بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. في بحث حول ظاهرة الشعيبية، خصصه الناقد الجمالي الفرنسي، لويس مارسيل، للاحتفاء بالذاكرة الفنية لابنة اشتوكة، ورصد فيه معطيات خاصة حول اتجاهها التعبيري، ووصف الشعيبية بالمرأة الحرة، والمناضلة والمدافعة عن حقوق المرأة، وإليكم المقال، الذي ترجمته "المغربية". في عمر الطفولة، 15 سنة، أصبحت الشعيبية أرملة، فاتنة جميلة، لم تكرر تجربة الزواج مرة أخرى، عاشت من أجل كائناتها الفنية ووحيدها الحسين طلال. تقول الشعيبية إنها" رفضت الكثير من تقدم لزواجها، خائفة أن يقودها حظها إلى زوج سيء يعامل ابنها معاملة لا تليق بفلذة كبدها". في البداية كانت تترك وحيدها طلال في المدرسة، لتمتهن أعمالا شاقة، كتنظيف البيوت، وغسل الصوف، رغم هذه الأعمال اليومية، فإنها ظلت صارمة وقوية، ولم تنل منها صروف هذا الزمن الصعب. في 1966 ستقدم أعمالها لأول مرة في الدارالبيضاء، وكان النجاح باهرا، وفي السنة نفسها، عرضت في المتحف الحديث بباريس. إنها بداية مسار متميز لفنانة متميزة، اشتهرت في الخارج، وامتد مسارها الفني الناجح على امتداد حياتها. القروية الصغيرة لم تعد تشتغل في البيوت، وبدأت تساعد أسرتها وأقاربها وتدفع أجور تعليمهم، بل تستقبلهم في منزلها. كرمها بلا حدود. في سفرياتها تلتقي رجال السياسة والفن، وشخصيات نافذة، ظلت الشعيبية متشبثة بأصولها، وبطبيعتها الأصيلة، وزادها ذلك احتراما. المناضلة انخرطت الشعيبية في الكثير من الحركات ذات الطابع الإنساني عبر العالم، حيث دافعت عن حقوق المرأة، وشاركت في لقاءات دولية بخصوص الدفاع عن المرأة في كل من بلدان فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، والصين، واليونان...، وإن لم تحضر جسديا فحضرت فنيا من خلال أعمالها التي احتفت فيها بهذا المنزع الحقوقي. على مستوى النضال كانت الشعيبية أول مدافعة عن السلام، ودفاعها ينطلق من واقع النساء اللواتي يرزحن تحت عتبة الفقر، إذ تعاني لمعاناتهن، ونجاحها يعطي المثال ليس فقط للفنانات التشكيليات، وإنما لكل نساء المغرب. في تصريحاتها المتعددة للقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية، وهي تتحدث باللهجة المغربية، تكشف عن نضالها من أجل المرأة. في سنة 1988 احتفت بها مجلة الفنون السويسرية، حيث تصدرت غلاف مجلة "فوار"، وقالت عنها المجلة إنها أسطورة حية لها قدمان في الأرض وهامتها مرفوعة إلى السماء، وأنها طبعت مرحلتها وبلدها وتاريخ الفن. قالت الشعيبية لابنها طلال حيث وجدها ذات يوم ملطخة بالصباغة،"إنني أرسم أنا أيضا".