لا يمكن الحديث عن رياضة سباق الدراجات دون الإشارة إلى رجالات الزمن الجميل، ودون الإسهاب في الكلام عن أسطورة الدراجة المغربية، أو نجم النجوم، وهلم جرا من الألقاب التي أطلقها عليه الجمهور الرياضي المغربي، الذي يكاد يجزم على أنه من الصعب أن يجود الزمان بمثيل لمحمد الكورش. انطلق طواف المغرب لسباق الدراجات سنة 1937، في عهد الحماية الفرنسية، غير أنه كان يقتصر فقط على مشاركة الدراجين المحترفين إلى غاية حصول المغرب على استقلاله وتأسيس أول جامعة ملكية مغربية لسباق الدراجات، التي نظمت أول دورة بعد الاستقلال سنة 1959. وإذا كان اسم محمد الكورش هو الأكثر حضورا في تاريخ هذا النوع من الممارسة الرياضية، فالاسم الأول الذي صعد إلى منصة التتويج في تاريخ الطواف يبقى هو أحمد الجلاحلي، الذي أنهى الصراع في المركز الثالث سنة 1938. على مدى سنوات، سيطر الدراجون الأوروبيون، خصوصا الفرنسيون والإسبان، على ألقاب طواف المغرب، لكن بعد الاستقلال تغير كل شيء، عندما لمع نجم محمد الكورش الذي صنع التاريخ وصعد إلى أعلى منصة التتويج في ثلاث مناسبات. يقول الكورش "في دورة 1959، كان الهدف هو التعرف على حجم التنافس في تظاهرة رياضية جديدة بالنسبة لي، غير أن ذلك لا يعني أنني لعبت دور المتفرج فقط، بالعكس كنت منافسا قويا للأوروبيين الذين تنافسوا على المراكز الأولى". ويضيف نجم الدراجة المغربية عبر التاريخ "حرصت على أن أبقى دائما ضمن كوكبة المقدمة، ولذلك كنت حاضرا بقوة في جميع مراحل السباق، التي أعتقد أنها فاقت 15 مرحلة". كانت الكلمة الأخيرة لأصحاب الخبرة، إذ فاز البلجيكي أندري بار بالصف الأول، متبوعا بالفرنسي ستيفان لاش، ثم جاء محمد الكورش في الصف الثالث، وهو إنجاز من نوعه، ويقول بهذا الخصوص "كان هدفي هو الاستفادة كثيرا من تجربة الدراجين الأوروبيين، فكان لي ما أردت، إضافة إلى أنني أنهيت الطواف في الصف الثالث، وهي نتيجة لم تكن متوقعة، لكنها أسعدتي كثيرا، لأنني بعد ذلك قررت التحضير جيدا للدورة الموالية سنة 1960، حتى يكون حضوري أفضل". وبالفعل، وفي دورة 60، كان الكورش على أتم استعداد لرفع التحدي، والبحث عن أول لقب من حجم كبير، ويقول "أعتقد أن دورة تلك السنة شملت 16 مرحلة، الكثير منها في غاية الصعوبة. ومرة أخرى كنت دائم الحضور مع الكوكبة الأولى، وكان الفوز بمرحلة واحدة جمعت بين مدينتي فاس ومكناس، مرورا عبر زكوطة وسيدي قاسم (حوالي 140 كلم)، كافيا للحصول على القميص الأصفر، الذي احتفظت به إلى غاية الوصول إلى خط النهاية، علما أنني تفوقت أيضا في مرحلة القنيطرة – الرباط، التي كانت ضد الساعة. وأذكر بالمناسبة أن خط الوصول في العاصمة الرباط يكون دائما أمام محطة القطار المدينة، وعلى مدى مشاركتي في جميع الطوافات كان الجمهور الرياضي يخصص لي استقبالا كبيرا". تلذذ الكورش بطعم التتويج في طواف المغرب، ولم ينس أن والدته قاسمته فرحة التتويج، ويقول "بالطبع احتفلت مع أمي رحمها الله باللقب، الذي كان غاليا، وكان بمثابة تأكيد على أن اسم الكورش سيكون له شأن كبير في عالم الدراجات". في الحلقة المقبلة (لقب ثان بعد أربع سنوات من الفراغ)