نزار بركة: تعبئة شاملة لحزب الاستقلال من أجل الوطن والمواطن    انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    طقس الأحد: أجواء حارة نسبيا ورياح بعدد من الجهات    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران        اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجريمة الإرهابية وحقوق الإنسان

اختارت المنظمة المغربية لحقوق الانسان, الفندق التي شهد قبل عشر سنوات العمليات الإرهابية, لتنظم عشية الذكرى العاشرة لهذا الحدث يوما دراسيا حول «الجريمة الإرهابية وحقوق الإنسان» . وفتحت المجال لعشرين مداخلة توزعت على ثلاث جلسات (ترأسها الاستاذ آمحمد كرين عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الانسان) ومائدة مستديرة تناولت الموضوع من زوايا عدة ، واسترجعت تفاصيل ما جرى وسياقاته ومقاربات التعامل معه وتداعياته ...
الدكتور محمد النشناش, رئيس المنظمة ألقى كلمة الافتتاح التي اعتبرت بمثابة أرضية مؤطرة لليوم الدراسي (نصها في مكان آخر من الصفحة). المندوب الوزاري لحقوق الانسان الاستاذ المحجوب الهبة ركز في تدخله على موضوع ضحايا العمليات الإرهابية الذين تم إغفالهم دوليا واقليميا ووطنيا ، خاصة في الخمسة عشر الاخيرة التي شهدت العديد من العمليات في مختلف بلدان العالم . وأشار إلى نقاش تم فتحه منذ أربع سنوات بمجلس حقوق الانسان بجنيف, يتمحور حول التكفل بالضحايا وحفظ الذاكرة بالنسبة لهم باعتبارها أحد المداخل الرئيسية لمكافحة الارهاب .
واسترجع الهبة بعضا من الوقائع التي تزامنت مع أحداث 16 ماي 2003 ومن بينها أن المجلس الاستشاري لحقوق الانسان آنذاك ، كان يناقش مشروع توصية إحداث هيئة الانصاف والمصالحة, لكن ماحدث وقتها لم يدفع المغرب للتراجع عن إنشاء هذه الهيئة بفضل الاختيار الاستراتيجي لحقوق الانسان الذي سار فيه .
وقارن المندوب الوزاري وهو يتحدث عن التطورات التي عرفها المغرب بين العمليات الارهابية بالدار البيضاء وعملية أركانة التي وقعت العام الماضي ، ولاحظ أن هناك تطورا في المؤسسة الأمنية وحكامتها من خلال شرطتها العلمية وتعامل أفرادها مع ماوقع بعد 16 ماي, إذ لم يعد عدد المعتقلين بنفس الحجم, ولم تعد المدة الزمنية لمعرفة المنفذين أطول كما كانت في السابق...وشدد على أنه لايجب البحث في مبررات العمليات الارهابية لا في الاقتصاد أو السياسة...وأكد على ضرورة التركيز على قيم التسامح والاختلاف وقبول الآخر في أي مقاربة أو استراتيجية يتم تبنيها.وأنه لايمكن لنا أن نقايض اتخاذ الاجراءات لمكافحة الارهاب وحقوق الانسان.
وتناول الكلمة باسم المجلس الوطني لحقوق الانسان, نيابة عن رئيسه الاستاذ ادريس اليازمي ، مصطفى العراقي عضو المجلس رئيس مجموعة العمل حول ملاءمة التشريعات وتقييم السياسات العمومية (نصها في مكان آخر من الصفحة).
في كلمة السيدة سعاد الخمال,التي كانت آثار الفاجعة بادية في نبراتها وتعابيرها . فهي التي فقدت الزوج والابن في أحداث 16 ماي . وناضلت طيلة عقد من الزمن من أجل مراعاة حقوق الضحايا الذين حرموا من الحق في الحياة وخلفوا وراءهم أسرا يجب الالتفات إليها ...
ونبهت الخمال التي تحدثت باسم الجمعية المغربية لضحايا الارهاب ، إلى أنه بالرغم من مرور عشر سنوات, فهناك ضحايا لم يتوصوا بتعويضات,وأنه ليس هناك آلية لدعم الضحايا كما هو الشأن في العديد من البلدان .
