بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. في بحث حول ظاهرة الشعيبية، خصصه الناقد الجمالي الفرنسي، لويس مارسيل، للاحتفاء بالذاكرة الفنية لابنة اشتوكة، ورصد فيه معطيات خاصة حول اتجاهها التعبيري، ووصف الشعيبية بالمرأة الحرة، والمناضلة والمدافعة عن حقوق المرأة، وإليكم المقال، الذي ترجمته "المغربية". الشعيبية الأصيلة، تحتفي في لوحاتها بألوان بلدها، ترسم نساء أمازيغيات، ونساء قريتها، وتستلهم مواضيعها من ضوء الشارع، ومن خلال الناس الذين تجالسهم، وتعيش آمالهم وآلامهم معا. الحرية والصرامة والجد كلها عوامل ناضلت الشعيبية من أجلها. تسعى الشعيبية في حياتها إلى ممارسة الحرية وحرية الإبداع. امتازت صغيرة اشتوكة بتخييل خصب ومعطاء، أكثر من إخوانها، وهي تحاور ألوانها الطبيعية وترسم أحلامها الصغيرة والكبيرة، نعتها الجميع بالهبل في قرية لا يعرف أهلها مجاملة أحد أو محاباته، هذه الصباغة ساعدتها على تجاوز آلامها ومعاناتها في الحياة، من هنا رسمت بأصابعها، مجسدة حالات الفنانين البدائيين، الذين رسموا على جدران الكهوف تاريخهم الفني، بل انتمت في صنيعها الصباغي إلى مدرسة "كوبرا"، أحد مدارس الفن المعاصر. الشعيبية لا ترغب في تقزيمها في خانة معينة، لأنها بكل بساطة ترسم البساطة، ولا علاقة لها البتة بالفن الخام أو الفطري، كما نحب أن نسمي اتجاهها. آمنت بالبساطة وجعلتها مرادفا لميثاقها البصري. المرأة الحرة في أول لقاء لي مع الشعيبية، يقول الناقد الفرنسي اويس مارسيل، كانت نظراتها تكشف عن امرأة من نوع خاص، امرأة ذكية، امرأة معطاء كريمة، عيناها تشع منهما براءة الأطفال، إنه الذكاء الخالص. حينما اسمتع إليها، وحينما أشاهدها، وهي تخوض في الرسم، استحضر كل الأطفال مثلها الذين لم يلجوا المدرسة، لكنهم تمكنوا من العلم والمعرفة، وذلك يبرز في أعمالهم وإبداعاتهم. قال عنها النقاد المرأة الأمية، التي علمت غيرها فنون القراءة، أمية مثقفة، تستعين بفطرتها وذكائها وملاحظاتها الذكية في تسيير حياتها الفنية، تدافع كمناضلة لممارسة حريتها، حسب اختيارها، ظلت طيلة حياتها وفية لفلسفتها.