بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. في بحث حول ظاهرة الشعيبية، خصصه الناقد الجمالي الفرنسي، لويس مارسيل، للاحتفاء بالذاكرة الفنية لابنة اشتوكة، ورصد فيه معطيات خاصة حول اتجاهها التعبيري، ووصف الشعيبية بالمرأة الحرة، والمناضلة والمدافعة عن حقوق المرأة، وإليكم المقال، الذي ترجمته "المغربية". في حديث للناقد الفني، لويس مارسيل، قالت الشعيبية، حينما كنت طفلة صغيرة، أقطف الزهور، وأستعملها مثل الهنود، وأطوق بها عنقي، وأضعها بين خصلات شعري، وحين ألمح شيئا جميلا أجمعه، مثل ورقة ملونة أصادفها مرمية في الشارع، ألتقطها وأضعها في تلابيبي. أصل إلى البيت وأصنع من تيجان الزهور ومن القصب عرائس وأمنحها أسماء من قبيل عائشة، وخديجة، وكلما صادفني أشقائي على هذه الحال، ضربوني وقالوا هذه الصبية ستصير بلهاء. في اشتوكة كنا قريبين من البحر، حينما يقترب الماء مني كنت أختبئ وراء الصخور. تزوجت وأنا قاصر، ابنة 13 ربيعا، وزوجي تجاوز عقده الخامس، زوجي كانت له سبع زوجات. في هذه المرحلة لم يكن يسمح للطفلات الخروج وحيدات، حينما أريد الخروج من البيت لقضاء بعض الأغراض كانت ترافقني حماتي، وأرتدي الحايك، باعتباره لباسا مخصصا للنساء والشابات، قبل أن تظهر الموضة. بعد وفاة زوجي في حادثة سير، أحسست بثقل المسؤولية، وترك الحسين طلال في سنته الأولى، ولم أرغب في الزواج مرة أخرى، وامتهنت مجموعة من الأعمال من أجل تربيته والسهر على تعليمه. كنا نفتقر إلى الكهرباء في ذلك الوقت، وكنت أوقظ شمعة من أجل الإنارة وكذا ليقوم ابني بواجباته المدرسية، في ذلك الزمن عانيت كثيرا، اشتغلت في البيوت ونسجت الصوف، وكانت الأسباب كثيرة للعيش. أكرمني الله وساعدني، إذ أصبح ابني طلال فنانا تشكيليا، وغادر أرض الوطن في اتجاه أوروبا لمتابعة دراسته. في كل يوم كان طلال يأتي إلى المنزل بلباس ملطخ بالصباغة، قلت له إنني تعبت من غسل ملابسك. في أحد الأيام دخل إلى المنزل، وجدني أنا أيضا ملطخة بالصباغة، وقلت له إنني أرسم. حلمت ذات ليلة، وأنا نائمة في غرفة قريبة من الحديقة، وكانت السماء زرقاء، وكانت الرياح أيضا، كأنها عاصفة، من وسط الغرفة إلى الباب المطل على الحديقة، كان المكان مملوءا بالشموع المشتعلة، الباب كان مغلقا، واستيقظت على وقع أشخاص من فئات مختلفة من العمر بينهم شباب وشيخان كبيران في السن مرتدين البياض وكانوا جميعهم ملتحين وأمدوني بعدة الرسم المتمثلة في الفرشاة والقماشة.