نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    وزارة الاقتصاد والمالية: المداخيل الضريبية بلغت 243,75 مليار درهم عند متم أكتوبر 2024        في لقاء مع الفاعلين .. زكية الدريوش تؤكد على أهمية قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد ضمن النسيج الإقتصادي الوطني    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    كيوسك الخميس | 80 في المائة من الأطفال يعيشون في العالم الافتراضي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    الفتيان يواصلون التألق بالفوز على ليبيا    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    بوريطة يستقبل رئيسة برلمان صربيا    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        ولد الشيخ الغزواني يهنئ الملك محمد السادس بمناسبة عيد الاستقلال    العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية تقرر تغيير توقيت انطلاق ديربي البيضاء    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الأربعاء    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    تفاصيل نجاة فنانة مصرية من الموت        نادال مودعا ملاعب التنس: " أريد أن يتذكرني الناس أنني كنت شخصا طيبا قادما من قرية صغيرة قرب مايوركا"    تلاميذ مغاربة يحرزون 4 ميداليات في أولمبياد العربية في الراضيات    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيمي: القطاع المالي وقع ضحية تأخر الحكومة في المصادقة على قوانينه
المدير العام للهيئة المالية المغربية قال إن وزارة المالية مطالبة بإخراج قوانين البورصة في أقرب الآجال
نشر في المساء يوم 08 - 01 - 2013

يرى سعيد إبراهيمي، المدير العام للهيئة المالية المغربية، أن القطب المالي للدار البيضاء هو مشروع بعيد المدى وليس مشروعا لأربع أو خمس أو ست سنوات، ومن ثم لا يمكن تقييده بمراحل ثابتة للإنجاز، غير أنه
يؤكد، بالمقابل، أن أولى بنيات الحي المالي ستكون جاهزة في أفق 3 سنوات على الأكثر. كما يقر إبراهيمي بوجود مشاكل حقيقية في بورصة الدار البيضاء، مشيرا إلى أن حل هذه المشاكل مرتبط بوزارة الاقتصاد والمالية التي يجب أن تسارع إلى إخراج القوانين المنظمة للبورصة إلى حيز الوجود في أقرب الآجال.
- أين وصل مشروع القطب المالي للدار البيضاء؟
أولا، لابد من الإشارة إلى أن القطب المالي للدار البيضاء هو مشروع بعيد المدى، ولا يمكن مقارنته بمشاريع أخرى عقارية أو استثمارية مرتبطة بفترة إنجاز محددة. ثانيا، يجب معرفة ما معنى مشروع قطب مالي أو مركز مالي، فهذه المسألة مهمة لضبط المفاهيم والتعرف أكثر على المشروع، وبهذا الصدد، فإن مفهوم «مركز مالي دولي» يشير إلى فضاء تتداول فيه جملة من المعاملات المالية والخدماتية بين الفاعلين في هذا الفضاء ومع فاعلين على الصعيد الإقليمي والدولي، مقتسمين بنية تحتية صلبة وموارد بشرية ذات جودة عالية وخدمات دعم على مستوى متطور, وهذه المسألة هي التي دفعت المسؤولين المغاربة, منذ ما يزيد على أربع سنوات تقريبا, إلى التفكير في تحويل الدار البيضاء إلى قطب مالي ضمن نظرة شمولية مع الأخذ بعين الاعتبار جميع مكوناته، من حيث الهندسة المناسبة والتصور الحضري وتحسين البنيات التحتية وإنجاز التجهيزات والملاءمة القانونية وتكوين الموارد البشرية واعتماد التقنيات وطرق التدبير الجديرة بمركز مالي دولي من هذا الحجم. والهدف الأسمى هو جعل الدار البيضاء أحد أبرز المحاور المالية العالمية، وذلك من خلال الدور الذي يمكن أن تضطلع به في سد فجوة التمويل في منطقة شمال وغرب إفريقيا التي تمتلك مقومات واعدة للنمو الاقتصادي والاستثماري. وبالتالي، فالقطب المالي للدار البيضاء سيشكل آلية تتوخى تمكين المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية, وشركات تدبير الأصول التي تطمح إلى العمل تحت مظلته الاستثمارية٬ من النفاذ نحو أسواق منطقة شمال وغرب إفريقيا التي تبحث عن تمويلات لاستثماراتها الوطنية.
