بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. في بحث حول ظاهرة الشعيبية، خصصه الناقد الجمالي الفرنسي، لويس مارسيل، للاحتفاء بالذاكرة الفنية لابنة اشتوكة، رصد فيه معطيات خاصة حول اتجاهها التعبيري، ووصف الشعيبية بالمرأة الحرة، والمناضلة والمدافعة عن حقوق المرأة، وإليكم المقال، الذي ترجمته "المغربية". استيقظت الشعيبية على وقع أشخاص من فئات مختلفة في العمر بينهم شباب وشيخان كبيران في السن مرتدين البياض، وكانوا جميعهم ملتحين وأمدوني بعدة الرسم المتمثلة في الفرشاة والقماشة، وقالوا لي بالحرف هذه طريقة لكسب قوت حياتك. في اليوم التالي قصصت الحلم على شقيقتي، وقالت "لابد أن تجعلي ما رأيتي حقيقة، وفي اليوم الثالث كنت في المدينة القديمة بالدارالبيضاء، اقتنيت الصباغة، التي تستعمل لطلاء الأبواب، لم تكن مهمة بالنسبة لي كل ما يهمني هو الإبداع. وكانت البداية". في أول مرة قدم فيها الفنان التشكيلي الراحل الشرقاوي، كان رفقة الناقد الفرنسي بيير كودبير، من أجل الوقوف على تجربة طلال الصباغية ومشاهدة بعض أعماله، قدم لهما الحسين طلال بعض أعماله، وقال لهما إن الشعيبية ترسم أيضا. في البداية كنت أرسم بأصابعي، إنني أحب الفن الذي ينطق، يتكلم، ويتحدث عما أراه وأشاهده، وذلك يمنحني الفرح والسرور، والضوء مع الكثير من الألوان، جلت العديد من البلدان، لا أحب الأشياء الحاملة بالخمول، أرسم بالأسود لكن بكثير من الفرح، وأستعمل الأسود من أجل الأشياء الجميلة. رسمت امرأة تتحدر من منطقة سوس، وفي تجوالي بالمدينة رأيت نساء يشتغلن بالخياطة العصرية، ونقلت ذلك في لوحاتي، كما رسمت العديد من النساء الأرامل وهن يعشن حياة صعبة، مثل التي عشتها. أول معرض لي كان عند الألمان في معهد "غوته"، وكل أعمالي اقتنيت، وسمعت مواطنين من درب السلطان يقولون: امرأة أمية أصبحت فنانة تشكيلية، حين يصادفونني المعجبون بلوحاتي منهم الكثير من المثقفين، يقبلونني على يدي وعلى وجهي، وانتهى مساري بهذه الطريقة. وكتب الناقد الفرنسي، لويس مارسيل، في مجلة "آرتونسيون" في عددها 19 شتنبر أكتوبر 2004، ونشرت المجلة على غلافها صورة الشعيبية، إلى جانب صورة سالفدور دالي:" ما أثارني في أول لقائي بالشعيبية عيناها، ونظرتها الحادة، والجذابة على غرار نظرة الطفل المتعطش ومحب الاستطلاع، والمتأهب لاكتشاف كل ما حباه الله به. كانت الذكاء الخالص. عندما أنصت إليها وأراها ترسم، لا أتوقف عند التقدير حول الأطفال، الذين حرموا من الدراسة، لكن رغم ذلك صاروا علماء، وعباقرة ومبدعين وباحثين بقوة".