فتح تأسيس الجمعية المغربية لأسود الأطلس القدماء، التي أسندت رئاستها إلى يوسف روسي، الذي يشغل، حاليا، مشرفا على الجانب اللوجيستيكي بفريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم، ومستشارا تقنيا للمدرب امحمد فاخر، الكثير من الجدل من طرف عدد من الدوليين السابقين، الذين تساءلوا واحتجوا على سبب إقصائهم، وعن الطريقة التي جرى بها تشكيل المكتب المسير للجمعية، المكون في غالبيته من محيط مدينة الدارالبيضاء. احتجاج اللاعبين القدامى السابقين، وضمنهم حاملي الكأس الإفريقية الوحيدة في تاريخ الكرة المغربية 1976 بأديس أبابا الإثيوبية، يطرح مجموعة من الأسئلة حول طريقة تأسيس الجمعية التي اعتبرت "سرية"، وبعيدة عن المنطق والقانون، وأخلاقيات اللعبة، حسب بعض المحتجين. أما أصحاب مبادرة تأسيس الجهاز الجديد فلم يترددوا في القول إن خطوتهم جاءت لسد الفراغ الحاصل، وأن الفكرة استجابت للنظام الأساسي الذي أعدته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعرضته على الاتحاد الدولي "فيفا"، ووزارة الشباب والرياضة للمصادقة عليه، وينص على حضور ممثل اللاعبين الدوليين السابقين للمشاركة في الجمع العام المقبل. أمام هذا الوضع، الذي جعل لاعبي الكرة المغربية في وضع لا يحسدون عليه، وتأكد الجميع مرة أخرى من أن كرتنا الوطنية مريضة، حسب قول محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، تعود إلى الواجهة الكثير من الأسئلة، منها، هل ستطمئن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بخصوص حضور ممثل عن هيئة اللاعبين الدوليين السابقين خلال جمعها المقبل، الذي لم يتحدد بعد تاريخ انعقاده، بعد تأسيس الجمعية المغربية لأسود الأطلس القدماء، دون مشاكل أم أن هناك مبادرات جديدة تروم تأسيس جهاز جديد يمثل اللاعبين الدوليين السابقين "المقصيين"؟. في تاريخ الكرة المغربية سطع العديد من الأسماء في سماء الكرة العربية والإفريقية ووصلت لحدود العالمية، وأعلنت بأن المغرب ينجب أسماء، وما زال، ويشهد على جودة الإنتاج حضور أسماء في مختلف الدوريات العربية والأوروبية. ولا جدال في التاريخ، الذي يكتب بأحرف من الذهب كل اسم ومدى تضحياته من أجل جعل العلم الوطني الغالي خفاقا خلال مساره الكروي. حكاية المولود الجديد لا يتجادل اثنان حول أن فكرة تأسيس جهاز مدني يمثل اللاعبين الدوليين السابقين تعد مبادرة حسنة، ومن أهدافه جمع شتات اللاعبين الدوليين السابقيين، وحفاظ وصيانة كرامتهم. من هذا المنطلق، ودون مقدمات، قيل إنه جرى تأسيس الجمعية المغربية لأسود الأطلس القدماء، وانتخب يوسف روسي رئيسا لها، علما بأنه لم يجر إخطار وسائل الإعلام عن موعد الجمع العام التأسيسي. وخلال الندوة الصحفية، التي نظمت الثلاثاء الماضي بالدارالبيضاء، جرى التعريف بالجمعية، وأعضاء مكتبها، ومنخرطيها، والأعضاء الشرفيين، الذين لم يحضروا لأسباب مجهولة، باستثناء مصطفى الحداوي، المدرب الحالي للمنتخب الوطني للكرة الشاطئية. ملء الفراغ قال يوسف روسي، رئيس الجمعية المغربية لأسود الأطلس القدماء، إن الهدف الأساسي وراء تأسيس الجمعية هو جمع شمل اللاعبين المغاربة القدامى، الذين يعيش، غالبيتهم، على حافة الفقر والتهميش، وأن عملها سينبني على مبدأي الديمقراطية والشفافية. وأضاف روسي أن فكرة التأسيس جاءت متأخرة، مقارنة مع دول الجوار مثل الجزائر، وتونس، وأنها جاءت لتجاوز فترة الفراغ التي عاش على إيقاعها