في محاولة لفهم التطور في عمل الخلايا الإرهابية، تقدم "المغربية" قراءة في تاريخ أبرز الخلايا وكيف حاولت تهييء موطئ قدم لتنظيم القاعدة داخل المغرب حتى يصبح قاعدة خلفية للتخطيط لعمليات دموية. الحلقة الرابعة عناصر من الشرطة المغربية في حالة تأهب قائمة الإنجازات والنتائج التي حققتها المصالح الأمنية المغربية، في هذا الصدد، طويلة وإيجابية بكل المقاييس. فإلى جانب إجهاضها لمجموعة من الخلايا النائمة، التي كانت تشكل قواعد خلفية للجهاد، لم يكن يفصلها عن التنفيذ المادي سوى انتظار تعليمات "أمراء" الموت أو الإرهاب، تمكنت أيضا، حسب مسؤول أمني رفيع المستوى، من تجفيف منابع تلك البنيات التنظيمية وروافدها البشرية عبر المبادرة إلى رصد الخلايا التي تعمل على التجنيد والاستقطاب واستباق عملياتها قبل أن تتجسد على أرض الواقع. في هذا الصدد، لابد من الإشارة إلى العملية الأخيرة التي قامت بها مصالح الأمن المغربية، والتي تمكنت بواسطتها، مرة أخرى، من اختراق الخلايا الإرهابية وتفكيكها قبل أن تحقق الأهداف المرصودة لها. فمع بداية شهر ماي 2007، كانت يقظة مصالح الأمن المغربية واحترافيتها في مستوى الحدث مجددا، حيث تمكنت من تفكيك خلية تابعة لتنظيم القاعدة تضم 32 شخصا مقسمين على ستة خلايا موزعة على مناطق مختلفة من المغرب وهي: "خلية عوينة الحجاج 1"-"خلية عوينة الحجاج 2"- " خلية حي القدس" – "خلية الناظور" – "خلية أحفير"، ثم خلية بني نصار". وجرى تسطير الأهداف الرئيسية لهذه البنية التنظيمية في تجنيد الشباب المغربي الجانح نحو الأصولية المتشددة والعمل على إذكاء فكرة الجهاد لديه من خلال أشرطة ممغنطة وكتب دينية متطرفة تسهيلا لاستقطابه وترحيله إلى معسكرات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لتلقي تداريب شبه العسكرية تم إرساله في مرحلة لاحقة إلى العراق. أما بخصوص المسالك العبورية التي جرى رصدها من قبل الخلية لترحيل المجندين والمستقطبين الراغبين في الالتحاق بمعسكرات الجهاد، فهي تتمثل بالأساس في تجميع المرشحين بمدينة فاس كنقطة للانطلاق، ثم التوجه بعد ذلك إلى مدينة الداخلة، التي يهاجرون منها سرا إلى مدينة نواديبو بموريتانيا، وهناك يتم استقبالهم من قبل بعض أعضاء التنظيم الذين يقومون باصطحابهم إلى معسكرات "كتيبة الملثمين"، و"كتيبة طارق بن زياد"، الموجودة بشمال مالي، والتي يتزعمها الثنائي المغربي نور الدين اليوبي، وهشام ربجا. التحريات المنجزة في إطار هذه القضية خلصت إلى تأكيد وجود امتدادات مغاربية لتنظيم القاعدة تجسدت في رغبة هذا التنظيم في نشر منهجه العقائدي بين صفوف شباب دول اتحاد المغرب العربي واستقطاب أكبر عدد منهم، في محاولة لاستمالة تعاطف شعوب المنطقة، وإنشاء قواعد خلفية للجهاد يمكنها أن تنتقل إلى التنفيذ المادي بمجرد صدور التعليمات إليها. غير أن هذه الاستراتيجية العملياتية الجديدة، وهذا التحول في منهاج التنظيم، لم يكتب له النجاح بالصورة التي حددت له بفضل يقظة واحترافية أجهزة الأمن المغربية... التي مازالت الآمال معلقة عليها مستقبلا لتحصين المجتمع ضد تصاعد وتنامي الأفكار المتطرفة للتنظيمات الإرهابية.