نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالرباط، بشراكة مع معهد "أسور" الهولندي والمركز الدولي لمناهضة الإرهاب بلاهاي، الأربعاء الماضي، بأحد الفنادق بالرباط، ورشة دولية في موضوع "تطوير المحاكمات المتعلقة بقضايا الإرهاب". نادي قضاة المغرب افتتحت الورشة بكلمة كلوديو ماطيرا عن معهد "أسور"، وبيتير كنوبي، عن المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، اللذين أوضحا معا أهدافها المتمثلة أساسا في فتح النقاش، وتحديد العناوين الكبرى لتكوين مستقبلي يدوم أربعة أيام حول تطوير التشريع، وكذا المحاكمات المتعلقة بقضايا الإرهاب. وتناول الكلمة نورالدين الواهلي، رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالرباط، الذي أوضح ظروف تنظيم الورشة، التي تأتي تكريسا لمبادئ نادي قضاة المغرب، لا سيما في شقها المتعلق بالتكوين المستمر للقضاة، وفي إطار الكشف عن الممارسات الجيدة الكفيلة بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق محاربة ظاهرة الإرهاب وتطويقها، وتكريس سيادة القانون بوصفة عماد الحماية القانونية لهذه الحقوق والحريات. وتدخل عبد الله الكرجي، القاضي بالمحكمة الابتدائية بالرماني، والباحث في صف الدكتوراة في موضوع "المقاربة الوقائية والعلاجية لتمويل الإرهاب"، مستهلا مداخلته بنبذة عن تاريخ الإرهاب ليخلص إلى أن الإرهاب لا يرتبط فقط بممارسة العنف بهدف إجرامي نفعي تقليدي بل قد يخضع للأيديولوجيا الفكرية المصلحية والسياسوية. وأكد أن هذا اللقاء يبقى بعيدا عن السياسة واعتباره محاكمة لمدى قدرة القاعدة القانونية التقليدية وتطويرها لتصبح قادرة على توفير مكافحة موضوعية وإجرائية ضد تمويل الإرهاب. وبخصوص المقاربة الوقائية فقد تطرق للجهود الدولية خاصة الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لسنة 1999، وقرارات مجلس الأمن، ووضع استراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب سيما بعد أحداث 11 شتنبر 2001، ودور المؤسسات المالية في مكافحة تمويل الإرهاب وبعض المؤسسات الدولية كلجنة العمل المالية لمكافحة غسل الأموال، وتوصيات لجنة "بازل" ومجموعة "ولفسبيرج"، التي انتهت إلى قلب دور الأبناك بدهاء من قناة مستقطبة لتمويل الإرهاب إلى جعلها آلية للمكافحة والضبط ما أعاد النظر في بعض المؤسسات القانونية، والمبادئ الثابتة كمؤسسة أو مبدأ السرية البنكية المصرفية، منتقلا للحديث عن المغرب راصدا بعض أوجه القصور كعدم ذكر الدولة ضمن الملزمين بتطبيق قانون 05/43. كما تساءل عن مدى فعالية بل وإلزامية المخاطبين بهذا القانون للتبليغ عن الاشتباه والشكوك، وعن عمل وحدة معالجة المعلومات المالية فقد لاحظ أنها ليست ذات طابع قضائي، بل هي تابعة مباشرة لرئيس الحكومة ناهيك عن طبيعة أعضائها؛ مما يظهر كون مفهوم الدولة حاضر وبقوة في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، أما بخصوص التدابير العلاجية لمكافحة تمويل الإرهاب فقد تطرق للتدابير التحفظية القضائية من عقل أو حجز الأموال المشتبه بها، وكذلك للمصادرة، ناهيك عن أهمية التعاون الدولي، خاتما بنموذجي أمريكا وإيطاليا وبعض التجار بالمقارنة في مجال مكافحة الإرهاب. وتطرق ياسين العمراني، القاضي بالمحكمة الابتدائية بالعرائش، والطالب الباحث بكلية الحقوق بفاس المختص في موضوع حقوق الإنسان في مداخلته لموضوع "الحقوق الإنسانية للمتهم والشاهد في قضايا الإرهاب"، فتحدث عن أهم الحقوق المقررة للمتهم والشاهد في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة حق المتهم في المحاكمة العادلة، وحق الشاهد في الحماية من الاعتداء. وبعد استعراضه أهم المعايير المقررة للمحاكمة العادلة، في إطار القانون الدولي الإنساني، تطرق لأهم الشوائب التي من شأنها المس بهذه المعايير، في إطار التشريع المحلي، سواء على مستوى القواعد القانونية الإجرائية أو الموضوعية، وعلى رأسها استعمال مصطلحات فضفاضة – كلفظ الإشادة بالإرهاب أو التحريض عليه أو إقناع الغير بارتكاب جريمة إرهابية... إلى جانب عدم تناغم بعض القواعد القانونية الخاصة بحماية الشهود أثناء الاستماع إليهم مع ضمانات المحاكمة العادلة، وعلى رأسها إمكانية إخفاء هوية الشاهد، التي تتعارض مع مبدأ العلنية، وحق المتهم في التواجهية وفي التمسك بأسباب التجريح...، مؤكدا في نهاية المداخلة ضرورة تحقيق نوع من التوازن ما بين هاجس محاربة الإرهاب وضمان معايير المحاكمة العادلة، في إطار قضايا الإرهاب، وتجاوز العيوب التشريعية التي من شأنها المس بهذه المعايير. حضر الورشة مستشارون وقضاة عاملون في مجال الإرهاب، رئاسة ونيابة، وكذا قضاة عاملون في مجال تبييض الأموال، وقاضيات متدربات بالمعهد العالي للقضاء، ومحامون ومحاميات، وممثلون عن باقي المتدخلين من درك ملكي، وإدارة سجون، ووحدة المعلومات المالية، وبنك المغرب، إضافة إلى ممثل لجنة العدل والتشريع، وممثل مديرية الشؤون الجنائية، وبعض ممثلي الجمعيات الحقوقية، إضافة لممثل قسم مناهضة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لإحدى المؤسسات البنكية بالجهة الشمالية.