اللاعب الدولي، معتبرا أن الجمعية الجديدة ستساعد اللاعب المغربي الدولي السابق على تمديد صلاحيته في الملاعب الكروية بعد الاعتزال. وحملت مداخلات بعض أعضاء المكتب المسير للجمعية توضيحات مهمة وحساسة في الوقت ذاته، حيث جرى التأكيد على أن الجمعية سوف تشتغل وفق ما ينص عليه القانون، وبمبدأي الشفافية والديمقراطية، وأنها سوف تقطع الطريق على كل من سولت له للاسترزاق باسم اللاعبين الدوليين القدامى، موضحين أن الجمعية جاءت لرد الاعتبار للاعب القديم، وجعلها قوة اقتراحية للجامعة. خارطة الطريق قدم الدولي المغربي السابق يوسف روسي خارطة طريق تختزل أهداف الجمعية وأعمالها المستقبلية، حيث أكد أن هناك مجموعة من المشاريع تتجه كلها نحو ضمان بقاء اللاعب الدولي في الميادين الكروية بعد الاعتزال بكرامة واعتزاز. وكانت بداية المشروع بإعداد بحث دقيق، بتنسيق مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يهم تدوين اللاعبين الدوليين القدامى منذ بداية الاستقلال، والوثائق والصور التي تؤرخ لمسارهم الكروي، ويشمل هذا العمل جميع فئات المنتخبات الوطنية، وليس الأمر مقتصرا على المنتخب الأول فقط. ستفرض الجمعية قوتها في أن تكون حاضرة ضمن اللجنة الاحترافية التابعة للجامعة، التي تقوم بزيارة الفرق الوطنية، ومعاينة ملفاتها وفق ما ينص عليه القانون الجديد، ومدى تطابقه مع الالتزامات المحددة في دفتر تحملات المشروع. وتهم النقطة الثالثة في عمل الجمعية، بتنسيق مع الجامعة والفرق الوطنية، وضع تجربة وخبرة دولييها رهن الإشارة، خاصة على مستوى التكوين أو التسيير والتدبير، وانفتاحها على جميع الأجهزة الكروية، واهتمامها بكل التخصصات، منها الكرة النسوية، وكرة القدم داخل القاعة، والكرة الشاطئية. وعمل الجمعية على إعداد مشروع قانون خاص بالتغطية الصحية، يشبه نظام "راميد" الخاص بالتغطية الصحية للفقراء، إضافة إلى مضاعفة الجهود، من أجل تنظيم مباريات تكريمية للاعبين القدامى، وتقديم كل الدعم المعنوي إليهم. ومن بين مشاريع الجمعية كذلك، تنظيم عملية إفطار أسبوعية مع اللاعبين القدامى، الذين بصموا تاريخا حافلا في سجل الكرة المغربية، وباتوا اليوم في ذاكرة النسيان، ويعانون شتى أنواع الإهمال واللامبالاة. وأبرز يوسف روسي أن الشركاء الأساسيين للجمعية هم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، واللجنة الأولمبية، ووزارة الشباب والرياضة، ومؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، قائلا "هدفنا الأساسي صيانة كرامة اللاعب القديم، ومصالحة اللاعب القديم مع الملاعب، من خلال تمكينه من بطاقة خاصة لولوج الملعب بطريقة تحفظ كرامته، بتنسيق مع الجامعة والأندية الوطنية، كما أن الجمعية ستعتبر قوة اقتراحية للجامعة، اعتبارا من القانون الجديد للتربية البدنية، إضافة إلى العمل على تكوين اللاعبين القدامى، وتهييئهم لتقلد مهام تقنية وإدارية مستقبلا". بداية الاحتجاج ميلاد الجمعية المغربية لأسود الأطلس القدماء وجد استحسانا كبيرا من لدن اللاعبين الدوليين القدامى، وكذا من طرف الأجهزة القائمة على الشأن الرياضي، لأنها ستساهم في إخراج اللاعبين السابقين من العزلة التي عاشوا داخلها لفترة طويلة، وأنهم سيؤكدون كذلك أن صلاحيتهم لم تنته، وأنهم قادرون على دعم الكرة المغربية، لتوفرهم على تجارب ميدانية مهمة. هذا المعطى لم يختلف حوله، كذلك، اللاعبون الدوليون السابقون المحتجون والمستاؤون، حاليا، من الطريقة التي جرى بها إعلان ميلاد جمعية قدماء اللاعبين المغاربة، بعدما تم إقصاء الكثير من الوجوه التاريخية في سجل الكرة المغربية. انتقد الدوليون السابقون، أمثال عزيز بودربالة، وصلاح الدين بصير، وحميد الهزاز..