وهنا يجب الإشارة إلى أن منطقة شمال وغرب إفريقيا التي تضم 26 دولة٬ تتيح فرصا استثمارية هائلة٬ وبالنظر إلى اقتصادياتها الصغيرة التي يقدر حجمها ب800 مليار دولار (توازي في مجملها اقتصاد تركيا)، فهي في حاجة إلى بنيات تحتية وتمويلات يمكن أن تستقطب اهتمام أصحاب رؤوس الأموال. والدار البيضاء بطبيعة الحال ستكون المكان الذي سيستقر فيه أصحاب تلك الأموال من أجل تغطية كل منطقة شمال وغرب إفريقيا، كما ستحاول استقطاب المقرات الجهوية للشركات المتعددة الجنسية في مختلف القطاعات، إضافة إلى مكاتب الاستشارة القانونية والمحاسباتية، وجميع الخدمات المهنية التي من المفروض أن تكون قريبة من الشركات والمؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية، وبذلك سنتمكن من خلق نظام اقتصادي مصغر «إيكو سيستيم» موجه لتغطية حاجيات المنطقة، موازاة مع تطوير بورصة الدار البيضاء وتحويلها إلى آلية فعالة للتمويل. وبطبيعة الحال، لا يمكن تحقيق هذا المشروع المتكامل إلا من خلال توفير جميع الشروط الضرورية، وهذا هو دورنا في الهيئة المالية المغربية.
- لكن نريد أن نعرف بالضبط في أي مرحلة يوجد المشروع حاليا؟
كما قلت سابقا، القطب المالي للدار البيضاء هو مشروع بعيد المدى وليس مشروعا لأربع أو خمس أو ست سنوات، فالحي المالي في لندن، مثلا، تطور على مدى أزيد من 200 سنة، والحي المالي لنيويورك عمره أكثر من 100 عام، والحي المالي لسنغافورة، التي تعتبر شريكا استراتيجيا لنا تطلب إنجازه 40 سنة، أما أحدث حي مالي فهو دبي الذي انطلق منذ ما يزيد على 10 سنوات تقريبا، وهذا يعني أن الأحياء المالية عموما هي مشاريع لا يمكن إنجازها بين عشية وضحاها، بل تنجز وتتطور مع مرور الوقت. ونحن في مشروع الدار البيضاء قمنا، أولا، بإنجاز دراسة مقارناتية من أجل حصر التجارب الناجحة والقريبة من الخصوصية المغربية، ووضعنا مخططا لتجاوز عدد من نقاط الضعف التي نعاني منها، من بين أهم محاوره، على سبيل المثال، تسهيل عملية تنقل رجال الأعمال بين الدار البيضاء وبلدان شمال وغرب إفريقيا، من خلال تبسيط إجراءات الحصول على التأشيرة ورخص العمل، بتنسيق مع وزارات الداخلية والخارجية والتشغيل. وبالإضافة إلى ذلك، سهرنا كذلك على وضع مسطرة خاصة لتحويل الأموال من وإلى المغرب باتفاق مع مكتب الصرف، من أجل تسهيل العمليات المالية التي تقوم بها الشركات المستقرة في الحي المالي للدار البيضاء. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نحن بصدد التوقيع على اتفاقيات لها علاقة بتحسين الخدمات المرتبطة بالربط الجوي والطرقي والسككي للحي المالي مع كل من المكتب الوطني للمطارات والخطوط الجوية الملكية المغربية والعديد من المتدخلين. كما أن عددا من النصوص التشريعية قد تمت المصادقة عليها أذكر منها القانون المتعلق بتطوير بورصة القيم الذي يهدف إلى فتح رأسمالها إلى فاعلين جدد، والذي تمت المصادقة عليه في 2011، كذلك قانون المالية لسنة2011 الذي يمنح امتيازات ضريبية للمؤسسات المستفيدة من صفة القطب المالي للدار البيضاء وكذا لأجرائها، دون أن ننسى القوانين التي يمكن أن تخرج إلى الوجود في أقرب الآجال كمشروع قانون رقم 44.12 الذي يتعلق بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب وبالمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية والهيئات التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها أو سنداتها، ومشروع قانون رقم 45.12 يتعلق بإقراض السندات.
وهذه كلها نقط ومراحل قطعها المشروع وتطلبت مجهودات جبارة دون أن تكون بادية للعيان، فنحن نشتغل في الظل لعدة شهور ومازلنا على هذا المنوال.
