قادت الأزمة الاقتصادية، التي أرخت بظلالها على لاس بالماس دي غران كناريا، عددا من المهاجرين المغاربة إلى تحويل وجهتهم نحو ألمانيا، وهولندا، وفلندا. مغربي ولبناني وسوري يتناولون العشاء في مطعم الريفي (خاص) حسب مهاجر مغربي، فإن المهاجرين المغاربة كانوا يشتغلون في البناء والميناء والتنظيف، فيما تشتغل أغلب النساء في الفنادق كمنظفات، ومربيات لبعض الأسر الثرية، إلا أن معظمهم غادر بسبب الأزمة الاقتصادية. ورغم الأزمة الخانقة التي تعاني منها لاس بالماس، إذ بلغت نسبة البطالة حوالي 35 في المائة، إلا أن بعض المغاربة صمدوا وحاولوا إنجاح مشاريعهم وتوسيعها، مثل عبد الرزاق الريفي، الذي يمتلك مطعما كبيرا وسط لاس بالماس، ويحمل اسم الريفي باللغة الإسبانية وهي "ريفينيو"، ولهذا المطعم شهرة كبيرة لدى الإسبانيين والمغاربة والعرب. زارت "المغربية" مطعم الريفي، وتحدثت إليه رفقة مستخدمين مغاربة قدموا من جهات مغربية مختلفة، من الريف ومراكش ودكالة والدارالبيضاء وتطوان، وكان كل العاملين منهمكين في إعداد وجبات العشاء المتنوعة (الطاجين، الحريرة، البسطيلة، المحنشة، الكسكس، والشاي المغربي الأصيل...). يقول عبد الرزاق الريفي في تصريح ل"المغربية"، إنه قدم إلى لاس بالماس منذ أزيد من 17 سنة، واشتغل في مجال الفندقة، وبعدها قرر فتح مطعم كبير وأسماه "ريفينيو"، حفاظا على هويته وانتمائه لمنطقة الريف. وأكد الريفي أن المطعم يعرف رواجا كبيرا على مدار الأسبوع، ويقصده زوار من مختلف الدول الأوروبية، وعلى رأسهم الألمانيون والاسبانيون، مشيرا إلى أن المغاربة، وخاصة الشباب الذين يشتهون الأكل التقليدي، يأتون يوم الجمعة وأيام الأعياد والمناسبات الدينية. وأضاف الريفي أنه هاجر إلى لاس بالماس ولديه طموح لإنشاء مصنع لتصنيع الجبن "في منطقة بركان، مؤكدا أنه سبق أن اشتغل في هذا المجال واكتسب تجربة كبيرة، ويتمنى أن يجد الترحيب في المغرب. وأكد أن مشروع "جبن كناريا" سيشغل عددا كبيرا من العمال، خاصة الشباب، ويمكن تصديره إلى دول أخرى بأثمنة مناسبة. ويشتغل مع الريفي أربعة مغاربة، بينهم أحمد، الدكالي الأصل والقادم من البيضاء منذ أزيد من 20 سنة، الذي قال ل"المغربية" إنه يشعر بسعادة كبيرة حين يرى زبناء مغاربة بنسبة 10 في المائة مقارنة مع الزبناء الأجانب. ومن بين النماذج الناجحة في لاس بالماس دي غران كناريا، فاطمة الزهراء، أستاذة اللغة الفرنسية ومترجمة، توجهت من منطقة الريف إلى مليلية المحتلة، وبعدها شدت الرحال إلى لاس بالماس. أقامت فاطمة الزهراء بلاس بالماس لأزيد من 18 سنة، وتجيد الترجمة من اللغة الإسبانية إلى الفرنسية، وتحظى بمكانة مهمة لدى بلدية لاس بالماس دي غران كناريا، إذ توجه إليها الدعوة للترجمة في اللقاءات والندوات الصحفية التي يعقدها العمدة. من جهته، يرأس رشيد بلخدير جمعية المركز الثقافي المغربي الاسباني، الذي يساهم في التعريف بالمغرب وقضية الصحراء المغربية، في إطار ما يعرف بالدبلوماسية الموازية.