قرر مجلس وزراء الخارجية المغاربيين إحداث مصرف مغاربي مشترك للاستثمار، سيعقد جمعه التأسيسي قبل نهاية السنة الجارية 2013، وبإنشاء المجلس المغاربي للشؤون الدينية٬ وعقد ندوة في الجزائر حول الجاليات المغاربية في الخارج لتنسيق المواقف وطرق معالجة مشاكلها وقضاياها. واتفق وزراء خارجية دول المغرب العربي، في اجتماعهم أول أمس (الأحد) بالرباط، على بلورة استراتيجية موحدة لتعزيز التنمية والاندماج الاقتصادي في ما بين الدول الخمسة بهدف تسريع وتيرة الاندماج. إذ أكدوا، في ندوة صحفية عقدوها عقب نهاية أشغال دورتهم 31، على ضرورة تحقيق الاندماج الاقتصادي المغاربي، والاستفادة من عوامل التكامل والمؤهلات، التي يتوفرون عليها، ملتزمين بتنشيط الآليات والمؤسسات الكفيلة بمواجهة التحديات الأمنية والتنموية، عبر تعزيز التنسيق الأمني لمواجهة التهديدات الإرهابية وجرائم تهريب السلاح والمخدرات والبشر عبر حدودهم المشتركة. واعتبر سعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون، أن الوضع غير المستقر في منطقة الساحل والصحراء وفي دول الشرق الأوسط٬ يلزم الدول المغاربية بالعمل المشترك لمواجهة مختلف التهديدات، مشيرا إلى أن الدول الخمسة في "حاجة إلى أدوات خلاقة وإلى إرادة سياسية واضحة لتفعيل الأهداف المرجوة على أرض الواقع"، معلنا حرص المغرب الدائم واستعداده لبذل كل الجهود "الرامية إلى إقامة نظام مغاربي جديد قوي ومتماسك يقوم على احترام سيادة وسلامة أراضي الدول الأعضاء". وأوضح العثماني أن تحقيق أهداف المغرب العربي تتأتى عبر "مد جسور التعاون بشكل أكبر بين الدول الأعضاء٬ وخدمة المصالح المشتركة، وتكريس الحكامة٬ وبناء شبكة لربط البنيات التحتية، وتوفير الظروف الملائمة للاستثمار، وخلق مشاريع مندمجة، وتعزيز حرية تنقل الأشخاص والخدمات ورؤوس الأموال". من جهته، أعلن الحبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، عن تنويه وزراء الخارجية بدور جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم صمود المقدسيين، منددين بالانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للفلسطينيين العزل. كما أعرب عن أمله في أن تشكل القرارات المتفق عليها في اجتماع الرباط لبنة جديدة في بناء صرح مغاربي قوي ومتماسك يستجيب لتطلعات الدول الأعضاء، داعيا دول الاتحاد إلى بذل المزيد من الجهود لدفع مسار الاندماج المغاربي لمواجهة التحديات الأمنية المطروحة بالمنطقة٬ والتعجيل بتفعيل توصيات الاجتماعات السابقة التي خصصت للموضوع. بالمقابل حاول مراد مدلسي٬ وزير الشؤون الخارجية الجزائري٬ مرارا تجنب الخوض في الحديث عن ملف الصحراء المغربية وتأثيراته السلبية على العلاقات المغربية الجزائرية، مكتفيا بالقول "إن العلاقات المغربية الجزائرية تشهد تحولا إيجابيا، وأن المغرب والجزائر لديهما الطموح نفسه لتطوير العلاقات الثنائية والارتقاء بها على مستوى جميع المجالات". وألح في التوضيح لمختلف وسائل الإعلام أن ملف الصحراء المغربية طرح جانبا دون أن تتم مناقشته من طرف وزراء خارجية دول المغرب العربي. وأضاف: "الجزائر والمغرب مرتبطان بالطموحات نفسها، ونتمنى أن تتحول هذه العلاقات بصفة إيجابية وسريعة حتى تصبح علاقات طبيعية تهم كافة الجوانب الإنسانية والاقتصادية وغيرها من الأمور"، مبرزا أن ما يجمع المنطقة المغاربية من عوامل تقارب وما تتوفر عليه من موارد طبيعية وطاقات بشرية مهمة٬ يؤهلها أكثر لبلوغ أعلى درجات التكامل والاندماج. وأضاف مدلسي أن "من شأن مشروع إقامة مجموعة اقتصادية مغاربية أن يؤسس لوضع القواعد الصلبة للتكامل الاقتصادي الحقيقي الذي يجمع قدرات دول المغرب العربي الإنتاجية والهيكلية وينسق سياستها الاقتصادية الشاملة"، داعيا إلى تضافر الجهود لإقامة تعاون مغاربي فعال في المجال الأمني٬ خاصة أمام تزايد الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان. وفي السياق ذاته، قال عثمان الجندري٬ وزير الشؤون الخارجية التونسي إن "التحديات الأمنية والحاجيات التنموية بالمنطقة المغاربية٬ هي تحديات استثنائية تستوجب معالجة استثنائية، ترتكز على وضع خطة تحرك مستقبلي لتحقيق الاندماج المنشود". وأضاف أن "تكاملنا الاقتصادي وتطوير قدراتنا التنموية أمر لا بديل عنه". داعيا إلى الارتقاء بعلاقات التعاون بين دول اتحاد المغرب العربي٬ إلى مستوى شراكة استراتيجية تتطلب توحيد السياسات النقدية والجمركية في دول الاتحاد والتشريع وإقامة منطقة تبادل حر مغاربي. وبلغة التفاؤل نفسها، شدد محمد عبد العزيز٬ وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي، على ضرورة تفعيل الآليات الكفيلة بخلق التكامل الاقتصادي المغاربي، عبر تعزيز الاستثمار في العنصر البشري٬ وتأسيس شراكة بناءة بين القطاع الخاص بدول الاتحاد، مبرزا حاجة دول الاتحاد المغاربي إلى تعزيز استراتيجية أمنية مغاربية لمواجهة التطرف والهجرة غير الشرعية وكل أنواع التهريب. من جانبه٬ شدد حمادي ولد حمادي، وزير الخارجية الموريتاني، على ضرورة النهوض بالعمل المغاربي الوحدوي، والسعي إلى إصلاح منظومة الاتحاد المغاربي، وتعزيز التشاور السياسي واللقاءات الكفيلة بإرساء منظومة مغاربية تجنب دولها وشعوبها مخاطر الإرهاب وتمكنها من التفرغ للتنمية الداخلية. يشار إلى أن وزراء الخارجية اتفقوا على وضع تصور مغاربي مشترك في ما يخص الحوار مع الاتحاد الأوربي، وإحداث آلية لتنسيق العمل بين السفراء المغاربيين في بروكسيل للتشاور في ما بينهم وإبداء وجهات النظر٬ والتنسيق في ما بينهم لبلورة تصور مغاربي مشترك في علاقته بدول الاتحاد الأوروبي.