، الطريقة التي تم من خلالها انتخاب الدولي السابق يوسف روسي رئيسا للجمعية، معتبرينها غير منطقية، ولا تمت للقانون بصلة بتاتا، بعدما جرت الأمور بسرية كبيرة، قائلين "كانت ينا تصورات في الاتجاه ذاته، لكن بمنهجية مغايرة، لقد كنا ننوي استدعاء كل اللاعبين الدوليين السابقين دون إقصاء ولا اسم، قبل أن يجري تعميم بلاغ على مختلف وسائل الإعلام الوطنية لمنح الفرصة لأكبر عدد من الدوليين حق المشاركة والانضمام إلى الجهاز الجديد، وفتح باب الترشيح والتصويت بطريقة ديمقراطية، وشفافة، وإن قال الجمع العام، الذي هو سيد نفسه، الرئيس الأول والأخير هو يوسف روسي فمرحبا". وقال عزيز بودربالة، في تصريح ل"الواحة الرياضية"، "ليس لدينا خلاف مع الأشخاص، بقدر ما نحتج بطريقة حضارية عن سبب إقصاء مجموعة من الأسماء، التي لا يمكن لأحد محوها من تاريخ كرة القدم المغربية". وأضاف أنه لا يعقل في دولة الحق والقانون أن يجري تأسيس جمعية بطريقة ملغومة، وغير مفهومة بتاتا، ويجرى إقصاء أسماء لاعبين وازنين، ومنهم من حصل على الكرات الذهبية، أمثال محمد التيمومي، وأحمد فراس، ومصطفى حجي، وبادو الزاكي، إضافة إلى الأسماء، التي ظلت راسخة في تاريخ الكرة المغربية، من خلال فوزها باللقب الوحيد سنة 1976. في المقابل، انتفض يوسف روسي في وجه كل الادعاءات التي حاولت التشكيك في مصداقيةرئاسته للجمعية المغربية لأسود الأطلس القدماء، وأكد أن الأمر خطير جدا أن يتم إسقاط المشروعية القانونية على الجمعية الجديدة، التي تأسست وفق ما ينص عليه القانون المنظم للجمعيات المدنية، معتبرا ذلك مزايدات مجانية فقط، وأن الجمعية الجديدة استوفت جميع الشروط القانونية، وأن أشغال الجمع العام تمت بطريقة ديمقراطية وشفافية، بعدما وضع اللاعبون الدوليون فيه الثقة لرئاسة الجمعية. وأوضح روسي أن "الجمعية استقطبت لاعبين كبارا مروا في مرحلة ما بالمنتخب الوطني المغربي، وأنها ستظل مفتوحة في وجه كل من يرغب في الالتحاق بها". وفي الوقت الذي قيل إن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم اطمأنت وخطت خطوة متقدمة نحو الإعلان عن تاريخ جمعها العام، الذي لم ينعقد منذ 19 أبريل 2009، من خلال ضمان حضور هيئة تمثل اللاعبين الدوليين السابقين في الجمع العام المقبل، انطلاقا من مشروع النظام الأساسي الذي أعدته، وعرضته على الاتحاد الدولي "فيفا"، ووزارة الشباب والرياضة للمصادقة عليه، فإن حالة الاحتجاج التي قادها الدوليون السابقون القدامى ستضع كل الأجهزة المشرفة على الشأن الرياضي الوطني في موقف صعب، في حال ما إذا قرر المحتجون والمقصيون تأسيس جهاز جديد خاص بهم، ويجمع شملهم. أليس الاستعانة بالروح الرياضية والالتفاف حول مائدة مستديرة لإيجاد حل يضمن توحيد الآراء، عوض الشتات، ضرورة ملحة تساهم في احترام الكرة المغربية. السميري: تجاهل جديد للمنطقة الشرقية احتج كمال السميري، اللاعب السابق لمولودية وجدة والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، بشدة على سبب إقصاء اللاعبين الدوليين السابقين من الجمعية الجديدة التي تأسست باسم اللاعبين القدامى، وقال "شخصيا أحبذ فكرة تأسيس جمعية خاصة تمثل اللاعبين