ولإبراز أهمية الموضوع واعتباره موضوع الساعة, انطلقت كريستينا بيرك ممثلة مؤسسة فريديريك إيبرت من الوقائع التي تعرفها بعض مناطق العالم راهنا مثل إعلان حالات الطوارئ في عدد من ولايات نيجيريا بسبب تنامي عمليات منظمة "بوكو حرام"، والمحاكمة التي تجري لأفراد تنظيم نازي بألمانيا قتل عشرة أشخاص ما بين 2007 و2011 . مبرزة أن الديمقراطية معرضة لمخاطر العمليات الإرهابية وأن الديمقراطية ليست ولن تكون ضعفا بل هي قوة في مواجهة الإرهاب .
النقيب عبد الرحيم الجامعي, قدم مداخلته تحت عنوان "الجريمة الإرهابية وحقوق الإنسان " تناول فيها على الخصوص ماعرفه العالم منذ أحداث 11 شتنبر 2001 وما أصدره مجلس الأمن الدولي من قرارات عززت قوة اعتبرت نفسها مضادة للإرهاب تبحث عن التمويل والتعاون القضائي والمخابراتي والامني. وتوقف الجامعي عند القانون المغربي 03-03 حول الارهاب الذي لم يتضمن أي إشارة إلى الضحايا وحقوقهم وممتلكاتهم. وأشار إلى أن هناك فرقا شاسعا بين المرسوم الذي صدر عقب أحداث 16 ماي 2003 ومرسوم أركانة بشأن التعويضات , فهي أكبر في الثاني لأن الضحايا أجانب .
وفي سياق معرض حديثه عن الضحايا, لاحظ النقيب الجامعي أنه لم يتم اشراك ذويهم لا في البحث ولا في التقصي ولم يعط لهم الحق في معرفة الحقيقة . وحتى السلطات العمومية لم تحدد الوسيلة للتكفل بالعائلات في تكاليف القضايا أمام المحاكم ولم تشجع الدولة خلق جمعيات للدفاع عن الضحايا .
الاستاذ أحمد العبادي رئيس الرابطة المحمدية للعلماء وعضو المجلس الوطني لحقوق الانسان, جاء عرضه تحت عنوان :« تفكيك مقولات الارهاب» أبرز في مدخله أن أخطر مايمكن أن يقع للكائن هو أن يتوهم أنه كلياني ويفقد نسبيته . وحين يفقد نسبيته يصبح كاسرا وفاتكا . إن الانسان حين يعجز عن تفسير ظاهرة أو الامساك بها وتفهمها فإنه يملأ الفراغات بأبعاد توهم بأنها حقائق بيد أنها ليست كذلك .
وتطرق الاستاذ العبادي إلى أن هناك أدبيات كالطبقات الجيولوجية تدغدغ كرامة المسلم والعربي وحددها في ثمانية أبرزها : قضية التآمر على الوحدة الاسلامية والاطاحة بالخلافة العثمانية في سنة 1924 وفككوا وحدة الامة في الوقت الذي كانوا يشكلون وحدتهم (الولايات المتحدة الامريكية والسوق الاوربية والناتو ووارسو ...) .
- الاستعمار وماخلفه من نهب للخيرات وتجزئة وضحايا بالملايين ...
- غرس اسرائيل بالمنطقة وزرعها بين ظهرانينا .
- الإدلال الذي يمارسه الغرب علينا من خلال معاييره المزدوجةوانحيازه ضد كل القضايا العربية ولاسلامية
- نهب الخيرات من خلال الشركات المتعددة الجنسية ...
- الاهانة المتواصلة للعربي والمسلم في الاعلام الأفلام الغربية حيث يتم تصويره كإرهابي متخلف وسخ ...تلصق به كل التهم.
