يعرض أمام الغرفة الجنائية الابتدائية لدى محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، غدا الثلاثاء، الملف الأول لاختلاسات سوق الجملة للخضر والفواكه، الذي يتابع فيه 26 متهما في حالة سراح مؤقت. استئنافية البيضاء كانت الغرفة نفسها، أرجأت مناقشة الملف، في ماي المنصرم، إلى اليوم، بعد الاستجابة إلى طلب الدفاع بالتأخير، بسبب غياب بعض الشهود، الذين أمرت هيئة الحكم بإعادة توجيه الاستدعاء إليهم من أجل الحضور. ويتابع ضمن هذا الملف المدير السابق لسوق الجملة، ووكيل مداخيل وموظفون بمصلحتي الميزان والمراقبة، ورئيس مقاطعة، بتهم تتعلق بجنايات "اختلاس وتبديد أموال عمومية والارتشاء والمشاركة فيه، وتزوير وثائق رسمية، وإخفاء معطيات معلوماتية بالحاسوب". وتضم لائحة الشهود، الذين يتجاوز عددهم 40 شاهدا، مسؤولا إداريا بالسوق له صلة قرابة بوزير سابق، إضافة إلى محام رفع شكاية إلى الوكيل العام للملك، تحدث فيها عن اختلاسات بملايير السنتيمات، فضلا عن رئيس مصلحة الإعلاميات السابق، ووكلاء مربعات، ورئيس مصلحة الجبايات سابقا. وكانت الغرفة ذاتها أرجأت هذا الملف، لجلسات متوالية ولأسباب مختلفة، تارة لإعداد الدفاع، وتارة لغياب الشهود، أو لغياب أحد المتهمين، في حين طالبت الهيئة القضائية ممثل النيابة العامة بتطبيق مسطرة الاعتقال في حق اثنين من المتهمين، موجودين في حالة فرار، ويتعلق الأمر ب (أ.ب)، و(ه.م)، وهما موظفان بقسم الإعلاميات بالسوق. وانطلقت التحقيقات في هذا الملف، الذي يعرف باسم "اختلاسات سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء" بعد شكاية جرى تقديمها إلى وزارة العدل قبل سنة 2003، وبعد التحقيقات الأولية اعتقل رئيس مصلحة الجبايات، ومتهمون آخرون لأزيد من سنة بأمر من قاضي التحقيق بمحكمة العدل الخاصة، وبعد الأخيرة، أحيل الملف على جمال سرحان، قاضي التحقيق سابقا باستئنافية البيضاء، قبل تعيينه رئيسا للمحكمة باستئنافية خريبكة، ليجري فتح تحقيق جديد فيه بعد مرور ست سنوات. وكشفت التحقيقات في هذا الملف، التي قامت بها عناصر الأمن وقاضي التحقيق باستئنافية البيضاء، عن وجود "اختلاسات في الموارد الجبائية، والتلاعب فيها بتقديم بيانات غير حقيقية مخالفة للواقع، والتلاعب في مداخيل المراحيض، ومداخيل كراء المحلات التجارية، والتفويتات المشبوهة للمحلات، دون اللجوء لطلب العروض حسب ما يفرضه القانون"، إضافة إلى "الإدلاء بتصاريح مزورة عند الدخول، وتغيير الحمولة إلى خضر أو فواكه رخيصة الثمن، والتلاعب في التصريح بنوع الصناديق خشبية أم بلاستيكية، والتلاعب في الأسعار الحقيقية والوزن والإفراغ أمام السوق وخارجه". وامتدت عمليات التحايل على المداخيل الحقيقية للسوق، حسب التحقيقات المباشرة، إلى "التلاعب بما يسميه التجار بالتصريح الكاذب عن السلعة، التي تدخل السوق، إذ يجري تعويض التصريح بسلعة تكون تكلفة جبايتها مرتفعة، بتصريح لأخرى تكون أقل منها، ويوزع الفرق في المبالغ المالية بين المسؤولين عن هذا التلاعب بالمال العام".