بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. يرى الناقد الفرنسي أندري لود أن أعمال الشعيبية معادل جمالي للطبيعة لشقائق النعمان، للأرض، للسماء، للقرية التي ولدت فيها، ولأناسها البسطاء. ويبرز الناقد لود أن الفنانين المحدثين في أوروبا أعادوا اكتشاف المعرفة، من خلال رسامي حركة كوبرا، الذين يعود أصلهم على هولندا والدانمارك، وبلجيكا، فقد أعادوا الصلة مع رسوم المجانين، والأطفال، ومع الفن الوحشي للقبائل السكندنافية البربرية (الفيكنغ)، نجد أعمالا لفناني حركة "كوبرا" الهولنديين، مثل كاريل أبيل، وكورناي، وكونستان، وجميعهم تأثروا بعفوية الرسامين التجريديين الدانماركيين وطريقة تلوينهم وبمراجع الفنون الشعبية أو رسوم الأطفال، لكن الشعيبية ليست وحشية ولا بدائية، إنما فقط تنتمي على أرض، حيث إن البراءة والثقافة الشعبية والدم الحار لا تزال تروي القلوب والرؤوس. هذه المرأة التي كانت إحدى الظواهر الكونية الجميلة، التي قلما تجود بها الأزمنة، يسجل أندري لود أنه دعاها يوما باسم جمعية ملتقى الفن في لقاء ضم كثيرا من عناصر الإبداع بمركب مولاي رشيد. جاءت بهندامها المغربي الباذخ، المتمثل في القفطان المغربي، وبدمالجها، و في كامل زينتها وعفويتها أيضا، وهي تتقدم لتدخل باب المركب دون أن تحمل في يدها الدعوة الخاصة، يسألها أحد الحراس، فتقول: أنا الشعيبية. فيبتسم الحراس ويوسعون لها الطريق باحترام جم وبحب كبير. لم تمت الشعيبية لكنها آثرت أن تغفو، فكأنها رحلت، ولم ترحل فكتب عنها نقاد كثيرون. وقالوا عنها إنها غير مكثرة بالشهادات ولا بالاكاديميات، واثقة من أكاديميتها هي. من درسها الخاص نمشي في دروب معرفة الذات الخالصة، والبريئة من الإطناب اللغوي، ومن التفسير الصباغي الكارثي، والمجامل مرات وغير المنصف إلا في النادر. الشعيبية مع مرور الزمن أكدت أن عالمها الجواني الممتلئ والرحب لن يضيره في شيء أن ينعت بالبسيط العاري من النقش الاجتماعي، ومن المؤسسات لأنها عالم رحب، ولأنها مؤسسة تعانق الكون. وأبرز طلال في حديثه عن الكتابات الجادة التي رصدت تجربة ومغامرة والدته الصباغية أن ناقد فنيا قال عنها يوما "الشعيبية لا ترغب إلا في شيء واحد هو: العودة للامتزاج بالهواء، والغبار، وأنوار الجماهير، والشوارع، والأسواق. الشعيبية لها عينان ويدان خصبتان وكريمتان".