وفي المستوى الثاني من عرضه تناول الاستاذ العبادي آلية التعاطي وكيفية التعامل مع المرجعية الدينية في عالمنا العربي والاسلامي والمتمثلة أساس في «عدم»التنكر لعلماء الدين السابقين وكأنه إن حصل ذلك فإنه نقض للعهد . وأبرز لمستوى المتواضع الذي آلت إليه الدراسات الاسلامية وشعب الشريعة في الكليات المغربية حيث لم يعد الطالب يدرس سوى أوراقا لايتجاوز مجموعها المائة وفي مدة لاتتعدى شهرا بسبب ماتعرفه الجامعة من إضرابات وتوقفات ...وهانحن اليوم أمام أكثر من 120 ألف خريج منتشرون في الطبيعة منذ سنة 1985 . مما ساهم في فتح الباب أمام أطروحات وتفسيرات ...
واورد الاستاذ العبادي أن المغرب بحاجة اليوم لإعادة تأهيل وبناء القدرات للعلماء البسطاء في قضايا عديدة مثل السيدا والادمان والمساواة وماتقيسش ولدي...
وتحدث في اليوم الدراسي كل من الاستاذ النقيب مصطفى الريسوني في موضوع « الارهاب عدو الانسانية»وأحمد الحمداوي (الدوافع النفسية للأعمال الارهابية) وميمون الشرقي (الارهاب في القانون الدولي ) ويوسف البحيري ومصطفى الحنفي (الاصولية والارهاب) ومحمد رقوش ( مقاربات لتعديل قانون مكافحة الارهاب) . وشارك في المائدة المستديرة ( دور المجتمع المدني لمناهضة الارهاب ) التي عقدت بعد الزوال وترأستها الاستاذة خديجة الكور كل من محمد السكتاوي رئيس فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب ولحبيب بلكوش رئيس مركز الوسيط للديمقراطية وحقوق الانسان وومسعود بوعيش عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الانسان وسعاد الخمال البكدوري عن الجمعية المغربية لضحايا الارهاب وأمين السعدي.
المجلس الوطني لحقوق الانسان
يجب احترام الكرامة الأصيلة، وشروط المحاكمة العادلة وقرينة البراءة
يشارك المجلس الوطني لحقوق الانسان في أشغال هذا اليوم الدراسي الذي يتناول موضوع «الجريمة الإرهابية وحقوق الإنسان»، آملا أن يكون هذا اللقاء مناسبة جديدة سانحة لمناقشة هذه الإشكالية من منطلقات تراعي حقوق الإنسان من خلال وضع الموضوع في سياقاته الوطنية والدولية لحقوق الإنسان.
فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره مؤسسة دستورية وطنية لحقوق الإنسان تابع هذا الموضوع ولا يزال يتابعه من منطلق اختصاصاته ومجالات تدخله، حرصا منه على حماية حقوق الإنسان والحريات والنهوض بها وتتبع مدى احترامها ورصد أوضاعها على الصعيدين الوطني والجهوي، ومن هذا المنطلق يساهم المجلس في بحث ودراسة ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية مع المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ويقترح بشأنها توصيات يراها مناسبة ويرفعها إلى السلطات الحكومية المختصة.
وهذا ما اقترحه المجلس في مختلف مذكراته الصادرة في هذا الصدد، وفي النقاشات التي ينظمها في إطار إغناء الفكر والحوار التعددي حول مختلف قضايا حقوق الإنسان، كما يشتغل المجلس على مقتضيات قانونية تحتاج إلى الملاءمة مع مقتضيات الدستور خاصة منها تلك المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية من جهة ومع مكونات القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني من جهة ثانية.
