الحكومة تضع خارطة طريق لإصلاح بورصة الدارالبيضاء أكد نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية أن الحكومة عازمة على وضع جيل جديد من الإصلاحات التي تندرج في إطار رغبتها في الاستجابة لحاجيات السوق المالي وتقوية قدراته بما يمكن من الإسهام في تمويل الاقتصاد الوطني . وأعلن نزار بركة، في ندوة حول موضوع «إنعاش البورصة وتنمية سوق الرساميل، نظمت صباح أمس الأربعاء بالدارالبيضاء، أن مسلسل الإصلاحات سيشمل ثلاث مجالات رئيسية: هي تطوير الإدراج المالي وتسهيل ولوج التمويل المالي سواء بالنسبة للمقاولات أوالأشخاص الذاتيين، وتنويع الأدوات والمنتجات المالية، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على القطاع المالي . بهذا الخصوص، شدد بركة على أن الحكومة، «تنتظر فعالية أقوى من الهيأة المغربية لسوق الرساميل، دركي البورصة، والتي أصبحت سلطاتها الرقابية، بمقتضى القانون التنظيمي الذي سنته الدولة، تمتد إلى مراقبة سوق الرساميل بأكمله، وتتمتع بمزيد من الاستقلالية عن سلطات وزير الاقتصاد والمالية». وأقر وزير الاقتصاد والمالية بالتراجع القوي لبورصة الدارالبيضاء والذي لا يتلاءم وما ينتظر منها لإنعاش الاقتصاد الوطني، مشيرا في حديث لبيان اليوم، أن «جهودا جبارة تبذل لوضع خارطة طريق للإصلاح كمدخل ضروري لتقويم الاقتصاد الوطني وإحداث حركية يستفيد منها مجمل النسيج الاقتصادي وخزينة الدولة التي شهدت انتعاشة وحركية بعد الزيادة في أسعار المحروقات»، مشددا في هذا الإطار، على أن نسبة التضخم لا تتعدى 2 بالمائة وأن ارتفاع أسعار الغازوال والبنزين لن يشعل فتيل الزيادة في أسعار المواد العذائية لأن «الحكومة تحرص على أن لا يكون لهذه الزيادة أي أثر على أسعار باقي المنتجات، تفاديا لمسلسل تضخمي يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين وبالتالي على الطلب». هذا الإقرار بتراجع بورصة الدارالبيضاء، كان محط إجماع كل الفعاليات التي قدمت مداخلات ومقترحات للإصلاح، داعية الحكومة إلى الإسراع باتخاذ كل التدابير والإجراءات التي تمكن البورصة من لعب دورها كاملا وضمان إشعاعها الوطني والإقليمي الذي بدأ يخبو. فقد شدد سعيد الإبراهيمي المدير العام للهيأة المالية المغربية على أن البورصة تحتاج إلى إصلاح عميق وبنيوي يمكنها من تعزيز جاذبيتها في سوق الاستثمار على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أنه «رغم النضج المهني الذي بلغته، فإنها ما تزال تعاني من ضعف على مستوى محدودية المنتجات وتأخر ملحوظ عن مثيلاتها من الأسواق المالية الإفريقية مما يتسبب في إضعاف قدرتها على استقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية». وأعلن سعيد الإبراهيمي أن المركز المالي للدار البيضاء، الذي «يخطط لأن يصبح أحد أبرز المحاور المالية العالمية عبر تعزيز الدور الذي يمكن أن يضطلع به في سد فجوة التمويل في منطقة شمال وغرب إفريقيا التي تمتلك مقومات واعدة للنمو الاقتصادي والاستثماري للعقود المقبلة، بحاجة إلى بورصة قوية وفعالة تواكب هذا القطب المالي للدار البيضاء «يتمتع بكافة المقومات اللازمة، كمركز دولي رائد، ويتيح لشركات الاستثمار العالمية اغتنام الفرص الاستثمارية الواعدة في منطقة شمال وغرب أفريقيا الواعدة وخارجها، ويوفر العديد من المزايا المحددة للشركات العاملة في القطاع المالي والخدمات المهنية والتأمين٬ إضافة إلى المقرات الإقليمية للشركات العالمية٬ وذلك للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للمغرب». وفي عرض صريح أماط اللثام على عيوب ونقائص بورصة الدارالبيضاء، شددت مداخلات ومقترحات كل من محمد حسن بنصالح رئيس الجامعات المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين، وأمين عمور رئيس جمعية شركات التدبير وصناديق الاستثمار في المغرب، ويوسف بنكيران رئيس الجمعية المهنية لشركات البورصة ،على أن بورصة الدارالبيضاء تتوفر على إمكانيات مهمة من شأنها أن تؤهلها لتكون قطبا للأسواق المالية على صعيد القارة الإفريقية يسهل على المستثمرين الأجانب الولوج إلى الأسواق المحلية. بيد أن صعوبة الولوج إلى التمويل وسلوكيات غير مقبولة وعدم توفر البنيات التحتية الملائمة ووجود شبكة معقدة من الاتفاقيات الضريبية بخصوص الازدواجية الضريبية عراقيل تحول دون النهوض بسوق الأعمال في المغرب. واعتبرت هذه المداخلات أن مصادقة المجلس الحكومي على أربعة مشاريع قوانين خاصة بالسوق المالية وتحول مجلس أخلاقيات القيم المنقولة إلى سلطة لسوق الرساميل تتمتع بالاستقلالية المالية وإحداث غرفة للمقاصة لضمان سلامة المعاملات المالية، عوامل يجب تعزيزها بأخرى ملائمة للتحديات العالمية الجديدة من أجل الإسهام بشكل كبير في تنشيط السوق المالية الوطنية وتعزيز تنافسية بورصة الدارالبيضاء. وخلصت الندوة، التي اختتمت بكلمة وزير الاقتصاد والمالية، إلى أنه حان الوقت لتجديد وتطوير القوانين المعمول بها حاليا داخل بورصة الدارالبيضاء، من خلال الاعتماد على جيل جديد من الإصلاحات، على اعتبار أن تقنين السوق المالية وحده غير كاف للنهوض بها، بل يتعين توفير مجموعة من الشروط المتمثلة في الشفافية والاندماج والإنصاف وصولا إلى إحداث سلطة مالية قوية ومستقلة تعتمد وسائل تكنولوجية وتنظيمية عصرية وناجعة وتسمح بتوفير الأرضية الملائمة لكافة المتدخلي.