خلف قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال القاضي بالانسحاب من الحكومة عدة ردود أفعال في الأوساط السياسية الوطنية، وبشكل خاص الأوساط الحزبية، سواء التي تصطف ضمن الأغلبية أو المعارضة، وإن كانت مواقف الفئة الأخيرة أكثر وضوحا مهنين خلف شباط خلال حديثه مع بنكيران (أرشيف) إذ عبر الكثير منها عن رفض الانضمام إلى الأغلبية الحكومية، في حين قدم محمد الأبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، تصورا مخالفا، حين تحدث ل"المغربية" عن تكوين تحالف حكومي مسير من أحزاب القطب اليميني يقوده حزب العدالة والتنمية. وبموازاة مع ما فتحه من جبهات صراع بين حزب الاستقلال وحلفائه في الأغلبية، وتبادل الاتهامات، وما قابل ذلك من ترحيب بحزب علال الفاسي ليكون لاعبا مميزا في المعارضة، فتحت جبهة صراع داخلية، من طرف تيار "بلا هوادة" الذي يتزعمه عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم التاريخي لحزب الميزان. وفي رد فعل مباشر للموقف، الذي عبر عنه هذا التيار، الذي كال النقد لحميد شباط، الأمين العام للحزب، أصدر الأخير أمرا إلى رئيس الفريق الاستقلالي في مجلس المستشارين بإبعاد علال مهنين، عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، من رئاسة مصلحة الفريق الاستقلالي بالمجلس نفسه. واعتبر مهنين أن القرار نوع من الانتقام المباشر ضد الآراء والمواقف، التي يعبر عنها مهنين داخل تيار "بلا هوادة"، الذي أنشئ أخيرا داخل الحزب، لمناهضة قيادة الحزب في شخص أمينه العام. وأوضح مهنين أن لا علاقة لوظيفته بانتمائه إلى التيار المذكور، مؤكدا أن الأمر يتعلق بوظيفة إدارية يؤديها بشكل طبيعي، في إطار احترام قوانين الوظيفة. وقال في تصريح ل "المغربية" إن رد الفعل هذا يؤكد اليوم حقيقة أساسية مفادها أن حزب الاستقلال بقيادة شباط يخرق مبادئ الدستور، التي تكفل حرية التعبير وإرساء الديمقراطية، والتي صادقت عليها الأحزاب بما فيها حزب الاستقلال. واعتبر أن ما حدث محاولة لتكميم أفواه من يعارض رأي القيادة "لذا لا يمكنني أنا شخصيا أن أقبل على نفسي أن أكون من القطيع فقط لإبقاء على منصب ما. لأنني ما زلت أومن بالمبادئ التي تربينا عليها داخل حزب الاستقلال" يقول مهنين، الذي اعتبر القرار مجحفا، منبها المغاربة إلى أن هذه الممارسات، التي تصدر اليوم عمن يتحدث عن حل الأزمة الاقتصادية هي صورة لممارسات أخطر. وأشار مهنين إلى تلقيه رسائل من أعضاء الحزب وموظفين في مجلس المستشارين، الذين كانت تجمعهم به علاقات طيبة، عبروا من خلالها عن تضامنهم المطلق معه وشجبهم القرار اللامنطقي في حقه، مشيرا إلى احتفاظه بحق الرد عبر الخطوات الضرورية، التي ترد اعتباره، من بينها أن تيار "بلا هوادة" يتدارس حاليا مجموعة من القرارات، وإن كانت بشكل عام، ضد كل الممارسات، التي يمكن أن تنسف الحوار الديمقراطي وحرية التعبير. وجدد علال مهنين تأكيده على معارضة كل ما من شأنه أن يحيد عن مبادئ ومرجعيات الحزب، التي تستند إلى الحوار والإصلاح وخدمة المصلحة العامة للبلاد، قبل كل شيء، وكذا تشبثه بمعارضة القرار الرامي إلى الانسحاب من الحكومة، والذي جرى خارج جدول الأعمال المبرمج في اجتماع المجلس الوطني الأخير، ما يجعله قرارا غير قانوني، معتبرا إياه قرارا غير محسوب العواقب، لكونه يأتي في ظرفية دقيقة يمر بها المغرب، ويراد به العودة إلى نقطة الصفر عبر تعديل حكومي يمنح لحزب الاستقلال وزارات جديدة. وقال مهنين في هذا الصدد إنه "لا يمكن أن نتلاعب بمصير البلاد لفائدة مصالح الأشخاص". وعن تيار "بلاهوادة" قال مهنين إنه تيار عازم على السير قدما من أجل إبقاء الحزب على مصداقيته التاريخية، وهذا من الأمور التي سيركز عليها الجمع العام التأسيسي لهذه الحركة الذي سينعقد يوم 25 ماي الجاري بالرباط.