أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أمس، صلاة الجمعة بمسجد "الساقية الحمراء" بالدارالبيضاء. (ماب) وبين الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أن الأسرة تعد لبنة أساسية من لبنات الأمة، التي تتكون من مجموعة أسر يرتبط بعضها ببعض، وأنه من الطبيعي أن البناء المكون من لبنات يأخذ ما لهذه اللبنات من قوة أو ضعف، بحيث كلما كانت اللبنات قوية متماسكة ومنيعة كانت الأمة المكونة منها أمة قوية متماسكة، وكلما كانت اللبنات ضعيفة ومفككة كانت الأمة كذلك. ومن هنا، يضيف الخطيب، كانت العناية بتقوية الأسرة من أهم ما يجب على المصلحين رعايته وأخذ الأسباب له، بتوخي المرتكزات القويمة التي يشيد عليها صرح الأسرة، مبرزا أن الزواج هو أصل الأسرة، به تتكون ومنه تنمو، سيما أن الله جعل الزواج سنة من سننه الكونية، كما أن الإسلام أحاط رباط الزوجية بسياج منيع ووطد أركانه بقيود وشروط حتى لا تعصف به المشاكل والاضطرابات. وأشار إلى أن الإسلام وضع كذلك أسسا وضوابط قوية لبناء الأسرة، تشكل دستورا لو تمسك به كل من عزم على الزواج لن يضل سبيل الهدوء النفسي والسعادة والطمأنينة الزوجية، كما أن الإسلام أرشد كلا من الرجل والمرأة إلى الحرص على عنصر الدين عند الاختيار، مشيرا إلى أن الإسلام أوصى كذلك ولي أمر الفتاة بحسن اختيار الزوج، وأن يكون ذا خلق ودين، على أن يتم الزواج برضى الطرفين كشرط لصحة عقد الزواج. وأكد الخطيب أن القرآن الكريم نظر إلى ما للزواج من مكانة سامية في حياة الفرد والأسرة والأمة فرفعه إلى درجة عقد تتم التزاماته بالإيجاب والقبول وشهادة الشهود، فجعله "ميثاقا" تتحمل الضمائر التي تعرف معنى الميثاق مسؤوليته وتبلغ جهدها في سبيل المحافظة عليه حتى يكون رباطا يندمج به كل من الطرفين في صاحبه فيتحد شعورهما وتلتقي رغباتهما، مبرزا أن المرء يستطيع أن يدرك عن طرق قريب المكانة السامية التي وضع سبحانه وتعالى الزواج فيها وجعله، في التعبير عنه، صنوا للإيمان بالله وشرائعه وأحكامه. وبخصوص اهتمام الإسلام بالزوجة، ذكر الخطيب بقول الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا". وقال إن هذا التوجيه الرباني يصب في صالح الزوجة والزوج معا، وهو دعم لصرح الأسرة وقوة ثباتها ونهي عن التضييق وشد الخناق على المرأة بالتزمت في معاملتها، كما أنه أمر بالمعاشرة الطيبة، التي يقرها العرف النابع من الكرامة الإنسانية والمستمد من هداية الله لعباده. في هذا الصدد، أوصى الخطيب بأربعة أمور، أولها ضرورة حرص الشباب على الزواج، وضرورة قيام المجتمع بابتكار أساليب جديدة في تأسيس الأسر بأقل التكاليف وأكبر الضمانات على استمرارها، وثانيها ضرورة تربية الشباب على فقه الحياة الأسرية حتى يقدسها وينعم بها، وثالثها الحرص على الممارسة السليمة لما ورد في مدونة الأسرة من حقوق وواجبات مع الشكر والامتنان لمن حرص على إخراجها نموذجا للاجتهاد الفقهي والقانوني في هذا العصر ألا وهو أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. أما رابع الأمور، يستطرد الخطيب، فهو ضرورة البحث عن الوسائل التي تنخفض بها نسبة الطلاق في المجتمع مع الإكثار من أساليب الصلح قبل الوصول إلى المحاكم، حتى يتغير ما نراه في المجتمع من التعود على الطلاق واعتباره أمرا عاديا، في حين يتعين اعتبار الطلاق بمثابة حريق ينبغي التعاون على إطفائه. وابتهل الخطيب في الختام إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس، الذي كرم المرأة ومن خلالها الأسرة والمجتمع والأمة، فجاءت مدونة الأسرة ناطقة بهذا الفضل والتكريم، نصرا عزيزا يعز به الدين ويرفع به راية المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يشمل بواسع عفوه وجميل فضله الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.