكوينا للنساء في مختلف المهن (الخياطة? الحلاقة? الطبخ? الصناعة التقليدية? والإعلاميات...)? كما سيساهم في تعزيز التعليم الأولي. أما دور الطالبة الثلاث فستشكل من جهتها ? فضاءات للاستقبال والمصاحبة وتطوير قدرات الفتيات المنحدرات من أسر قروية معوزة ? وتروم محاربة الهدر المدرسي وتشجيع تمدرس الفتاة القروية. وبدورها تعززت البنيات التحتية السوسيو رياضية لمدينة آسفي بالمركز السوسيو رياضي للقرب? وكذا بمركب رياضي وخمسة ملاعب قرب لكرة القدم أعطيت بالمناسبة انطلاقة أشغال بنائها. وقد كلف إنجاز هذا المركز السوسيو رياضي للقرب أزيد من 3 ر 4 مليون درهم ويهدف? إلى تطوير المهارات الرياضية والفنية لدى الأطفال والشباب? ومحاربة الانحراف والهدر المدرسي وكذا الادماج السوسيو ثقافي والرياضي للساكنة المستهدفة عبر ضمان ولوج واسع للتجهيزات والخدمات الاساسية . ويضم المركب الرياضي ( 24 مليون درهم) ? بالخصوص? مسبحا أولمبيا? وأربعة ملاعب صغيرة للتنس? وقاعة مغطاة شبه أولمبية ( فضاء للألعاب ومدرجات تسع 2698 متفرج ) ومسبحا للأطفال ومطعما. آسفي 2013 : من مرحلة الانتظار إلى الانخراط الكامل في الورش التنموي المجتمعي الدائم والمفتوح / إضافة أولى وأخيرة أخبار اقتصادية / أخبار اجتماعية وبخصوص ملاعب القرب لكرة القدم ? فستساهم في تعزيز البنية التحتية الرياضية على مستوى الأحياء المستهدفة وتحفيز الشباب على ممارسة هذه الرياضة. كما شكلت مدينة الفنون والثقافة مباشرة بعد تدشينها من قبل جلالة الملك فضاء ذا طابع تربوي وثقافي ظهرت بوادره الأولى في تحسين ولوج الساكنة المحلية إلى بنيات التنشيط الثقافي والفني، وذلك من خلال أنشطة ثقافية وفنية نوعية كان آخرها هذا الشهر باحتضانها المعرض الجهوي الثالث للكتاب? الذي نظمته وزارة الثقافة بشراكة مع ولاية ومجلس الجهة كما أنها أصبحت تشكل إطارا مثاليا لبروز وتأهيل المواهب الجديدة. وتضم هذه البنية الثقافية الجديدة التي أنجزها مجلس جهة دكالة عبدة بمبلغ إجمالي يقدر ب 41 مليون درهم? بالخصوص? مسرحا ومعهدا موسيقيا وقاعات للعروض والمؤتمرات والحفلات والمعارض وفضاءات خضراء. وتجدر الاشارة الى أن إقليم أسفي شهد في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برسم الفترة 2011 /2013 ? تنفيذ 372 مشروعا باستثمار إجمالي يصل إلى أزيد 2 ر 185 مليون درهم ساهمت فيها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في حدود 8ر118 مليون درهم. وتندرج هذه المشاريع? التي يستفيد منها أزيد من 62 ألف شخص? في إطار البرامج الأربعة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمتعلقة بمحاربة الفقر بالوسط القروي ومحاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري ومحاربة التهميش والبرنامج الأفقي. ويعكس إنجاز مختلف هذه المشاريع الاهتمام الخاص لجلالته بمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية? مع الحرص على تتبع تقدم إنجاز هذه البرامج كما تشكل تجسيدا للطابع المتواصل والدائم لهذا الورش الكبير. وتشكل الطريق السيار الجديدة- آسفي? التي أعطيت انطلاقة أشغالها بمناسبة نفس الزيارة، واجهة أخرى من هذه الاستراتيجية التنموية الشاملة بالإقليم وتعد منشأة بنيوية هامة لتعزيز تنمية جهة دكالة- عبدة? لاسيما من خلال تحسين ظروف تنقل المسافرين عبر هذا المحور الممتد على مسافة 143 كلم? إلى جانب الرفع من مستوى السلامة الطرقية وتيسير اندماج المراكز الحضرية التي يجتازها ضمن محيطها الجغرافي والسوسيو- اقتصادي. وستحتم أشغال هذه الطريق السيار تحريك ما قدره 22 مليون متر