تنظر غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، اليوم الخميس، في جلسة جديدة لمحاكمة 26 متهما، بينهم موظفون ومنتخبون وتجار، في الملف الأول ل "اختلاسات سوق الجملة للخضر والفواكه" بالبيضاء. جنايات الدارالبيضاء وكانت الغرفة نفسها أرجأت النظر في هذا الملف لجلسات متوالية بسبب إعداد الدفاع أو من أجل استدعاء بعض المتهمين، الذين يتخلفون عن المثول أمام المحكمة. ويتابع هؤلاء المتهمون، في حالة سراح مؤقت، بتهم "اختلاس وتبديد أموال عمومية، والإرتشاء، وتزوير وثائق رسمية، وإخفاء معطيات معلوماتية بالحاسوب". ويضم الملف مديرا سابقا، ووكيل مداخيل، وموظفين بمصلحتي الميزان والمراقبة، ورئيس جماعة، في حالة سراح. وانطلقت التحقيقات في ملف "اختلاسات سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء"، بعد شكاية جرى تقديمها إلى وزارة العدل قبل سنة 2003، إذ جرى اعتقال رئيس مصلحة الجبايات، ومتهمين آخرين لأزيد من سنة، في إطار التحقيقات الأولية، بأمر من قاضي التحقيق بمحكمة العدل الخاصة، وبعدها أحيل الملف على قاضي التحقيق، ليفتح تحقيق جديد فيه بعد مرور ست سنوات. وكشفت التحقيقات في هذا الملف، التي قامت بها عناصر الأمن وقاضي التحقيق السابق باستئنافية البيضاء، على وجود اختلاسات في الموارد الجبائية، والتلاعب فيها بتقديم بيانات غير حقيقية مخالفة للواقع، والتلاعب في مداخيل المراحيض، ومداخيل كراء المحلات التجارية، والتفويتات المشبوهة للمحلات، دون اللجوء لطلب العروض حسب ما يفرضه القانون. إضافة إلى الإدلاء بتصاريح مزورة عند الدخول، وتغيير الحمولة إلى خضر أو فواكه رخيصة الثمن، والتلاعب في التصريح بنوع الصناديق خشبية أم بلاستيكية، والتلاعب في الأسعار الحقيقية والوزن والإفراغ أمام السوق وخارجه. ووقفت الأبحاث المباشرة، حسب وثائق الملف، على مجموعة من التلاعبات في الميزان، إذ تبين أن بعض الموظفين يعمدون إلى تزوير البيانات الخاصة بمجموعة من السلع، حتى يتسنى لهم الحصول على الفارق المالي، كما أن آخرين بمكتب الميزان يسجلون بيانات خاصة بسلعة ما بدل سلعة أخرى ليكون أداء الضرائب عنها أقل، ويحتفظون بالفارق، مضيفة أن التزوير لا يقتصر على نوعية السلع، بل يشمل حتى التلاعب في وزن أو حمولة الشاحنة، إذ غالبا ما يجري رفع وزن الشاحنة، على أساس أن يخفض وزن السلعة التي تحملها، حتى يكون الأداء الضريبي أقل من المبلغ الحقيقي الذي يجب أداؤه. وكان جمال سرحان، قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، سابقا، قرر متابعة 26 متهما، فيما برأ 13 آخرين، على خلفية الاختلالات، التي عرفتها مالية السوق. وبلغ عدد الموظفين، الذين استمع إليهم قاضي التحقيق، حوالي 40 موظفا، يعمل بعضهم في مصلحة الجبايات بسوق الجملة للخضر والفواكه، وآخرون في قسم الميزان بالمصلحة ذاتها، وموظفون ببرج المراقبة. وكشفت تحقيقات قاضي التحقيق، خصوصا عندما أجرى مواجهة بين 20 شخصا، بعضهم موظفون بمصلحة المعلوميات، وبين أحد الأعضاء بمجلس المدينة، أن أحد المسؤولين حاول إرشاءهم، مقابل إتلاف الحاسوب المركزي بالسوق، الذي يضم جميع المعلومات الخاصة بأوراق الكشف، والموظفين الذين أشرفوا على إنجازها.