- راجت في الآونة الأخيرة بعض الأنباء عن وجود مشاكل على مستوى إنجاز العقارات المخصصة للقطب المالي للدار البيضاء، ما مدى صحة ذلك؟
لكي نكون واضحين، نحن في الهيئة المالية المغربية غير مكلفين بإنجاز العقارات المخصصة للقطب المالي، لكننا نقوم بتتبع مراحل إنجاز الأوراش مع الشركات العقارية المكلفة بذلك. ولكي نوضح أكثر طبيعة الأشغال المتعلقة بالمشروع، أشير إلى أن القطب المالي سينجز على مساحة تقدر ب 100 هكتار هي جزء من الأراضي التي كانت تابعة لمطار أنفا سابقا، وصندوق الإيداع والتدبير هو المالك للأرض والمكلف بجميع المشاريع التي ستنجز عليها. والذي يمكن قوله في هذا الإطار هو أن إنجاز المشروع من الناحية العقارية يمر في أحسن الظروف، حيث تم الانتهاء من أشغال التجهيز والتطهير السائل، وقد انطلقت عملية تسويق جزء من العقارات. وأعتقد أنه في غضون ثلاث سنوات من الآن ستكون أولى البنايات مكتملة وجاهزة. ولابد من الإشارة كذلك إلى أن المشروع تم تقسيمه إلى 3 أشطر٬ يضم الشطر الأول منها 200 ألف متر مربع من المكاتب، وقد تم الاتفاق على تخصيصها للمؤسسات المالية والبنكية الوطنية من أجل بناء مقراتها الاجتماعية، وهي تضم مقرات بورصة الدار البيضاء والمقرات الرئيسية لكل من «فينونس كوم» و«إر إم أ» و التجاري وفا بنك و«مجموعة البنوك الشعبية» و«ميديتل» وغيرها. وعموما، أقول إن إنجاز المشروع في شقه العقاري يتم في ظروف جيدة ويحترم الآجال المخصصة له.
- قلتم إن مشروع القطب المالي يهدف إلى تحويل بورصة الدار البيضاء إلى آلية للتمويل، لكننا جميعا نعلم حجم المشاكل التي تتخبط فيها البورصة، والتي أثرت على تعاملاتها طيلة السنة الماضية، ألا ترون أن ذلك سيعرقل نجاح القطب المالي، خاصة إذا علمنا أن البورصة تشكل الحلقة الأساسية في جميع الأحياء المالية العالمية؟
يجب أن نكون موضوعيين وواقعيين، فبورصة الدار البيضاء تعيش حقيقة مجموعة من المشاكل، أهمها نقص السيولة، وكذا قلة المنتوجات المروجة، إذ لا تتوفر بورصة القيم، مثلا، على «سوق داخلية» فعالة أو «منتجات مشتقة»، هذا بالإضافة إلى ضعف عدد الشركات المدرجة أصلا في البورصة، إلى جانب انعدام ثقافة البورصة، فالمستثمرون يقبلون عليها عندما تكون مؤشراتها مرتفعة، لكن عندما تتراجع مؤشراتها يغادرها الجميع. والمشكل الكبير الذي عاشته بورصة الدار البيضاء خلال 2012 هو ضعف حجم المعاملات، ف20 مليون درهم كمعاملات يومية، مثلا، لا يمثل شيئا في سوق البورصات العالمية. وأعتقد أنه لحل مشاكل البورصة يجب مراجعة مجموعة من النصوص القانونية المنظمة لها. ودور الهيئة المالية المغربية في هذا الإطار هو وضع تصور متكامل وواضح المعالم للتعديلات القانونية اللازمة، أما تقديم هذه القوانين وإخراجها إلى حيز الوجود فهذا من صلاحيات الحكومة، لكن عندما نراجع مسار عدد من القوانين نجد أنها تأخذ وقتا طويلا للمصادقة عليها، فهي إما يتأخر التأشير عليها من طرف الأمانة العامة للحكومة، كما هو حال القانون البنكي مثلا، أو تبقى تنتظرالمصادقة عليها من طرف البرلمان سنة أو سنتين، وبذلك يظل القطاع المالي ضحية التأخر الكبير في إخراج النصوص القانونية. ونحن في الهيئة المالية المغربية لا نملك سوى مطالبة جميع الأطراف بتعجيل إخراج القوانين إلى حيز الوجود، وعلى الجميع الأخذ بعين الاعتبار نتائج التأخير في المصادقة على القوانين في بعض القطاعات الاستراتيجية كالقطاع المالي. وبخصوص القوانين الخاصة بالبورصة أعتقد أن وزارة المالية هي التي يجب أن تعمل في اتجاه إخراجها في أقرب الآجال إلى حيز الوجود حتى تمكن من خلق الدينامية المتوخاة من خلال إطلاق منتجات جديدة، وتدعيم المراقبة الفعالة لسوق الرساميل، وتحسين حكامة البورصة.
