محمود الإدريسي صاحب الصوت الشجي، الذي أعطى نكهة خاصة للموشحات، والأغنية المغربية العصرية، واستطاع أن يؤسس تجربة فنية مغربية صرفة باختيار كتاب كلمات أغانيه وألحانه، وأن يأسر بصوته القوي الممزوج بنبرة دافئة معجبيه، من المغاربة والعرب، يفتح قلبه ل"المغربية"، ليتحدث عن ساعات سعيدة من حياته. تبقى ثمة أمور كثيرة حبيسة رفوف الذاكرة، ترنو إليها الأفكار في أحايين كثيرة لتنبش في تفاصيلها وتثير الشوق، أشياء تستعصي على النسيان، بهذه الكلمات فتح صاحب "ساعة سعيدة" علبة أسراره ليكشف عن بعض المواقف التي لم ولن ينساها. يقول الإدريسي، خلال مسيرتي الفنية الطويلة، عشت مواقف كثيرة، ستظل عالقة في ذاكرتي، من بين ما عشته أن أحد المعجبين اتصل بي يوما وقال أنه يمتلك مجموعة من الأغاني النادرة التي غنيتها في بداياتي الفنية، وبدافع الفضول طلبت منه أن يسمعني ما بحوزته. أسمعني القطعة الأولى فقلت له هذه ليست لي وإنما لفنان مغربي اشتهر في سبعينيات القرن المنصرم وهو المطرب محمد الإدريسي، وكذلك كانت معظم القطع لسي محمد الإدريسي وفهمت بعدها أن هناك من يختلط عليه الأمر بين اسمي محمود الإدريسي واسم صاحب أغنية "عندي بدوية" محمد الإدريسي. وحول ما إذا كان الأمر تكرر معه مرات أخرى، قال صاحب "ساعة سعيدة" إن الأمر لم يتكرر بالصورة نفسها، وتشابه اسمي مع اسم صاحب "محجوبة" لم يكن يطرح لدي أي مشكلة لاختلاف طبقات الصوت وطريقة الغناء والمواضيع وحتى الألحان التي كان مختلفة تماما. فمحمد الإدريسي، المزداد بمدينة سلا سنة 1933، اشتهر في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، بأغانيه التي كانت تميل إلى النمط الشعبي وكانت كلماته تجسد الصراع بين التقاليد المغربية الأصيلة والعادات الدخيلة، ففي أغنية "عندي بدوية"، وهي من كلمات الراحل الطاهر سباطة، يمجد حياة البداوة على حياة المدينة، وفي "محجوبة" ينتصر للقفطان المغربي الأصيل على "الميني جيب"، وفي "الهيبي"، التي كتب كلماتها العربي بن تركة، ينتقد ظاهرة "الهيبزم". وللتذكير، فإن محمد الإدريسي، يتحدر من عائلة فنية معروفة فهو صهر الملحن الشهير محمد بنعبد السلام وأخ المطربتين بهيجة وأمينة إدريس، وخال غيثة بن عبد السلام. رحل إلى فرنسا بعدما اعتزل الغناء، وله بالإضافة إلى أغنية "عندي بدوية" التي حققت له الشهرة، العديد من الأغاني التراثية الشعبية "بنت بلادي زينة"، و"مولات الدار"، و"مول البوسطة"، و"عويشة"، و"العيطة"، بالإضافة إلى العديد من الأغاني الوطنية التي عبرت عن حقبة الستينيات مثل "جايين احنا جايين" و"أرص الصحراء".