تميزت سنة 2013 بمواصلة إنجاز عدد من المشاريع الرامية إلى تجسيد الطموح المتمثل في تحول المغرب نحو الطاقة النظيفة والمتجددة المتمثلة في الطاقة الشمسية والريحية خاصة وأنه يتوفر على إمكانيات طبيعية تؤهله لأن يكون في مصاف البلدان الأولى عالميا في هذا المجال. فبفضل 25 ألف ميغاواط من الطاقة الريحية و5ر6 كيلواط لكل متر مربع يوميا من الطاقة الشمسية، يتوفر المغرب على أحد أكبر المؤهلات في مجال الطاقات المتجددة. ففي ماي الماضي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقة أشغال بناء المحطة الأولى لمركب الطاقة الشمسية "ورزازات 1" الذي يحمل إسم " نور" وتصل قدرته الإنتاجية إلى 160 ميغاواط وثلاث ساعات للتخزين. وبهذا المشروع، الذي يشكل مرحلة هامة في استراتيجية النمو الأخضر، يكون المغرب قد اجتاز أولى المراحل العملية في مسلسل التنفيذ الأمثل لمخططه الطموح لإنتاج الطاقة الشمسية. وستصل الطاقة الإجمالية المرتقبة لمركب الطاقة الشمسية بورزازات إلى 500 ميغاواط على مساحة تفوق 2500 هكتار. ويشمل المخطط المغربي للطاقة الشمسية إنجاز خمس محطات لإنتاج الكهرباء من مصدر شمسي في كل من ورزازات وعين بني مطهر وفم الواد وبوجدور وسبخت الطاح، بتكلفة مالية تصل إلى 9 ملايير دولار أمريكي، مما سيمكن المغرب من إنتاج حوالي 2000 ميغاواط من الكهرباء في أفق سنة 2020. وسيمكن هذا المشروع من الوصول إلى طاقة إنتاجية من الكهرباء تناهز 4500 جيغاواط /ساعة سنويا، أي ما يعادل 18 بالمائة من الإنتاج الوطني الحالي. وفي إطار إستراتجية الطاقة، سيمكن مخطط الطاقة بالمغرب، الذي يمتد على عشر سنوات، من رفع القوة الكهربائية من أصل هوائي والموجودة حاليا من 280 ميغاواط إلى 2000 ميغاواط في أفق 2020. وفي أبريل من السنة التي تشرف على الانتهاء أعطيت بأكادير الانطلاقة الرسمية لمشروع "جهة تينو" للطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية الذي يندرج في إطار "الاستراتيجية الجهوية للوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية". ويكتسي هذا المشروع، الذي يسعى إلى المساهمة في اقتصاد الطاقة والرفع من استغلال الطاقات المتجددة في أفق 2020، أهمية خاصة بالنسبة لأكادير بالنظر إلى ترؤسها، منذ سنة 2010، للجمعية المغربية للمدن الإيكولوجية وطموحها لأن تكون ضمن المجموعة الأولى لمدن شمال إفريقيا المرشحة للاستفادة من برنامج "مينا إينرجي أوارد"، وفق المنهجية المستوحاة من المنظومة الأوروبية للطاقة والمعمول بها في تسع دول وأزيد من ألف جماعة أوروبية. وبدورها ، شهدت مدينة الدارالبيضاء خلال سنة 2013 تدشين وحدة للطاقة الشمسية الحرارية لإنتاج الكهرباء ب"تيكنوبارك"، وهو مشروع يهدف إلى المساهمة في تدعيم كفاءات المؤسسات والمقاولات المغربية في مجال التخطيط والتركيب والاستغلال والصيانة، إضافة إلى المساهمة في تحسين شروط الاستعمال التجاري للطاقة الشمسية الحرارية بالمغرب. وفي السياق ذاته، وبمناسبة تدشين هذه الوحدة، أعلن وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة السيد عبد القادر اعمارة عن عزم المغرب إنشاء هيئة تنظيمية وطنية مستقلة للطاقة في 2014 للسهر على احترام القواعد الجاري بها العمل في هذا الميدان، مؤكدا أن هذه الهيئة ينبغي أيضا أن تحافظ على استمرار القدرة التنافسية للفاعلين