بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. بادرت اللجنة التنظيمية للدورة الثانية لمهرجان الفن الفريد ببروتان، بدورها، إلى إقامة حفل تكريمي تخليدا للاسم الحركي للفنانة المبدعة الشعيبية في رحاب فضاء" هوم آرت، بيريس كريك". يحكي الحسين طلال أن الناقد الفني لويس مارسيل مؤسس متحف الفن المنطلق(art en marche) بلاباليس قدم محاضرة علمية حول الخصوصيات الأسلوبية لتجربتها الإبداعية الفريدة شكلا ومضمونا رؤية، بقاعة"المبحرين"، كما قام بعرض شريط وثائقي حول منعطفات مسارها الفني الحالم ومدى جرأته على تثوير الإبداع الفني العالمي من خلال تصور جديد للرسم الحديث، حيث أدرج اسمها، عن جدارة واستحقاق، ضمن سجل رواد حركة كوبرا، التي تأسست بأوروبا عام 1945، وكان من روادها أشال، وآبل، وكورناي، وكونستون، وآخرون. يحكي الحسين طلال أن هذا الحفل التكريمي تضمن معرضا لخمس مبدعات مرموقات في عالم التصوير الصباغي على الصعيد العالمي، وهن على التوالي، دانييل لوبريكيي، هوغيوت ما شادو ريكو، ميشيل أودلان، والنحاتة سيمون بيشيوتو سمارقند، وكلهن يشتغلن على تجارب تشكيلية مستوحاة من عوالم الطفولة والحنين، وأحلام الحياة، متخذات من الشعيبية نموذجهن المثالي، ورمز موهبتهن الخارقة في عالم التصوير الصباغي، التي ألهمتهن بسحر التلوين اللافت، وبعمق اللمسات الحدسية وبراءة الأشكال المشهدية. يروي الناقد الفني لويس مارسيل أن كل هؤلاء الفنانات قدمن أعمالهن الإبداعية بفضاء "هوم آرت" باحثات عن لحظات لتقاسم انطباعاتهن وحالاتهن الروحية، مبدعات عالما أخاذا وآسرا يخاطب مباشرة العقل والقلب معا، ويعبر عن افتتانهن البالغ بفنانة الشعب. وفي ضوء شهادة اعتراف وامتنان، يقول الحسين طلال إن الفنانة دانييل لوبريكيي كتبت له رسالة تقديرية تقول في تضاعيفها:" لقد أسعدنا كثيرا لويس مارسيل بمحاضرته القيمة حول الشعيبية، التي ستظل خالدة في قلب كل واحدة منا. أنا سعيدة أيضا بحب الشعيبية لأنها الفنانة الوحيدة التي قررت مصير حياتي. قد ترددت بين التصوير الصباغي والكتابة. ذات يوم بالمصادفة (هل هناك مصادفة) وقعت عيني على مجلة لنساء فنانات تضم في ثناياها نماذج من أعمال الشعيبية، فأصبت بصعقة الحب. تخليت عن القلم كي أختار قطعيا الفرشاة". أخبرنا الحسين طلال أن معرض دار الفنون بباريس أتى مباشرة بعد معرضين متتاليين ضما نخبة من الفنانين العالميين أمثال ديمسكا، وباسكال أودان، وجون تورلونيا، وكارل تولرا، وماريوشيشورو، وبول أودان، وروز ماري كوسي، وبيت دونات، وكلود بروغيل، وذلك بكل من المركز السوسيو ثقافي أناتول فرانس، ومركز التنشيط. وشغلت لوحة الشعيبية غلاف دليل معرض "الإبداع الجديد أو الفن المنطلق"، المقام أخيرا بمركز أناتول فرانس بباريس. للإشارة فإن الشعيبية هي الوحيدة عربيا وإفريقيا التي أدرج اسمها في لائحة هذه المعارض الفنية العالمية مشكلة حالة استثنائية بلوحاتها التي مازالت تقتحم كبريات المتاحف والمجلات المتخصصة عبر العالم. كما أن دار الفنون الباريسية التي احتضنت أعمالها تعتبر معلمة تراثية عالمية يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1484 م، وامتلكها روبير كاكين ذو المذهب الإنساني في عهد شارل الثامن ولويس الثاني عشر، كما احتلتها الإنتلجنسيا عام 1990، وفي عام 1992 منح شاتيون لهذه المنشأة التاريخية طابعا ثقافيا بتأسيسه ل"دارالفنون"، التي تدبر شؤونها جمعية تحمل الاسم نفسه، مولية اهتماما كبيرا للفن المعاصر. ومن باب الاستئناس فإن دار الفنون استقبلت عام 1972 بيرناردو بيرتولوشي الذي صور شريط" رقصة التانغو الأخيرة بباريس".