في محاولة لفهم التطور في عمل الخلايا الإرهابية، تقدم "المغربية" قراءة في تاريخ أبرز الخلايا وكيف حاولت تهييء موطئ قدم لتنظيم القاعدة داخل المغرب حتى يصبح قاعدة خلفية للتخطيط لعمليات دموية. الحلقة الثالثة عناصر من الشرطة المغربية في حالة تأهب شكل ميثاق البيعة، الذي أعلنته الجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، واختيارها لتسمية "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، مؤشرا على تغيير جدري في استراتيجيتها الميدانية والإعلامية. وكشفت العمليات التي استهدفت الجزائر عن تحول نوعي في سياسة الجماعة، تمثل في الانتقال من المناورة الفردية ذات الأهداف المحدودة إلى بناء الائتلاف الجهوي الرامي إلى اقتراف أعمال متعدية القصد تقوم على استهداف مواقع لها رمزيتها وحساسيتها. وجرى تصنيف تلك المؤشرات، التي أعلن عنها التنظيم سواء في عملياته الميدانية الأخيرة أو خرجاته الإعلامية، في إطار التوجه الجديد للعالمية الإرهابية، الذي يقوم على فسح المجال للتنظيمات المحلية من أجل التحرك والمناورة دونما حاجة إلى التماس التعليمات المباشرة من أمير تنظيم القاعدة أو الرجل الثاني فيه، وذلك في محاولة لخلق ما يسمى بلا تمركز الإرهاب أو بناء الأقطاب الإرهابية الإقليمية أو الجهوية التي أثبتت نجاعتها، بحسب منظري القاعدة، في ظل التجربة التي عرفها العراق في إطار ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. كما من شأن هذا التوجه، حسب تقرير أنجزه مختص في قضايا الإرهاب في الإدارة العامة للأمن الوطني، أن يفضي إلى تلاشي الهيكلة التراتبية للتنظيمات الإرهابية ويؤدي بالمقابل إلى تعقدها أفقيا وانتشارها على امتداد مساحات واسعة من العالم، مما سيوسع من دائرة المواجهة وبالتالي زيادة تعقيدها. وبعد أن فطن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي إلى ضرورة توفر معطى تنفيذ الخطط على أرض الواقع، مند اختياره الاندماج الكلي مع القاعدة، عمد إلى تجنيد مجموعة من المتطوعين من مناطق مختلفة من شمال إفريقيا ودول الساحل والصحراء، بهدف ترحيلهم إلى معسكرات التدريب التابعة له بجنوب الجزائر وشمال مالي من أجل تلقي تداريب شبه عسكرية على كيفية صنع المتفجرات ومواجهة القوات النظامية. وجرى العمل بعد ذلك، على إرجاعهم إلى بلدانهم الأصلية لتشكيل قواعد خلفية للجهاد في انتظار تعليمات مستجدة من أجل الانتقال إلى مرحلة التنفيذ، أو ترحيلهم إلى العراق للمشاركة في العمليات القتالية ضد قوات التحالف الدولي تحت مسمى الجهاد. والمغرب بدوره لم يكن بمنأى عن هذه التحولات، بحيث فطنت الأجهزة الأمنية مند البداية إلى عمليات التجنيد والاستقطاب التي كان يقوم بها تنظيم القاعدة إلى معسكرات الجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال سابقا بالجنوب الجزائري أو في شمال مالي خاصة معسكرات"كتيبة طارق بن زياد". ونجحت أجهزة الأمن المغربية، في شهر يوليوز 2005، في تفكيك الجناح المغربي للجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال، الذي كان يتولى تجنيد المتطوعين المغاربة وترحيلهم إلى مدينة بومرداس الجزائرية ومن تم إلى معسكرات التدريب. كما أجهضت المصالح نفسها، في شهر نونبر 2006، خلية الجماعة الإسلامية للتوحيد والجهاد في بلاد المغرب التي سطرت كأهداف أولية لها تجنيد المتشبعين بالفكر الجهادي التكفيري وترحيلهم إلى معسكرات القاعدة بشمال مالي. وأسفرت التحريات، التي باشرتها في شهر دجنبر 2006، عن ع اعتقال 27 شخصا كانوا يشكلون رافدا حيويا لتزويد القاعدة بالمرشحين المنذورين للموت بالعراق.