قرر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الاستعانة بأنصاره في الشارع، من أجل مواجهة موجة الاحتجاجات، التي انطلقت شرارتها قبل 13 يوما من ميدان تقسيم في إسطنبول. رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (خاص) دعا المكتب السياسي لحزب"العدالة والتنمية" الحاكم، إلى تظاهرات شعبية تأييداً لأردوغان في أنقرةوإسطنبول السبت المقبل، كما دفع الحزب أنصاره إلى استقبال أردوغان في مطار أنقرة لدى عودته من جولة في أضنة ومرسين (جنوب) وصف خلالها المتظاهرين ب"اللصوص"، مجدداً نعتهم ب "الرعاع". واستثنى خمسة في المائة منهم، اعتبر أنهم تظاهروا عن حسن نية بعدما "خدعوا بمعلومات مضللة عن مشروع حديقة غازي بارك". وقال أردوغان لأنصاره المحتشدين في مطار أنقرة: "تحلينا بالصبر وسنتحلى به ولكن للصبر حدودا"، في مواجهة حركة الاحتجاج. وردد أنصاره هتافات، منها: "أرواحنا فداك يا طيب". وفي وقت عمد محافظ إسطنبول حسين عوني مطلو إلى الاعتذار من المعتصمين في الحديقة، الذين أجرى ممثلوهم مفاوضات مع مسؤولين أمنيين ورئيس بلدية إسطنبول قادر طوباش، اتفق خلالها على إخلاء ميدان "تقسيم" للمارة والسياح، وحصر الاعتصام داخل حدود الحديقة فقط. وكان أردوغان قال في خطاب في أضنة إنه لن يتصرف "مثل هؤلاء الرعاع واللصوص الذين يحتاجون إلى تربية من جديد"، مبدياً ثقته بأن "95 في المائة من المحتجين لم يسمعوا عن حديقة غازي بارك في حياتهم، لكنهم أحرقوا الدكاكين وقطعوا الطرقات وهاجموا رجال الأمن". واعتبر أن "أقلية خرجت بنية سليمة بين المتظاهرين، انخدعت بالإعلام المضلل والكاذب". ولوحظ تراجع أردوغان عن استخدام عبارة "مؤامرة خارجية" لتبرير التظاهرات وتركيزه على مشاريعه، التي قام بها خدمة للبيئة في السنوات الماضية. ولم يقنع اعتذار محافظ إسطنبول المعتصمين، الذين طالبوا بكشف اسم المسؤول الذي أمر بدهم اعتصامهم في اليوم الأول وإحراق الخيام واستخدام القوة المفرطة ضدهم، وهو الأمر الذي يقول وزير الداخلية معمر غولار إن التحقيق في شأنه ما زال جارياً، لكن أوساط المتظاهرين بدت متأكدة من أن الأوامر جاءت من أردوغان شخصياً وهو اتهام لم تنفه الحكومة ولم تعلق عليه. وأرفق الحزب الحاكم قراره "الخطر" بالنزول إلى الشارع بنفيه وجود أي نية لإجراء انتخابات بلدية مبكرة، استجابة لدعوة حزب الشعب الجمهوري المعارض، علما أن استطلاعات الرأي التي أجراها الحزب الحاكم، لا تشير إلى تراجع كبير في شعبيته لان التظاهرات ركزت على شخص أردوغان وليس الحزب. لكن مراقبين ربطوا رفض انتخابات مبكرة، بخطة أردوغان ترشيح وزرائه وقيادات حزبه الذين أكملوا ثلاث دورات برلمانية، إلى الانتخابات البلدية المقررة العام المقبل، باعتبار أن هذه القيادات لا تستطيع المشاركة في الانتخابات البرلمانية لمرة رابعة وفق النظام الداخلي للحزب، كما أن أردوغان يخطط للترشح شخصياً للانتخابات الرئاسية العام المقبل أيضاً، لذا فإن من مصلحته أن تجرى الانتخابات كلها في موعد واحد من دون تقديم أو تأخير من أجل ضبط إيقاع حركة التغيير في الحزب. ميدانياً، شهدت إزمير وأنقرة تظاهرات حاشدة ليل السبت - الأحد، بالتزامن مع تظاهرات "تقسيم" التي تحشد الآلاف كل ليلة، وفيما مرت تظاهرات إزمير في شكل احتفالي كبير، فإن تظاهرات أنقرة قوبلت بقمع قوي من رجال الأمن، ما دفع منظميها إلى الدعوة لاحتجاجات أكبر في أنقرةوإسطنبول. واتهم حزب الشعب الجمهوري أردوغان باستخدام قدرات الحكومة والبلديات لحشد الدعم الجماهيري له واستقباله في المطارات من خلال توفير باصات مجانية، مشيرين إلى أن هذا السلوك يقربه أكثر من زعماء عرب أطاحتهم الثورات. وجدد الحزب المطالبة بكشف "شبيحة" خرجوا إلى جانب رجال الشرطة في إزمير لضرب المتظاهرين بالعصي. وانتقد الحزب المعارض صدور سبع صحف تركية يوم السبت بعنوان واحد وهو جملة من حديث أردوغان قال فيها: "إن روحي فداء للديمقراطية"، معتبرين ذلك "أكبر دليل على سيطرة أردوغان على الإعلام، ما يتنافى روحاً ونصاً مع ما قاله".