كما يحرص المجلس على المساهمة في برامج التربية والتكوين والتوعية والتواصل في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان، علاوة على المساهمة في النهوض بثقافة حقوق الإنسان وإشاعتها وترسيخ قيم المواطنة المسؤولة في مجالات التربية والتكوين والإعلام والتحسيس، وهذا ما عكسه مشروعان مهيكلان: الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي تتضمن جزءا هاما حول تعزيز الحماية القانونية لحقوق الإنسان، والأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان التي تشكل آلية وطنية قوية بامتياز لحماية حقوق الإنسان من قبل مختلف مؤسسات الدولة بسائر مكوناتها، وفعلا بيداغوجيا ينمي قدرات الأفراد والجماعات تجاه حقوقهم الإنسانية ومسؤولياتهم تجاه حقوق الآخرين. وهذان الورشان المهيكلان مفتوحان أمام الجميع للانخراط من خلالهما في :
- تأمين تقوية دولة القانون وتعزيز الديموقراطية وانخراط المغرب في المنظومة الدولية لمرجعية حقوق الإنسان؛
- مأسسة حماية حقوق الإنسان عبر إعمال مختلف الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك، ونشر التشبع بقيم التسامح ومكافحة مختلف أشكال العنف والميز والكراهية المؤدية لهما؛
- جعل الضمانات التشريعية والمؤسساتية والإدارية في مجال حماية حقوق الإنسان تترسخ كاختيارات ويتم تفعيلها على أرض الواقع؛
- تحصين فحوى الحريات والحقوق بالقدر الكافي ضد أية تقلبات للعمل التشريعي والتنظيمي والإداري العادي؛
- تنمية الوعي بحقوق الإنسان بما تعنيه من تقوية للقدرات لمختلف المتدخلين، ولاسيما المكلفين بإنفاذ القوانين ومساعدي العدالة، ومن تمكين للأفراد والجماعات من التمتع بتلك الحقوق كاملة، والمطالبة بها في حالة الخصاص، وحمايتها من كل أشكال الإنتهاكات والنهوض بها، مع الإلتزام بواجبات المواطنة.
إذا كان المنتظم الدولي قد أقر آليات مؤسساتية وقانونية لمكافحة الأفعال الإرهابية حيث يوجد اليوم ما لا يقل عن 16 صكا دوليا لمكافحة هذه الأفعال، انضمت إليها العديد من الدول ولاءمت قوانينها الوطنية مع مقتضياتها، فإنه تم التأكيد، في ذات الصكوك، على ضرورة كفالة الدول الأعضاء أن أي إجراء يتخذ لمحاربة الأفعال الإرهابية ينبغي أن يتلاءم ويتناسق مع جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي واعتماد هذه التدابير بما يتفق مع قانون حقوق الإنسان، ولا بأس من التذكير مجددا أن حقوق الإنسان عالمية وتنطبق على جميع الأشخاص، بمن فيهم المشتبه في إرتكابهم أخطر الجرائم مثل الأعمال الإرهابية. وبموجب قانون حقوق الإنسان، يجب معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم بإنسانية وباحترام لكرامتهم الأصيلة، كما يتعين احترام مبادئ وشروط المحاكمة العادلة ومن ضمنها قرينة البراءة.
وختاما يعبر المجلس عن يقينه أن يشكل هذا اللقاء، من خلال المحاور التي أعدها المنظمون، فرصة للتعاطي بهدوء وبُعد نظر مع مختلف الإشكالات التي يطرحها الموضوع، ويبقى هاجسنا أن يتم ذلك في إطار القيم الكونية لحقوق الإنسان في شموليتها حماية للحقوق والحريات كما هي متعارف عليها عالميا وكما تأكد ذلك مجددا في الدستور المغربي الذي رصد اثنين وثلاثين فصلا (من الفصل 5 إلى الفصل 37) للحقوق والحريات، من أصل المائة وثمانين فصلا التي يتضمنها، مثلما نص هذا الدستور على دور الدولة والأجهزة الحكومية في ضمان الحقوق والحريات وممارستها ومسؤوليتها عن خرقها وانتهاكها في السياقات المستوجبة لذلك، وربط احترام الحقوق والحريات بمبدأ المساءلة والعقاب.
احترام القانون هو السبيل الأمثل لمواجهة كل أشكال الإرهاب
د. محمد النشناش
حظي العنف باهتمام كبير من طرف المشرع الجنائي, بحيث أنه سلوك غير مشروع وجدير بالمواجهة الجنائية فهو يمس بصفة أساسية الإنسان في السلامة البدنية والحق في الحياة أو حتى حقه أيضا في العيش في مجتمع آمن.
