بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. الشعيبية.. صمت وإعجاب الحلقة التاسعة الشعيبية رفقة ميشيل لوندسدال في أحد معارضها بباريس كتب عنها الكاتب المغربي الطاهر بن جلون نصا نقديا لمس جوانب مهمة من حياتها وألوانها وحدسها بقوله "استطاعت الشعيبية، مبكرا، أن تزهر ألوان حياتها على القماشة، حسب عواطفها وأحاسيسها. احتفت بأحلامها المضمرة، وأعادت لروحها كل ما اختفى وراء المظاهر. الفنان هو الذي يبرز العجائبي في مرآة اللامرئي، وهذا يمر من دون أن يعلم ذلك. إنها حالة هذه السيدة الكبيرة التي لا تثق إلا في حدسها، ولا تضع كل ما ترسم في الكلمات ، بل تحجم عن الكلام، ولا تتحدث إلا قليلا. فنها يكشف عن بساطتها. إنها ترسم لأن ذلك جزء من حياتها، من شغفها الذي بدا رويدا يكبر ويتقوى، حينما أتتها المعرفة ولم تبحث عنها، ولا رغبتها. أتذكر في إحدى زياراتي لها، وذلك سنتين قبل رحيلها، كانت الشعيبية جالسة في غرفة مؤثثة بأشياء كلها تعود إلى فترة الآر ديكو، إلى جانب صورة معلقة لوحيدها طلال، الذي كان مازال طفلا صغيرا، كانت فرحة وتمنت من الله أن يحفظ فلذة كبدها، لأنها كانت تعاني في صمت. لا تقول شيئا عن صباغتها، وحينما تقوم بتكملة شيء، فإنها تبتسم، وتستحضر أسماء بعض الأشخاص الذين يؤمنون بصنيعها ويعشقونه. الشعيبية تعيش في فضاء وزمان حقيقيين، لا تبدو غريبة لنا، لكنها ترى ظل الضوء وكل ما له علاقة بأحوال الجو، لها نظرة الشاهد الذي يرى الأشياء بكل صفاء. تضع في سندها الألوان، وآثار الألوان، وفضاءاتها البيضاء، وترددها، وتعطينا نشاهد ذلك، ونعيد النظر إليه. في كل مرة تسحرنا بألوانها، إنها نوع من الاحتفالية والسخرية معا. لأن لها روح الدعابة العميقة والبعيدة. البساطة انتصار على المظاهر. البساطة ليست في متناول أي أحد، إنها موهبة وعمل مدى الحياة لنملكها. أعمالها البسيطة مثل أعمال المخرج لويس بينيال، الذي نصف أعماله السينمائية بالبساطة، لكن وراء ذلك جهد كبير وسنوات من الممارسة والتجربة. الشعيبية السيدة الكبيرة، بساطتها تنبع من كرامتها. ولا تبدي أي خطاب إزاء أعمالها، إنها تدور في فلكها الخاص، الموسوم بالإعجاب والصمت".