- لكن كيف تقومون بإقناع الشركات والمؤسسات المالية بمشروع الحي المالي للدار البيضاء في ظل المشاكل التي تعيشها البورصة؟
من الضروري أن نكون واعين بأن الموقع الاستراتيجي للمغرب يِؤهله بشكل كبير لاحتضان قطب مالي من الطراز العالمي، وجميع الشركات التي أقنعناها بالاستقرار في المغرب من أجل تغطية منطقة شمال وغرب إفريقيا قبلت بذلك انطلاقا من المزايا التي سيوفرها قطب الدار البيضاء، رغم علمها بالمشاكل التي تعيشها البورصة، فما ستجنيه هذه الشركات مستقبلا لا يعادل إضاعة مثل هذه الفرصة بسبب مشاكل عابرة يمكن تجاوزها في القطاع المالي المغربي.
- تكلمتم عن إقناع بعض الشركات بالاستقرار في المركز المالي للدار البيضاء، هل يمكنكم إعطاءنا أسماء بعض هذه الشركات؟
من بين الشركات المتخصصة في الخدمات المهنية، هناك مكتب الاستشارة «بوسطن كونسلتين غروب». ومن بين الأمثلة الأخرى للشركات التي تفاعلت مع مشروع القطب المالي للدار البيضاء بشكل إيجابي هناك، كذلك، المقر الجهوي «لكونتنوتال تاير» والمقر الجهوي للشركة الرائدة للتأمين في أفريقيا «كولينا كوربوريت». دون أن أنسى ذكر مكتب الاستشارة القانونية البريطاني «كلي فور تشانز»، الذي يعتبر من أكبر مكاتب الاستشارة في العالم، وقد أقنعنا المسؤولين عن هذا المكتب في نهاية سنة 2011 بفتح مقر لهم بالدار البيضاء، والذي يعتبر الأول من نوعه في إفريقيا، وهي عملية لم تكن سهلة، لكنها تؤكد أن شركات عالمية كبرى يمكنها الوثوق بالمغرب.
- لكن هذه الأمثلة تتعلق بمكاتب للاستشارة والخدمات، نريد بعض الأمثلة عن شركات أخرى تشتغل في مجال الاستثمار المالي؟
بطبيعة الحال، استطعنا استقطاب شركات في مجال الاستثمار المالي، أهمها شركة أبو ظبي للاستثمار، التي تدير صناديق استثمارية في الشرق الأوسط وإفريقيا٬ والتي تعد من أوائل الشركات الإماراتية التي أسست مكتبا لها في الدار البيضاء بهدف تعزيز نفاذها إلى أهم أسواق المنطقة بما فيها نيجيريا والمغرب وتونس٬ وكذلك استطعنا إقناع شركات أخرى كشركتي تدبير الأصول «بروكستن بارتنرز» و«أد كابتال» و» ريفا اغارصيا».
- هل تم استقطاب الشركة الإماراتية بمجهود شخصي أم بوساطة من طرف الأميرة للا جومالة سفيرة المغرب في بريطانيا، كما راج مؤخرا؟
نحن من أقنع شركة أبوظبي للاستثمار بفتح مقر لها في الدار البيضاء وليس سفيرة المغرب في بريطانيا، فقد التقينا مسؤولي الشركة في العاصمة الإماراتية نهاية سنة 2011، واقتنعوا بسهولة كبيرة بمشروع القطب المالي للدار البيضاء والمزايا التي سيوفرها لهم. غير أننا لا ننكر دور سفيرة المغرب في بريطانيا في مساعدتنا على توقيع اتفاقية الشراكة مع الحي المالي بلندن. ولابد من الإشارة إلى أن عددا مهما من الشركات أبدت رغبتها في الاستقرار بالدار البيضاء، لكن ذلك مرتبط بضرورة إخراج بعض النصوص القانونية إلى حيز الوجود لكي يتم السماح لهذه الشركات بفتح فروع لها في المركز المالي بالعاصمة الاقتصادية.
