بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. يستحضر طلال، أيضا، بفخر واعتزاز كون اسم الشعيبية دخل ضمن الأسماء القياسية لضربات الحظ السعيدة، حيث اقترن اسمها المبارك بالجائزتين الشهيرتين على الصعيد العالمي في مجال سباق الخيل، وهما جائزتا "ديان"، و"فيلاند"، ويصرح طلال أن صاحب الفرس، الحاملة لاسم الشعيبية والمسجلة بعبارة" الفنانة الشهيرة الموهبة"، باريش، حازت عام 2006 على التوالي جائزتي "ديان" و"فونتو"، ونشرت صحيفة فرنسية متخصصة قصاصة تفصيلية تعلن عن هذا الاستحقاق، منوهة بفوز باريش، مستعرضة المسار الإبداعي للشعيبية كفنانة مغربية أصيلة، وكمؤسسة إبداعية قائمة الذات، جعلت من الطبيعة درسها، حيث تقول إن" الطبيعة هي درسي، شقائق النعمان، الأرض، السماء... القرية، التي ولدت فيها وأناسها البسطاء". ولا عجب أن يكتب الناقد الفرنسي الكبير أندري لود "الشعيبية لا ترغب إلا في شيء واحد هو العودة إلى الامتزاج بالهواء، والغبار وأنوار الجماهير والشوارع، والأسواق. الشعيبية لها عينان ويدان خصبتان وكريمتان". خصوبة يدي الشعيبية وكرمها هما اللذان جعلا كل المهتمين والمعجبين يعتبرونها سندهم المعنوي، ومكسب معاركهم في الحياة والإبداع معا. كل الذين عاشروا الشعيبية وتفاعلوا مع عوالمها الإبداعية أدركوا هذا الأمر، وحققوا أحلامهم وتطلعاتهم بشكل لافت ومحير، هي التي جعلت أنوار المغرب الأقصى تغني وتنشد قصائد التفاؤل والأمل بتعبير الناقد أندري لود. في هذا السياق الاعتباري، ندرك جيدا لماذا راهن المطرب الفرنسي بيار باشلي وقرر وضع صورته رفقة صورة الشعيبية على وجه غلاف اسطوانته الموسيقية الجديدة وهي من نوع 33 تور، تبركا وتيمنا بفضائلها وشمائلها التي عمت ربوع المغرب، وفاقت تداعياتها وأصداؤها سائر بقاع العالم، مشكلة ظاهرة كونية محيرة بامتياز. ألهمت الشعيبية عبر تاريخها التشكيلي الممتدة عددا من الفنانين، الذين سبحوا في لجة ألوانها الصاخبة، وكانت أعمالها التصويرية تثير الفضول لدى كبار النقاد في المجال الفني وغيرهم من الكتاب الفرنسيين والمفكرين العرب والمغاربة. فهذا الباحث والروائي المغربي، الطاهر بنجلون، الذي يكتب بلغة موليير، خصها بمقال نقدي رصين حول تجربتها الثرة نقتطف من فضائه ما يلي "استطاعت الشعيبية، مبكرا، أن تزهر ألوان حياتها على القماشة، حسب عواطفها وأحاسيسها. احتفت بأحلامها المضمرة، وأعادت لروحها كل ما اختفى وراء المظاهر. الفنان هو الذي يبرز العجائبي في مرآة اللامرئي، وهذا يمر دون أن يكون له علم بذلك. إنها حالة هذه السيدة الكبيرة التي لا تثق إلا في حدسها، لا تضع كل ما ترسم في الكلمات لا تتحدث، بل تحجم عن الكلام، ولا تتحدث إلا قليلا. فنها يكشف عن بساطتها. إنها ترسم لأن ذلك جزء من حياتها، من شغفها الذي بدأ يكبر رويدا رويدا ويتقوى، حين أتتها المعرفة لم تكن تبحث عنها، ولا رغبتها".