صدم قرار مجلس الأمن الأخير، بخصوص الصحراء المغربية، عناصر البوليساريو. وعلمت "المغربية"، من مصدر جد مطلع، أن الانفصاليين كانوا في أتم الاستعداد، وينتظرون فقط تأييد الأممالمتحدة لقرار من شأنه الحد من سيادة المغرب على أراضيه الجنوبية، من أجل الشروع في إحداث الشغب وتخريب الممتلكات العامة والخاصة بتلك المدن. أفاد مصدر "المغربية" أنهم كانوا في تنسيق محكم مع عناصر البوليساريو الموجودين في تيندوف وكذلك مع عناصر من المخابرات الجزائرية، وكانوا يريدون من وراء إحداث الفوضى جر عناصر السلطات المحلية بالجنوب إلى مستنقع الفوضى التي تظهر أن الانفصاليين مستضعفون ويعانون قمع القوات العمومية بسبب تعبيرهم عن فرحتهم بالقرار الأممي. لكن تلك الأحلام تبخرت أول أمس (الخميس) بعد الأخبار الصادمة التي وصلت من نيويورك، إذ صادق مجلس الأمن بالإجماع على قرار منصف للمغرب، أبقى على مهمة "المينورسو" كما هي، وأيد مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب. من جانب آخر علمت "المغربية" أن الأجواء في مدن الصحراء المغربية، يغلب عليها طابع الفرح لأن القرار الأممي أثلج صدور الوحدويين، الذين عبروا عن رفضهم أي تغيير في مهمة المينورسو والمس بسيادة المغرب على أراضيه. واعتبر بيان صادر عن الناطق الرسمي باسم القصر الملكي القرار أنه جاء "امتدادا للقرارات السابقة التي صادق عليها المجلس منذ سنة 2007. ويجدد فيه مجلس الأمن مرة أخرى التأكيد على أولوية مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب وعلى محددات حل سياسي نهائي مبني على الواقعية وروح التوافق"، إذ توج مسارا تميز بالعديد من المبادرات والاتصالات التي أجراها جلالة الملك٬ مع العديد من رؤساء الدول، بالإضافة إلى الرسائل التي حملها الطيب الفاسي الفهري، مستشار جلال الملك، وياسين المنصوري، مدير الدراسات والمستندات، وسعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون، إلى مختلف العواصم العالمية. وكذلك الحملة من أجل شرح الموقف المغربي حول مختلف الجوانب التي شملها قرار مجلس الأمن لسنة 2012، وانتظارات المغرب المتعلقة بقرار سنة 2013. وأضاف البيان "رافقت هذا المسار تعبئة قوية لجميع الفاعلين السياسيين والقوى الحية للأمة٬ عكست الإجماع المتجدد والمتواصل حول القضية الوطنية. وقد أخذت المملكة المغربية علما بهذا القرار الذي يؤكد بقوة مقومات الحل السياسي التي لا محيد عنها٬ والذي يحافظ بقوة على أفق واعد لإحياء مسلسل المفاوضات، كما يوضح بطريقة محددة٬ دقيقة ونهائية، إطار التعامل مع الجوانب الأخرى لهذا النزاع الإقليمي". وأجمعت عدة فعاليات على أن القرار الأممي انتصار للمغرب وإحقاق للحق، إذ اعتبر محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تراجع مجلس الأمن الدولي عن مقترح توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، جاء نتيجة الموقف الحازم للمغرب، وخاصة المبادرات والاتصالات التي أجراها جلالة الملك محمد السادس مع العديد من قادة الدول، التي لها دور في هذا الملف٬ إذ كان لذلك تأثير كبير في التراجع عن مبادرة توسيع مهمة المينورسو. وقال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، للوكالة نفسها إن القرار الذي صادق عليه أول أمس الخميس، مجلس الأمن بخصوص الصحراء المغربية٬ تكريس لطموح المجتمع الدولي في إقرار تسوية سياسية عاجلة لهذا النزاع . وأوضح أن هذا القرار يؤكد ضرورة استجابة الجزائر و"البوليساريو" لطموح المجتمع الدولي المتمثل في إقرار تسوية سياسية عاجلة لهذا النزاع٬ وذلك اعتبارا للربط الجدلي الذي أصبح قائما بوضوح بين قضية الصحراء والوضع في منطقة الساحل وجنوب الصحراء٬ خاصة مالي. وأضاف أن هذا القرار يعكس أهمية الدور الذي اضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس من خلال اتصاله بعدد من رؤساء الدول الأعضاء في مجلس الأمن أو الدول الأعضاء في "مجموعة أصدقاء الصحراء"٬ كما يعد تتويجا للجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية بشقيها الرسمي والموازي.