- ما هي التحفيزات التي يوفرها القطب المالي لهذه الشركات، خاصة على المستوى الضريبي؟
يقدم القطب حوافز ضريبية تتمثل أساسا في دفع نسبة جزافية للضريبة على الدخل في حدود 20 في المائة لمدة 5 سنوات، وكذلك الإعفاء من الضريبة على الشركات لمدة 5 سنوات ثم الاستفادة من النسبة المنخفضة التي هي 8.75 في المائة في ما بعد ذلك. لكن فضلا عن ذلك، هناك مجموعة من المزايا التفضيلية الأخرى التي نوفرها، منها كما قلت سابقا تسهيل النفاذ إلى موارد الأعمال٬ كالنفاذ إلى مجموعة واسعة من المستثمرين الدوليين عبر نقطة دخول وحيدة٬ واستخدام نظام متكامل لمزاولة الأعمال يتيح استقطاب أفضل الأطر المالية. ولابد من الإشارة إلى أن القطب المالي للدار البيضاء يعتمد على نهج حديث وعصري في استكشاف فرص الاستثمار الممكنة في الدول الإفريقية عبر تبسيط الإجراءات الإدارية وإزالة العوائق التقليدية للاستثمار٬ ومنح المستثمرين الإمكانات الاقتصادية التي يحتاجونها للاستفادة من فرص النمو في منطقة شمال وغرب أفريقيا على أفضل نحو ممكن. وبالإضافة إلى ذلك، أشير إلى أننا سنطلق قريبا مركزا عالميا للتحكيم التجاري والوساطة في قلب القطب المالي للدار البيضاء، وذلك لحل النزاعات التجارية والقانونية بين جميع الشركات والمؤسسات المالية، وهذه ستكون خطوة غير مسبوقة بالنسبة إلى المغرب.
- لماذا اخترتم نموذج سنغافورة في إنجاز مشروع القطب المالي للدار البيضاء؟
إن التوقيع على اتفاقيات الشراكة لم يأت اعتباطا وإنما يهدف إلى اندماج السوق المالي المغربي في محيطه الإقليمي والدولي. ويشكل هذا البعد نقطة مهمة في توفير الإشعاع اللازم للقطب المالي للدار البيضاء، حيث يعطي دفعة قوية للتكامل الإقليمي بين أسواق الأسهم المحلية عبر تبادل المعلومات والتكنولوجيا، وتشجيع القيد المتبادل للأسهم وكذا الاستثمار عبر الحدود.
أما بخصوص الشراكة مع سنغافورة، فكما يعلم الجميع هي دولة صغيرة جدا لكن إشعاعها كبير, إذ إنها تحتل الرتبة الأولى عالميا في مناخ الأعمال، ولقد كانت تعتمد سابقا على سمعة مينائها، لكنها استطاعت استقطاب اهتمام الشركات العالمية بعدما تحولت إلى حي مالي يستهدف بالأساس جنوب شرق آسيا، وهو ما يجعل منها نموذجا شبيها بما فكرنا فيه عندما أعددنا مشروع القطب المالي، خاصة في مسألة استهداف منطقة معينة، كما هو الحال بالنسبة إلى منطقة شمال وغرب إفريقيا بالنسبة إلى القطب المالي للدار البيضاء. والأساسي أن هذه الشراكة ستمكن من الاستفادة من التجربة الناجحة لسنغافورة في هذا المجال، خاصة في ما يتعلق بالجوانب التنظيمية والمؤسساتية، التي تمكن من الوصول إلى أفضل الممارسات المتبعة في التنظيم والإشراف على مختلف الفاعلين الماليين، إضافة إلى الجوانب القانونية، التي تسمح باعتماد أحسن الممارسات في مجال الضبط والمراقبة بالنسبة إلى مختلف الفاعلين في سوق الرساميل، كل هذا من أجل جعل الدار البيضاء محورا جهويا في هذا المجال. ولابد من الإشارة إلى أننا وقعنا كذلك اتفاقية مع كل من دوقية اللوكسمبورغ ولندن، ونحن نسعى مستقبلا لتوقيع اتفاقية مع الحي المالي لباريس.
- لكن لماذا تأخر توقيع الاتفاقية مع باريس علما أن الفرنسيين يكونون عادة أول الشركاء بالنسبة إلى المغرب في جميع القطاعات تقريبا؟
الاتفاقية لم تتأخر، بل إن الاستراتيجية التي بني عليها مشروع القطب المالي، والمتمثلة في الانفتاح على جميع الثقافات، هي التي فرضت ذلك، إذ أننا توجهنا أولا نحو المناطق المالية الأنجلوساكسونية التي تحتل الصدارة عالميا ثم بعد ذلك نتجه نحو فرنسا التي تعتبر الشريك التاريخي للمغرب٬ ثم الى أقطاب مالية أخرى نسعى من خلالها إلى الاستفادة من التجارب الناجحة التي تكفل لبلدنا تحقيق قفزة نوعية ومزيدا من الإشعاع لاقتصادنا ولتمكين المنطقة المالية للدار البيضاء من أن تصبح بوابة ومحورا رئيسيا للاستثمار في أفريقيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.