في سوق الكهرباء والغاز، وتحديد الأسعار، وشروط ولوج شبكة النقل والتواصل. وتقدر الميزانية المتوقعة للمشروع بنحو 420 ألف أورو تشمل تركيب التجهيزات والتكوين واللوجستيك والاستشارة، منها 186 ألف أورو ممولة من طرف هيئة التعاون الألمانية، فيما تمول الباقي شركة "سانسيت إنيرجيتكنيك". وفي نونبر المنصرم أعلن معهد الأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة أن حوالي 11 مؤسسة للبحث و14 مقاولة منظمة في إطار اتحادات، ستستفيد من تمويل إجمالي يصل إلى 24 مليون درهم لتمويل سبعة مشاريع مبتكرة في مجال الطاقة الشمسية الحرارية التي تعالج التجفيف الصناعي والمكيفات بالطاقة الشمسية في إطار طلب مشاريع "إينو تيرم 3" لسنة 2013. وقد وقع اختيار المجلس العلمي للمعهد على هذه المشاريع السبعة للبحث والتطوير في مجال الطاقة الشمسية الحرارية في إطار طلب مشاريع "إينو تيرم" الذي أطلقه المعهد بدعم من وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة. وتستجيب هذه المشاريع، المركزة على تطبيقات الطاقة الشمسية الحرارية، للاحتياجات على المستوى الوطني وتقدم حلولا مبتكرة لمختلف القضايا المرتبطة أساسا بالتجفيف الصناعي والتكييف والتبريد الصناعي والمنزلي وكذا بمختلف القطاعات الاقتصادية خاصة الفلاحة والصناعة والبناء. وبلغ طلب مشاريع "إينو تيرم"، الذي تم إطلاقه منذ سنة 2012 ، طبعته الثالثة، وقام في نونبر الماضي بتمويل 10 مشاريع قيد التنفيذ في مجال تحلية المياه بالطاقة الشمسية وتخزين الطاقة والعزل الحراري. وتشجع طلبات مشاريع معهد الأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة البحث والتطوير المطبق في الطاقات المتجددة من خلال تمويل يصل إلى 5 ملايين درهم لكل مشروع، بالإضافة إلى تعزيز التبادل بين الجامعات والمقاولات الوطنية والدولية بتوجيهها نحو الابتكار المستهدف مع مؤهلات صناعية في إطار الاستراتيجية الوطنية التي تتمحور حول تنويع المزيج الطاقي والرفع من استخدام الطاقات المتجددة وتطوير اقتصاد استهلاك الطاقة. وقد شكل المعرض الدولي للطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية الذي احتضنته الدارالبيضاء في شتنبر الماضي مناسبة للمهنيين لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية في السوق المغربية التي تعد بآفاق واسعة في مختلف المجالات المتصلة بقطاع الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، إذ يتمثل الهدف المنشود في أفق 2020 في الرفع من حصة الطاقات المتجددة إلى نسبة 42 في المائة من القدرة الطاقية الموجودة بالمغرب. كما انطلقت خلال سنة 2013 أشغال الهيئات العامة للنجاعة الطاقية، وهو المشروع الذي أطلقته الوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية بالنسبة للمغرب والخارج من أجل إعداد إستراتيجية وطنية للنجاعة الطاقية في أفق 2030 وجرد منجزات المغرب في مجال النجاعة الطاقية وإنجاز معايير جديدة في هذا المجال. ولا شك أن هذه المشاريع التي أنجزت أو التي توجد في طور الإنجاز ستمكن المغرب من أن يكون في مقدمة البلدان الرائدة في مجال الطاقة النظيفة، وسترسخ مكانته كنموذج يحتذى به على الصعيدين العربي والإفريقي في هذا المجال بفضل الاستراتيجية التي يعتمدها في تدبير القطاع لاسيما في مجال التكوين وإحداث مناصب الشغل.