تحتل اليوم جرائم العنف الإرهابية مراتب متقدمة ضمن صفوف جرائم العنف, نظرا لخطورة النتائج الإجرامية التي تترتب عن مثل هذه الجرائم، فهي تمس المجتمع في كيانه وبنيانه وفي الأسس الشرعية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يرتكز عليها من جهة ومن جهة أخرى, فإن مثل هذه الجرائم تصنف ضمن زمرة الجرائم المنظمة فهي جرائم تتكون من مجموعة متعددة ومعقدة ومتشابكة من الأنشطة الإجرامية والعمليات السرية الواسعة النطاق، تصدر من جماعات من البشر لها من التنظيم المحكم والوسائل الكافية للقيام بسلسلة من الجرائم بغاية تحقيق أهداف غير مشروعة.
ومن المتفق عليه اليوم دوليا, أن الإرهاب جريمة دولية ضد الإنسانية وقعت الإشارة إليها ضمن مشروع تقنين الجرائم ضد سلام أمن الإنسانية جمعاء الصادر عن لجنة القانون الدولي المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة سواء في صورته الأولى سنة 1954 المعروفة باسم مشروع "سبيسروبولوس" المادة 5 منه أو في صورته الثانية سنة 1991 (المادة 24).
إلى جانب ذلك تكاثفت الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب, فعقدت مؤتمرات سياسية إقليمية ودولية ولاسيما في العقدين الأخيرين توجت بصياغة عدة اتفاقيات ويبقى أهمها:
- اتفاقية جنيف لسنة 1937 حول الإرهاب؛
- اتفاقية واشنطن لدول الأمريكية لسنة 1971 بشأن مقاومة الإرهاب؛
- الاتفاقية الأوروبية لمقاومة الإرهاب الموقعة بستراسبورغ سنة 1977؛
- اتفاقية طوكيو والخاصة بالجرائم التي ترتكب على متن الطائرات الموقعة في 14 شتنبر 1963؛
- اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني الموقعة بمونتريال 23 شتنبر 1971؛
- اتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون والمعاقبة عليها التي اعتمدتها الجمعية العامة في 17 دجنبر 1979؛
- اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية الموقعة في فيينا مارس 1980؛
- اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1983 المتعلقة بالقرصنة البحرية والموقعة في 20 مارس 1988؛
- الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل التي اعتمدتها الجمعية العامة في 15 دجنبر 1997؛
- الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة بالقاهرة في 22 أبريل 1988؛
- اتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الموقعة بنيويورك 10 يناير 2000؛
إن هذا الكم الهائل من الاتفاقيات الدولية والإقليمية يبين الرغبة الملحة للمجتمع الدولي في تعزيز التعاون بين جميع مكوناته لمكافحة الجرائم الإرهابية التي أصبحت تهدد أمن الإنسانية واستقرارها وتشكل خطرا على مصالحها الحيوية, ناهيك أيضا عن تهديدها الواضح لقيم حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية.
أمام تصاعد الأفعال الإرهابية وانتشارها في مختلف أرجاء العالم وتناسل العديد من المنظمات والجماعات والخلايا الإرهابية كان لازما على المشرع الجنائي مواكبة مثل هذه المخاطر حتى يتسنى له مواجهتها ومكافحتها من خلال التوسع في التجريم والتشديد في العقاب، فبادرت العديد من الدول إلى تعديل تشريعاتها الجنائية الموضوعية منها والإجرائية لصد مثل هذه الجرائم وكذلك فعل المشرع المغربي من خلال تعديل القانون الجنائي المغربي والمعروف بقانون 03.03.
إلا أن الحاجة لمثل هذه التشريعات لا تنهض كمبرر لاستبعاد القواعد والحقوق المكفولة للمتهمين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان أو التشريعات والقوانين الداخلية.
فاحترام الضمانات الأساسية للمتهمين أثناء توقيفهم أو الاستماع إليهم أو غير ذلك من مراحل التحقيق والمحاكمة لا ينتقص بأي حال من الأحوال من فعالية الإجراءات الكفيلة بمحاربة الإرهاب من لدن الجهات المختصة.
