اللاعب المهدي استجاب بتلقائية لدعوتنا، فتح لنا باب أرشيفه المتواضع، ومن خلال هذه الأوراق يحكي لمن يجهل اسمه أغلى ذكرياته. ستظل سنة 1976 راسخة في ذهن المهدي، شأنه شأن تلك المجموعة التي رفعت التحدي بإثيوبيا، وحققت التتويج القاري الوحيد لكرة القدم المغربية. يقول المهدي "قبل المشاركة في النهائيات، خضعنا لسلسلة من الاستعدادات، وقبل السفر إلى إثيوبيا استفدنا من معسكر تدريبي بالقاهرة لمدة أسبوع، تلاه معسكر مماثل بالسعودية لمدة أسبوع كذلك، وكانت التحضيرات جيدة، وأحست جميع العناصر أنها جاهزة تماما للنهائيات." كانت أول مباراة ضمن النهائيات أمام المنتخب السوداني، ولنترك المهدي يحكي عن طريق التتويج "في المباراة الأولى أمام السودان تعادلنا بهدفين لمثلهما، ولعبت رسميا كالعادة. وفي ثاني مباراة فزنا على منتخب الكونغو الديموقراطية (الزايير آنذاك) بهدفين مقابل هدف واحد، وفي آخر مباراة ضمن الدور الأول فزنا على نيجيريا بثلاثة أهداف لهدف واحد". نظام النهائيات في ذلك الوقت كان يعتمد على تجميع المؤهلين للدور الثاني في مجموعة واحدة، وإجراء بطولة مصغرة في ما بينهم، وتتويج صاحب الصف الأول، ويضيف المهدي "عاودنا الفوز على نيجيريا بهدفين دون رد، وفي المباراة الأخيرة تعادلنا مع منتخب غينيا، وكان اللاعب بابا هو موقع هدف التعادل بعد أن كان الغينيون سباقين للتهديف، فأحرزنا اللقب". ويواصل "سيظل هذا التتويج من أغلى الذكريات الرياضية في حياتي، وكان عمري وقتها أقل من 23 سنة، وأذكر أن منحة الكأس كانت هي 10 آلاف درهم". وبالإضافة إلى التتويج، تظل إثيوبيا محطة مهمة بالنسبة للمهدي لأنها سجلت أسوأ ذكرياته، ويقول في هذا الإطار "لن أنسى أبدا إثيوبيا لأن التتويج جاء بعد أن عشنا رعبا كبيرا بمدينة درداوا التي نزلنا بها قبل التوجه إلى العاصمة أديس أبابا، وحينما أقلعت الطائرة من جديد أصيبت بعطب في الجو فأخبرونا بذلك، وأكدوا لنا ضرورة العودة لمطار الإقلاع بسرعة لإصلاح العطب، فأصابنا رعب شديد، وكان الكل يقرأ آيات من القرآن الكريم ويطلب من الله العون والمساعدة، ولم يهدأ بالنا إلا بعد العودة إلى الأرض، وأذكر أن الصحافي أحمد الغربي الذي رافقنا خلال هذه الرحلة هرب بعد نزول الطائرة، وترك أمتعته وأدواته الإذاعية". بقي المهدي وفيا للقميص الوطني لعدة سنوات قبل أن يترك المكان لغيره، ويتذكر بسعادة كبيرة بعض المحطات الدولية في مساره الرياضي ويقول "سنة 1975 شاركت مع منتخب الدارالبيضاء في مباراة دولية ضد المنتخب الوطني الذي شارك في مونديال مكسيكو 70، وكان النجم العالمي البرازيلي بيلي عزز صفوف المنتخب المغربي ولعب في الشوط الأول كحارس مرمى، قبل أن يعود كمهاجم في الشوط الثاني، وكان الفوز حليفنا في هذه المباراة". ويضيف أيضا "بقميص الرجاء لعبت مباراة دولية ضد فريق ساوتهامبتون الإنجليزي الذي كان يلعب له وقتها النجم الإنجليزي كيفن كيغان، وتعادلنا بهدف لمثله بعد أن كنا سباقين للتهديف". (في الحلقة المقبلة "تكريم يليق بحجم لاعب كبير")