بعد فوزه بجائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل دور نسائي للممثلة شيماء بن عشاو عن البطولة المطلقة في الفيلم، وجائزة أفضل سيناريو، من الدورة 14 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، بدأت القاعات السينمائية المغربية، منذ الأسبوع المنصرم، في عرض فيلم "ملاك" للمخرج المغربي عبد السلام الكلاعي. من المنتظر أن يحقق الفيلم، الذي شارك في فقرة "نبضة قلب" في الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، لقيمته الفنية والتقنية العالية، إقبالا جماهيريا كبيرا لراهنية موضوعه، وملامسته واقع الأمهات العازبات من خلال تناوله قصة فتاة تنجب طفلا خارج مؤسسة الزواج. ويروي الفيلم قصة "ملاك" ذات السبعة عشر ربيعا، التي تتابع دراستها الثانوية فتجد نفسها حاملا ومضطرة إلى مغادرة بيت أسرتها، لتواجه وحيدة مجتمعا قاسيا تعتمل فيه آليات عدة للاستغلال والتهميش. يقول المخرج السينمائي عبد السلام الكلاعي إن السينما التي يؤمن بها هي تلك "البعيدة كل البعد عن مجاملة الواقع ومظاهره الاجتماعية والأخلاقية"، مبرزا أن هذه السينما "تعري الواقع كما هو، وتحاول استفزاز المتلقي من خلال تناول المسكوت عنه في المجتمع والنبش في هوامشه دون خوف أو رقابة". ويضيف الكلاعي، "أسعى دائما إلى إزعاج المتلقي، الراضي والصامت، واستثارة غضبه من خلال تعرية واقع أسود لهوامش مغربية ظلت حبيسة الطابوهات"، من منطلق كون السينما تعد بحق مرآة المجتمع "تعكس حلوه ومره". الفيلم حكاية هروب وفي الآن نفسه، حكاية تعلم ونضح واقعية جدا ومصاغة في بناء سردي مركب يمزج بين الأزمنة وينتقل بين أماكن الأحداث ليجعل المتلقي مساهما في عملية إعادة البناء لحكاية متشظية تعكس واقعا عنيفا. ويوضح المخرج السينمائي أن الرسالة التي تحملها بطلة الفيلم، ملاك، التي تجد نفسها حاملا خارج مؤسسة الزواج ومضطرة إلى مغادرة بيت أسرتها، هي نموذج لقصص العديد من الفتيات اللواتي، وإن اختلفت الأسباب، يجدن أنفسهن ضحايا مجتمع يقذف بهن إلى الهامش. يعري الفيلم النزعة الذكورية السائدة في المجتمع، حيث الفرد لا يهمه سوى نفسه، ولا يتحمل مسؤوليته، بل يحمل الأنثى ذنب وضعها، كما حصل بالنسبة للمراهقة ملاك التي تثق بشاب وعدها بالزواج فحملت منه ثم ما لبث أن يتخلى عنها. كما يكشف الفيلم عن أنانية رجولية مفرطة لا يهم صاحبها سوى الحفاظ على مظهر خادع أمام المجتمع، كما يجسد ذلك الأخ الذي قرر طرد أخته بمجرد علمه بحملها. كتب المخرج عبد السلام الكلاعي سيناريو الفيلم عبر سيرورة طويلة بدأت منذ سنوات حين كان يعمل في المجال الاجتماعي والتقى بمجموعة من الأمهات العازبات القاصرات وأنصت إلى معاناتهن وأفكارهن حول أنفسهن ومحيطهن ومستقبلهن، ومن مجموع الملاحظات وشذرات الحكايات والأفكار التي دونها بدأت تتشكل النواة الأولى لسيناريو عمل سينمائي سيغتني بمطالعة دراسات متعلقة بالموضوع ومقابلات متعددة مع باحثات مساعدات اجتماعيات ومعنيات بالقضية بشكل مباشر أثناء الصياغة النهائية للسيناريو. فجاء الفيلم إلى جانب رقيه التقني وجودته الفنية متناولا بعمق قضية آنية من قضايا المجتمع المغربي ومجتمعات أخرى، ألا وهي قضية الأمهات العازبات القاصرات. يؤدي أدوار الفيلم مجموعة من الممثلين المغاربة المرموقين، من بينهم السعدية لديب، وعمر لطفي، ومحمد الشوبي، والراحل محمد مجد، ونجاة الوافي، ومريم أجدو، ونسرين الراضي وغيرهم. أما الدور الرئيسي فأسنده المخرج للممثلة الشابة شيماء بن عشاو. صور فيلم "ملاك" بين مدينة العرائش مسقط رأس المخرج عبد السلام الكلاعي ومدينة طنجة. يذكر أن خمسة أفلام سينمائية مغربية سجلت حضورها في قائمة الأفلام العشرة الأكثر مشاهدة في القاعات السينمائية المغربية، خلال الربع الأول من السنة الجارية. وحسب الأرقام الصادرة، أخيرا، عن المركز السينمائي المغربي، بخصوص شباك تذاكر الأفلام، التي عرضت بالمملكة، من فاتح يناير 2013 إلى متم مارس المنصرم، استطاعت 5 أفلام مغربية احتلال المراتب الأولى في قائمة العشرة أفلام الأكثر مشاهدة بالقاعات السينمائية المغربية، ويتعلق الأمر بأفلام "زيرو" لنور الدين لخماري، الذي احتل الصدارة ب127 ألفا و157 تذكرة، متبوعا ب"يا خيل الله" لنبيل عيوش، الذي حل في المرتبة الثانية ب69 ألفا و180 تذكرة. وجاء في المرتبة الرابعة الفيلم الكوميدي "الطريق إلى كابول" لإبراهيم الشكيري ب26 ألف و933 تذكرة، وحل "المغضوب عليهم" لمحسن البصري في المرتبة السادسة ب21 و97 تذكرة، وأخيرا فيلم "البايرة" لمحمد عبد الرحمان التازي الذي اكتفى بالمرتبة العاشرة ب11 ألفا و416 تذكرة.