إن القيام بجرائم ما لها بواعث مختلفة منها الاقتصادية والظروف الأسرية والمخدرات والحالة النفسية, كما أن ميولات قد تكون وراثية تدفع إلى ارتكاب الجرائم.
وإذا كان علم الجرائم أصبح اختصاصا في حد ذاته، فإن الدول المتطورة اهتمت بدراسة الصورة والحالة النفسية لمرتكبي الجرائم الموصوفة.
وإذا لاحظنا حالات سجوننا نجد أن عددا كبيرا قد يصل إلى الثلث من المحكومين بمدد طويلة أو المحكوم علهم بالإعدام لهم اختلالات نفسية.
فهل يكون مسؤولا من يرتكب جريمة ما تحت وطأة المخدرات أو ارتباك نفسي عميق، قد يكون مؤقتا؟
ومن جهة أخرى عندما يدعي المتهم أن التعذيب مورس عليه، ألا يجب قطعا على القاضي إخضاعه على الخبرة الطبية ؟
إننا نلاحظ أن هذه الحالات يتصرف بها القضاة بطريقة مختلفة حسب اقتناعاتهم, فأحيانا يستأنسون بالخبرة الطبية أو النفسية وغالبا ما يتجاهلون ذلك.
ونحن في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وفي إطار (الفصلين الدستوريين 119-120) وتحقيقا للمحاكمة العادلة.
نعتقد أن الخبرة الطبية والنفسية يجب أن تساعد القضاة على إقرار الحق وضمان حقوق المتقاضين.
فبجانب المقاربة الأمنية الاستبقائية نعتقد أن الرد الديمقراطي هو الأمثل في مناهضة الإرهاب.
إن احترام القانون هو السبيل الأمثل لمواجهة كل أشكال الإرهاب وذلك نجد ضمان الحقوق الإنسانية والكرامة وعدم الخلط والتجاوز كما يجب منع التعذيب.
فالديمقراطية والسلطة السياسية الشرعية هي البدائل الوحيدة لمواجهة الحكومات المتسلطة والدول الفاشلة وكذا مناطق النزاعات.
إن المجتمع المدني والديمقراطية هي البدائل للإرهاب.
ونعتقد أن لا يقبل أي تبرير للعنف الإرهابي تحت أية ذريعة فلسفية، سياسية، فكرية، عقائدية أو دينية.
ومن جهة أخرى, فإن الالتزام واحترام القانون والحكامة الديمقراطية هي الإطار الحقيقي لمواجهة الإرهاب، كما أن التهميش والفقر والعنف والظلم وغياب الممارسة الديمقراطية من مسببات الإرهاب.
ونؤمن أن المجتمع المدني والمواطنين جميعهم يجب عليهم القيام بدور فعال لحماية الحياة الطبيعية وذلك عبر رفض كل أنواع التطرف والعنف السياسي والتربية على التسامح.
فعلى المجتمع المدني أن يشجع الحوار الديمقراطي وإسماع صوت الأقليات والمخالفين في الرأي.
لهذا, فإن هذه الندوة التي يلتقي فيها أساتذة جامعون وقضاة ومحامون وأطباء وحقوقيون مناسبة لتعميق الدراسة وتبادل الآراء، مما يمكننا من تقديم توصيات لدعم القضاة في إقرار العدل والمساواة.
والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان تفتح اليوم مثل هذا النقاش والحوار الجاد والمسؤول حول التوازن المطلوب بين ضرورة التصدي بلا هوادة لمثل هذه الجرائم الخطيرة وبين ضرورة احترام حقوق الإنسان والحقوق الأساسية بالنسبة للمشتبه بهم.
فهي تعي جيدا من خلال تتبعها ورصدها اليومي لمخاطر هذا النوع من الجرائم وانعكاساتها السلبية على حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية.
لذلك نعتزم من خلال هذه الندوة وما سيليها من ندوات تعميق النقاش بغاية المساهمة في اقتراح حلول شاملة وواقعية لمجابهة هذا التحدي دون الانسياق وراء أي طرح خارجي بخصوص الموضوع ودون مساومة أيضا فيما يتعلق بانتهاك الحقوق والحريات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.