الدوليين السابقين، تعتني بأوضاعهم، لكن طريقة تأسيسها غير مفهومة بتاتا، وساهمت في إقصاء مجموعة من الأسماء الوازنة في تاريخ الكرة المغربية". وأضاف السميري، في اتصال هاتفي مع "الواحة الرياضية"، أن الجمعية الجديدة ساهمت في إقصاء مجموعة من الأسماء التي قدمت خدمات جليلة للمنتخب الوطني، وضمنهم اللاعبون الذين بللوا القميص الوطني بعرقهم، وتوجوا باللقب القاري سنة 1976، قائلا "نحن الفائزين باللقب القاري لم نعد موجودين على الساحة، وغير معترف بنا". وأكد سميري أنه "للأسف الشديد المنطقة الشرقية للمملكة غير معترف بها، ولاعبوها مقصيون من دخول أي مبادرة، كأنهم من كوكب أخر، في وقت توجد أسماء ستظل محفورة في تاريخ الكرة المغربية بأحرف من ذهب". الهزاز: غموض كبير يلف الهيأة الجديدة اعتبر حميد الهزاز، الحارس الدولي السابق للمغرب الفاسي والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، أن تأسيس الجمعية الجديدة التي تعنى باللاعبين الدوليين السابقين فيها الكثير من الارتجالية، ولم تكن بدايتها ناجحة يجب أن تكون. وقال حميد الهزاز، في اتصال هاتفي مع "الواحة الرياضية"، إنه يجهل الطريقة التي جرى بها تأسيس الجمعية، التي يرأسها يوسف روسي. وأضاف "كان من المفروض أن يجري تطبيق القانون، والمنطق، فالفكرة جيدة وحميدة، وكنا بصدد التفكير في تطبيقها، لكن على نحو جيد، إذ كنا سنكون لجنة تنظيمية لتهييء جمع عام، قبل أن يجري إخبار الرأي العام، وكل اللاعبين الدوليين عبر بلاغ في وسائل الإعلام الوطنية، وخلال الجمع العام يتم تقديم الترشيحات، والتصويت عليها بكل الطرق القانونية المعهود عليها". بودربالة: ليس لنا أي خلاف مع الأشخاص قال عزيز بوردبالة، اللاعب الدولي السابق للوداد البيضاوي والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، إنه ليس لديه خلاف مع الأشخاص الذين أسسوا الجمعية الجديدة الخاصة باللاعبين الدوليين السابقين، وأن احتجاجه، مثل باقي اللاعبين الدوليين المقصيين، كان بطريقة حضارية، وناتج عن إقصاء مجموعة من الأسماء، التي لا يمكن لأي أحد أن يمحوها من تاريخ كرة القدم المغربية. وأضاف عزيز بودربالة، في تصريح ل"الواحة الرياضية"، أنه لا يعقل في دولة الحق والقانون أن يجري تأسيس جمعية بطريقة ملغومة، وغير مفهومة بتاتا، ويجري إقصاء أسماء لاعبين وازنين، ومنهم من حصل على الكرات الذهبية، أمثال محمد التيمومي، وأحمد فراس، ومصطفى حجي، وبادو الزاكي، إضافة إلى الأسماء التي ظلت راسخة في تاريخ الكرة المغربية من خلال فوزها باللقب القاري الوحيد سنة 1976. وأكد بودربالة، الذي لعب للمنتخب الوطني حوالي 14 سنة، أن احتجاجه ناتج عن غيرته الوطنية، على الأسماء التاريخية التي استثنت من الاستدعاء إلى الجمعية التي تهمهم بالدرجة الأولى، بحكم أن العديد منهم لعب أكثر من 100 مباراة دولية، مشيرا إلى أنه كان من المفروض أخلاقيا استدعاء الأسماء الوازنة، دون إقصاء أي جهة من جهات المملكة. وأوضح عزيز بودربالة أنه، إلى جانب مجموعة من الأسماء الدولية السابقة، كانوا بصدد تأسيس ودادية خاصة باللاعبين السابقين، وأن اللجنة التحضيرية كانت ستقوم بكل الإجراءات القانونية لاستدعاء كافة اللاعبين الدوليين لفتح نقاش مستفيض، ولتحديد الأهداف، قبل عقد الجمع العام الذي سيكون سيد نفسه، وكل من رأى في نفسه الأهلية لقيادة السفينة يتقدم بكل ديمقراطية وشفافية"، دون أن ينفي أن الفكرة مازالت قائمة