لا شك أن مشاركة الجنود المغاربة في معركة تحرير كورسيكا سنة 1943، ستظل موشومة في الذاكرة الفرنسية المغربية، باعتبارها صفحة مشرقة من التاريخ العسكري المشترك. فقد وصل الجنود المغاربة في 13 شتنبر 1943 إلى أجاكسيو، استجابة لنداء الواجب والتضحية من أجل الانضمام إلى جيش التحرير الفرنسي لقتال الوحدات العسكرية الإيطالية والألمانية، التي غزت التراب الفرنسي. وستبقى الشجاعة والتضحيات التي أبان عنها المحاربون المغاربة خلال هذه المعارك الخالدة التي انتهت بتحرير كورسيكا إلى اليوم مضرب مثل في التاريخ الحديث للعلاقات المغربية الفرنسية. فبالإضافة إلى المساهمة في تحرير كورسيكا، شارك نحو 90 ألف مغربي بأمر من المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه في الحرب العالمية الثانية إلى جانب رفاقهم الفرنسيين في مواجهة المد النازي الألماني. ويشكل تاريخ 13 شتنبر 1939 محطة مضيئة في التاريخ المشترك، حيث وجه المغفور له محمد الخامس نداء تاريخيا للمغاربة من أجل الانخراط إلى جانب الحلفاء في الحرب ضد النازية والفاشية، وهو النداء الذي لقي صدى كبيرا لدى المواطنين الذين هبوا بكثافة في وقت كان فيه المغرب مايزال تحت الحماية الفرنسية. ولعبت الجالية المغربية المقيمة بفرنسا آنذاك دورا مهما في دعم المقاومة وجيش التحرير، كما ساهمت بفعالية في حصول المغرب على استقلاله الوطني. وضحى الجنود المغاربة بدمائهم وقدموا الغالي والنفيس من أجل استعادة فرنسا لحريتها واستقلالها. وتوج الدور البطولي للجنود المغاربة تحت قيادة المغفور له محمد الخامس من أجل تحرير فرنسا، من خلال توشيح جلالته طيب الله ثراه في 18 يونيو 1945 من قبل الجنرال دوغول، بوسام التحرير واعتبر بذلك رفيق التحرير وهو الوحيد من غير الفرنسيين الذي نال هذا الوسام. في هذا السياق، تندرج المشاركة المتميزة للمغرب في الاحتفالات المخلدة للذكرى السبعين لتحرير كورسيكا، التي تعد بمثابة اعتراف فرنسي بالتزام الجنود المغاربة وانخراطهم في هذه الملحمة ومناسبة لتكريم ذاكرة آلاف المحاربين الذين قاوموا من أجل الحرية. وحرصت فرنسا بهذه المناسبة على تكريم هؤلاء الجنود المغاربة الذين كان لهم دور حاسم في المعارك التي تم خلالها في أكتوبر 1943 دحر القوات الغازية الإيطالية والألمانية وطردها من التراب الفرنسي. وكان الوزير الفرنسي المكلف بقدماء المحاربين قادر عريف، الذي زار المغرب الثلاثاء المنصرم، من أجل مرافقة سبعة من قدماء المحاربين المغاربة الذين شاركوا في حرب تحرير كورسيكا سنة 1943 للمشاركة في احتفالات الذكرى السبعين لهذا الحدث، أكد أن هؤلاء الأبطال وهبوا شبابهم وحياتهم من أجل الدفاع عن قيم السلام والحرية، مذكرا بأن كورسيكا تحررت بفضل الالتزام والانخراط الخاص لهؤلاء الجنود إلى جانب رفاقهم الأفارقة. ويشكل تخصيص الجمهورية الفرنسية لطائرة خاصة لنقل الجنود السبعة للمشاركة في ذكرى تحرير كورسيكا اعترافا من أعلى مستوى في الدولة الفرنسية بتضحيات الجنود المغاربة ومساهمتهم الفعالة في صنع هذه الملحمة.