افتتحت، صباح اليوم الثلاثاء، جلسة محاكمة معتقلي أحداث الحسيمة أمام الغرفة الجنائية الابتدائية باستئنافية البيضاء على ايقاع الجدل من جديد بين الدفاع وهيئة الحكم حول خروج المتهمين من القفص الزجاجي، والامتثال مباشرة أمام الهيئة القضائية. فبعد أن تأخرت الجلسة عن موعد انطلاقها بأزيد من ساعة، أدخل المتهمون، وعددهم 54، بينهم 5 في حالة سراح، بعد أن قررت المحكمة، الأسبوع الماضي، ضم ملفاتهم الثلاثة "احمجيق ومن معه وللزفزافي ومن معه، والصحافي المهداوي"، إلى القفص الزجاجي، وشرع رئيس الجلسة في المناداة عليهم مخاطبا إياهم برفع يد كل من سمع اسمه للتأكد من حضوره، وهو ما رفضه المتهمون إذ لم يرفع أحد يده طوال المناداة عليهم سوى المتهمون في حالة سراح، والصحافي المهداوي، الذي احتج على وضعه كصحافي داخل القفص، ومنعه من المثول أمام المحكمة. وبعدها قال رئيس الجلسة المستار علي طرشي إنه يسجل على المتهمين عدم تجاوبهم مع مناداة الهيئة عنهم للتأكد من حضورهم، كما قال "نسجل بأسى وأسف عميقين عدم تجاوب الدفاع مع قرار المحكمة بخصوص ضم الملفات، وهو ما عقب عليه دفاع المعتقلين في شخص المحامي محمد أغناج، موضحا أنه ذهب شخصيا للحصول على قرار للمحكمة بخصوص ضم الملفات، ورفض طلبات السراح، لكنه لم يجده محررا، وطالب الهيئة بمنحه القرار مكتوبا داخل الجلسة وسيقوم بتصويره حالا جميع المتهمون. وبخصوص عدم تجاوب المتهمين مع المحكمة، قال أغناج إن المعتقلين لا يعتبرون مخالفين لقرار المحكمة حين لم يتجاوبوا مع نداءها، مدام الأخيرة لم تطبق مقتضيات المادة 422 من قانون المسطرة الجنائية، التي تنص على مثول المتهم أمام المحكمة، وفي حالة خطورته على نفسه أن توضع الأصفاد في يده أو يرافقه رجل أمن، مشيرا إلى أن هذا غير مطبق في هذه المحاكمة. وآخذ المحامي أغناج علي المحكمة تطبيقها لمادة في مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد التي كانت ومازالت محط نقاش عميق، بل إن المجلس الوطني لحقوق الانسان طالب بإبقاء هذه المادة على حالها وعدم تعديلها، نظرا لما تنص عليه مقتضياتها من مخاطر على حقوق المتهمين في المثول أمام المحكمة واحترام قواعد المحاكمة العادلة، معتبرا أن الوضع في القفص الزجاجي لا يحقق شروط المتهم بالمثول في الحرية ودون ضغط أمام المحكمة. وحاول بعض المحامون التدخل لتوضيح النقطة ذاتها للمحكمة، وهو ما رفضته الأخيرة، وسمحت للنيابة العامة بأخذ الكلمة والتعقيب على ما قاله المحامي أغناج، فثارت حفيظة المحامين الذين رفضوا منح الكلمة للنيابة، ومنع هيئة الحكم لهم من الكلمة، بل منهم من احتج مطالبا بتكافؤ الفرص بين الدفاع والنيابة العامة في هذه المحكمة، في حين تساءل أحدهم عن موقع الدفاع في هذه المحاكمة التي لا يتمكن فيها من رؤية موكله يمثل أمام المحكمة للدفاع عنه. وتدخل النقيب السابق لهيئة المحامين بالبيضاء، عمر ودرا، مطالبا المحكمة برفع الجلسة لبرهة من الزمن حتى يتخابر الدفاع فيما بينهم ومنحه الفرصة للوصول إلى نوع من التفاعل لإزالة سوء الفهم ووضع سيناريو حقيقي لمحاكمة عادلة للجميع، وهو ما استجابت له هيئة الحكم.