يعتبر المركز المالي للدار البيضاء، الذي يتطلع إلى أن يكون أرضية مالية إقليمية، في موقع جيد يخول له أن يكون جسرا ماليا للمستثمرين الراغبين في ولوج الأسواق الإفريقية السريعة النمو، ونافذة لاستكشاف فرص مهمة لم تستثمر بعد في الأسواق الصاعدة بالقارة السمراء. وتعد إفريقيا، التي تزخر بفرص استثمارية متعددة، بأن تصبح محركا للاقتصاد العالمي بالنظر إلى الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها، إلا أن ولوج الأسواق الإفريقية، سواء بشمال القارة أو غربها أو بإفريقيا الوسطى، ليس بالمهمة السهلة بسبب الصعوبات المرتبطة باللوجيستيك والحكامة والاستقرار. وهي صعوبات تتضاعف حينما تنضاف إليها انتظارات المستثمرين الراغبين في الاشتغال في مناخ من الثقة قار وتنافسي، ما يجعل من إنشاء مركز مالي بالدارالبيضاء، كقطب وبوابة للاستفادة من فرص الاستثمار عبر القارة السمراء وقناة للربط بين الفاعلين الاقتصاديين، ضرورة أكيدة من أجل مواجهة هذه الصعوبات. وتزداد أهمية إنشاء مركز مالي بالمملكة بالنظر إلى المؤهلات التي تزخر بها، سواء في ما يتصل بوجود مناخ أعمال ناجع، ومهارات محلية، وبنيات تحتية حديثة وذات جودة عالية، وأنظمة مقننة وشبكة قوية من الشراكات، والتي أتاحت للمغرب تعزيز جاذبيته للرساميل، وتطوير مهن عالمية جديدة بغية أن يكون قطبا رائدا ومرجعيا للأعمال على الصعيد الإقليمي. كما أن عمق العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط المغرب بباقي بلدان القارة، واحتضانه لعدة مقاولات أجنبية ترغب في توسيع نشاطاتها واكتشاف الأسواق الواعدة بالقارة، والحضور المتنامي للأبناك المغربية ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء، كلها عوامل إيجابية تخول للمملكة أن تضطلع بدور محوري في تقليص الهوة بين بلدان الشمال والجنوب، وبناء جسر بين الفاعلين في المجال المالي من مديري الرساميل والأبناك الاستثمارية وشركات التأمين والتجمعات الإقليمية لمهنيي الخدمات. ويأتي المركز المالي للدار البيضاء كقطب إقليمي من شأنه أن يوفر ما بين 7و12 مليار درهم، وأن يسهم في الرفع من الناتج الداخلي الوطني الخام ب2 في المائة، ليكون آلية للاندماج المالي، وتوسيع الشبكة البنكية والإشعاع الاقتصادي للمملكة، وقاعدة لاستقبال الاستثمارات الوطنية والأجنبية، واستقطاب عدد من مراكز الخبرات والمهارات الدولية. وقد حقق ورش المركز المالي للدار البيضاء خطوات جد متقدمة مع اتخاذ كل التدابير الضريبية والنصوص المتممة التي تسهم في تقدم مختلف الأشغال المرتبطة بهذا الورش. فبرنامج "راود شو" الذي انطلق في 2011 عبر سلسلة من اللقاءات الموجهة مع مؤسسات دولية استقطبت اهتماما كبيرا بالنظر إلى العرض المغري المتمثل في السياسة الماكرو-اقتصادية التي أصبحت معروفة على الصعيد العالمي. ومنذ إنشائه في 2010، استطاع المركز نسج شراكات مع أكبر المراكز المالية العالمية منها سنغافورة في 2011 واللوكسمبورغ، إضافة إلى أن 22 مؤسسة استفادت من الوضع الاعتباري للمركز في انتظار البث في ثلاثة طلبات أخرى. كما أن المركز وقع الأسبوع المنصرم اتفاقية مع وكالة التعمير والتنمية بأنفا تستقر بموجبها مجموعة (فينونس كوم) داخل المركز، ليعلن بذلك عن الانطلاقة الرسمية لبرنامج عقاري استثماري طموح ستشرف عليه المجموعة. ويهم هذا الاستثمار، الذي يصل الغلاف المالي المخصص له إلى 5ر1 مليار درهم، مساحة مبنية تقدر بÜ70 ألف متر مربع على مساحة إجمالية تصل إلى هكتار تقريبا، فيما يشمل المشروع الذي سيتم إنجازه في أفق 2016 بناية يصل طولها إلى 135 مترا، وتضم 33 طابقا، إلى جانب ثلاث بنايات أخرى تضم كل واحدة منها سبعة طوابق، وستحتضن المقرات الاجتماعية لعدد من المؤسسات المالية الكبرى منها على الخصوص هولدينغ (فينونس كوم) والبنك المغربي للتجارة الخارجية و(الملكية الوطنية للتأمين) و(ميدي تيليكوم).