انطلاق الشراكة بين القطب المالي للدارالبيضاء ومراكز مالية دولية كبرى وقعت مؤسسة سنغافورة للتعاون والهيئة المالية المغربية مؤخرا، على بروتوكول اتفاق لإقامة شراكة استراتيجية بين المؤسستين، تروم على الخصوص، تنمية القطب المالي للعاصمة الاقتصادية للمغرب. وبموجب الاتفاق، تتيح هذه الشراكة للقطب المالي للدار البيضاء الاعتماد على التجربة الناجحة لسنغافورة، قصد تطوير مركز مالي دولي، وخاصة ما يتعلق بالجوانب التنظيمية والمؤسسية التي تسمح ببلوغ أفضل الممارسات في مجال الضبط والمراقبة بالنسبة لمختلف الفاعلين في القطاع المالي. كما يمكنه أن يعتمد على الجوانب القانونية والمؤسسية التي تسمح باعتماد أحسن الممارسات المتبعة في التنظيم والإشراف على مختلف الفاعلين في القطاع المالي، وكذا المتصلة بسوق الرساميل، بهدف جعل الدارالبيضاء بوثقة جهوية في هذا المجال. وأوضح المدير التنفيذي للهيئة المالية المغربية، سعيد الإبراهيمي في كلمة له بالمناسبة أن هذا الاتفاق يشكل مرحلة هامة ضمن مشروع القطب المالي للدار البيضاء. وقال إن توقيع سنغافورة على أول اتفاق من نوعه في المنطقة، يعد اعترافا بالأهمية والملاءمة التي يتيحها الموقع الاستراتيجي للمغرب، مشيرا إلى أن سنغافورة تعد من أكبر المراكز المالية العالمية والاقتصاديات في العالم. وأكد أن المغرب يتوفر على العديد من المؤهلات التي تسمح له بأن يكون قطبا ماليا جهويا، معددا من بينها عوامل الاستقرار السياسي والماكرو-اقتصادي والجودة العالية لتقنين القطاعات المالية والمصرفية ودينامية الفاعلين وكفاءة الموارد البشرية. ومن جهته ذكر المدير التنفيذي لمؤسسة سنغافورة للتعاون، الفونسوس شيا، أن من شأن هذه الشراكة أن تسمح للقطب المالي للدار البيضاء بالاستفادة من تجربة سنغافورة كمركز مالي جهوي. وقال إن الاتفاقية تكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة لمؤسسة سنغافورة للتعاون بوصفها أول تجربة تعاون مع المملكة المغربية، مبرزا أن انخراط بلاده في مشروع المدينة المالية للدار البيضاء، يدل على اقتناعها بأن للمغرب مزايا استراتيجية هامة تمكنه من أن يشكل قطبا متعدد المهن. وأعرب عن أمله في أن يساهم تبادل الخبرة والمعلومات بين مؤسسة سنغافورة للتعاون والهيئة المالية المغربية في وضع إطار قوي ومستدام لفائدة المركز المالي للدار البيضاء على وجه الخصوص وتنمية علاقات التعاون الثنائي بين البلدين بصفة عامة. وتعتبر الهيأة المالية المغربية، شركة مجهولة الاسم، مسؤولة عن القيادة الشاملة والنهوض المؤسساتي بمشروع «القطب المالي للدار البيضاء» الرامي إلى جعل العاصمة الاقتصادية قطبا إقليميا في مجال مهن التمويل وممرا تفضيليا نحو الاقتصاد الإفريقي. أما مؤسسة سنغافورة للتعاون، فهي وكالة حكومية شكلتها وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشؤون الخارجية في هذا البلد الأسيوي بهدف اقتسام تجربة تنمية سنغافورة مع الأطراف الأجنبية التي تعبر عن اهتمامها بذلك، إضافة إلى إدارة تعاون البلاد مع باقي البلدان. يذكر أن «القطب المالي الدولي للدارالبيضاء» سيمكن من زيادة الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 2 في المائة سنوياً، من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتمويل مشاريع اقتصادية محلية، والتحول إلى قطب إقليمي في القارة الأفريقية. وحسب تصريح صحفي لوزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، فالمغرب، الذي يقدر رأس مال بورصته بنحو 60 مليون درهم، يحتل المرتبة الثالثة في حجم النشاط المالي بعد جنوب إفريقيا ومصر. كما أنه يندرج في إطار خطة استراتيجية مالية واقتصادية، تهدف إلى جعل المغرب مركزاً إقليمياً ودولياً للخدمات المالية والنشاطات الاستثمارية والتأمين وتوظيف الأموال، بما يزيد من جاذبية المنطقة لتلقي تدفقات مالية أكبر على غرار أسواق مالية دولية أخرى، إذ يزيد الاهتمام بالأسواق الناشئة، مشيرا إلى وجود مجموعة من مشاريع القوانين بصدد التهييئ لها لتواكب الإصلاحات التي يحتاجها عمل المركز المالي، من بينها فتح رأس مال شركة «بورصة الدارالبيضاء»، وتحويلها الى بورصة إقليمية لمجموع شمال أفريقيا وغربها وجنوبي البحر المتوسط. ويطمح المغرب من وراء هذا المشروع الضخم، المسمى «كازا فاينانس سيتي» إلى ربح المزيد من التنافسية جهويا ودوليا عبر استقطاب كبار المستثمرين الدوليين والجهويين، وتنمية مهن مالية جديدة، كما يتوقع أن يساهم هذا المشروع في خلق ما بين 15 إلى 20 ألف منصب شغل مباشر وما بين 35 إلى 55 منصب شغل غير مباشر، وأن تبلغ مساهمته في الناتج الداخلي الخام ما بين 7 و12 مليار درهم.