مكعب من الترتيبات وإنشاء 115 منشأة فنية تتألف من 47 ممر علوي? و25 ممر سفلي? و16 ممر للسيارات? و23 ممر سفلي للراجلين? و4 ممرات علوية خاصة بالراجلين وكذا 3 جسور منها جسران على قناة والثالث على ضاية. وتروم هذه المنشأة الطرقية ? التي يندرج إنجازها في إطار العقد البرنامج الموقع في 2 يوليوز 2008 ما بين الدولة والشركة المغربية للطرق السيارة بالمغرب? تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس? تقريب المسافات بين المدن? من جهة? والتخفيف من وطأة حوادث السير المتفشية في المقطع الرابط بين الجديدةوآسفي? من جهة أخرى? إلى جانب تيسير حركة المرور بين شمال المغرب وجنوبه. وعلى الصعيد الفلاحي، الذي يعتبر من أهم ركائز الأنشطة الاقتصادية بالجهة فقد سجل تقرير للمديرية الجهوية للفلاحة أنه على الرغم من تأخر التساقطات المطرية فقد أمكن خلال السنة التي نودعها تحقيق إنجاز مهم لبرنامج الزراعة الخريفية? غير أن ضعف هذه التساقطات المسجل في الفترة الممتدة ما بين دجنبر 2012 ويناير 2013 أثر سلبا على نمو المزروعات في الأراضي البورية. فإلى نهاية شهر يناير الماضي? سجلت التساقطات المطرية معدلا إجماليا بأقاليم الجهة بلغ 188 ملم مقابل 190 ملم في الفترة نفسها من الموسم الماضي? و315 ملم في موسم 2010-2011. وبلغ احتياطي الموارد من الماء على سد أم الربيع 1ر3 مليار مكعب أي ما يناهز 91 في المائة? مما قد يكون له انعكاس إيجابي على الزراعات السقوية. وبلغت مقادير البذور المختارة الموزعة على الفلاحين بالجهة ما يقارب 145 ألف و300 قنطار? 32 بالمائة منها من القمح الصلب و68 في المائة من القمح الطري? مقابل 128 ألف قنطار خلال الموسم الفارط وتم? في هذا الإطار? فتح العديد من نقاط البيع خلال السنة الجارية? من أجل تقريب البذور من الفلاحين. وسجل منتوج الجهة من الحبوب في الموسم الفلاحي 2012 ما مجموعه 170 ألف قنطار? فيما بلغ حجم الأسمدة الموزعة على الفلاحين عبر نقاط البيع 51 ألف و300 قنطار فيما بلغت المساحات المزروعة بالحبوب الخريفية خلال الموسم الجاري 671 ألف و200 هكتار? منها 56 ألف هكتار مسقية. وبلغت مساحة البقوليات الغذائية بالجهة 31 ألف? خمسون في المائة منها مخصصة للجلبانة و40 في المائة للفول? فيما بلغت مساحة الأراضي الخاصة بزراعات علف الماشية 50 ألف و600 هكتار? 56 في المائة منها للشعير و21 في المائة للبرسيم و16 في المائة للفصة. أما مساحات الشمندر السكري فبلغت 12 ألف و600 هكتار من أصل برنامج حدد في 15 ألف هكتار? أي بنسبة إنجاز بلغت 85 في المائة فقط. وسجل الخصاص في المساحات التابعة لإقليمآسفي بنسبة 50 في المائة. وفي ما يتعلق بالخضروات? فقد بلغت مساحاتها المزروعة هذه السنة 24 ألف و 400 هكتار? منها 24 في المائة من البصل و10 في المائة من البطاطس. وبلغت مبيعات الحليب 75 مليون لتر? أي بنسبة ارتفاع 2 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية? كما سجلت مراكز تسويق الحليب إضافة أربعة مراكز ليصل عددها الإجمالي بالجهة إلى 418 مركزا. وارتفعت في غضون نفس الفترة أعداد التلقيحات الاصطناعية حيث بلغت 41 ألف تلقيح أي بزيادة قدرها 8 في المائة مقارنة مع السنة الماضية وبلغ عدد الماشية المستوردة 1883 رأس? منها 1817 من صنف الأبقار. فساكنة هذا الإقليم بكل مكوناته لامست ، خلال السنة التي نودعها ، عن قرب الآثار المتسارعة للأوراش السالفة الذكر التي ستعطي رونقا جديدا لخريطة تنموية جديدة للمنطقة والانتقال بها فعلا من مرحلة الانتظار إلى الانخراط الكامل في الورش التنموي المجتمعي الدائم والمفتوح.