مرت 10 سنوات على تأسيس جمعية "القافلة الطبية الجراحية"، نفذ خلالها الأطباء مجموعة من العمليات الجراحية والتدخلات الجراحية، لفائدة مواطنين من مختلف أنحاء المغرب، سيما منهم القاطنون في المناطق المعزولة أو البعيدة عن المؤسسات الصحية. الدكتور الحبيب مخلوفي، رئيس جمعية 'القافلة الطبية الجراحية' للتقرب أكثر من نشاط هذه الجمعية، حاورت "المغربية" الدكتور الحبيب مخلوفي، رئيس جمعية "القافلة الطبية الجراحية"، وطبيب في مستشفى محمد بوافي في مدينة الدارالبيضاء، للتعرف أكثر على نشاط الجمعية وظروف أداء مهمتها الإنسانية. ما هي جمعية "القافلة الطبية الجراحية"؟ هي جمعية مدنية، تضم مجموعة من الأطباء، من تخصصات متعددة، يعمل أعضاؤها على تقديم معونتهم وخبرتهم في إجراء عمليات جراحية لفائدة مرضى من جميع أنحاء المغرب، سيما المتحدرون من المناطق البعيدة أو تلك التي تعرف خصاصا في الأطر الطبية المتخصصة في مجالات طبية معينة. نحن جمعية خيرية، تجري العمليات الجراحية والفحوصات الطبية بشكل مجاني، تعمل قوافلنا الطبية بشراكة مع الجمعيات المحلية في المناطق التي نحط فيها الرحال، إلى جانب تنسيقنا مع وزارة الصحة ومناديبها الجهويين، لتحضير ظروف وشروط إجراء العمليات الجراحية. ومن التخصصات التي توفرها قافلة الجراحة، طب الأطفال والطب العام والمسالك البولية والتوليد وأمراض النساء، وفي بعض الأحيان ينضم إلينا أطباء في اختصاص أمراض العيون، وأمراض الغدد والسكري والجلد والجهاز الهضمي وأمراض القلب والدماغ لإجراء فحوصات طبية متخصصة. كيف جاءت فكرة تأسيس هذه الجمعية؟ هي نتاج علاقة صداقة طبية مغربية موريتانية، مر على ولادتها 10 سنوات، ترمي إلى تنفيذ عمليات جراحية في البلدين، والمشاركة في أعمال طبية تطوعية، ليستفيد منها مرضى في وضع صحي حرج، وفي مناطق جغرافية صعبة، بغرض التنمية الصحية لدى المغاربة. كما أن فكرة تطوير الحس التطوعي في المجال الصحي لدى طلبة وخريجي كليات الطب، كانت وراء تأسيس الجمعية، إلى جانب السعي إلى بسط أرضية تفاعل كليات الطب مع محيطها وخلق فرص للأطباء الجدد للتعرف على تنوع المشاكل الصحية، من غير تلك التي تكتشف في المناطق الحضرية والمدن الكبرى، إذ توجد أمراض لم يسبق للأطباء أن تعرفوا عليها عن قرب، بل اطلعوا عليها فقط من خلال التكوين النظري. كم بلغ عدد المستفيدين من قوافل "الجمعية الطبية الجراحية"؟ عدد كبير جدا. إذ وصل عدد المستفيدين من الفحوصات الطبية ما بين ألفين و3 آلاف مستفيد، خلال أيام كل قافلة، التي تمتد أيامها إلى 3 أيام، إلا أننا وصلنا إلى 4 آلاف مستفيد خلال القافلة التي نظمناها في مدينة واد زم. أما العمليات الجراحية، فيستفيد منها ما بين 100 و140 مريضا، خلال كل قافلة جراحية، وهي من نوعية الجراحات الطبية من النوع الكبير. هل تضم القافلة قاعة جراحية متنقلة؟ نحن نشتغل داخل المستشفيات التابعة لوزارة الصحة. نستعمل قاعاتها الجراحية والمعدات اللازمة لتنفيذ تدخلاتنا الطبية والجراجية، أي أن وزارة الصحة توفر للجمعية الدعم اللوجستيكي، بينما تتولى الجمعية تسخير الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ الخدمات الطبية، وبالتالي نتعاون على أداء الخدمة الطبية. وأود التأكيد على أن العمليات الجراحية التي ننفذها هي من النوع الكبير والدقيق، التي تتطلب خبرة ومهارة. لكن في مقابل ذلك تشكل القافلة مستشفى متنقلا، يشمل الأطباء والأدوية. ما المعيار الذي تعتمدون عليه في اختيار محطات "قافلة الجراحة"؟ المعيار هو رصد المناطق التي تعرف خصاصا في الموارد البشرية في بعض التخصصات الطبية، أو تلك التي يشكو فيها المواطنون من بعدهم عن المؤسسات الصحية، الشيء الذي يتطلب انتقال المواطنين إلى المدن الكبرى، مثلما هو الأمر بالنسبة إلى قاطني زاكورة، الذين يضطرون للانتقال إلى مدينة مراكش للخضوع إلى عمليات جراحية متخصصة. وهم في ذلك يتحملون مشقة التنقل وتبعاتها. نسعى إلى تقريب الطبيب من المواطن. ولذلك فإننا سطرنا برامج لزيارة مجموعة من المناطق، مثل تنغير، الرشيدية. إلا أن ذلك لا يلغي وصول "قافلة الجراحة إلى مناطق قروية تابعة لمدن قريبة من الحواضر الكبرى، مثل خريبكة وأبي الجعد واليوسفية وآسفي. ماهي نوعية الأمراض التي كشفتها لكم قوافل الجراحة؟ وجود بعض حالات الإصابة بداء "الليشمانيوز" في منطقة الرشيدية، ووجود انتفاخات كبيرة على مستوى الغدة الدرقية لدى بعض مواطني نواحي أزيلال، وظهور بعض حالات سرطان الجلد في المناطق الجنوبية بسبب التعرض المفرط لأشعة الشمس. ولذلك نعتبر القوافل الطبية أو الجراحية، مهمة لأنها فرصة للأطباء الجدد للتكوين الميداني أيضا، كما أنها فرصة لمواطني المناطق البعيدة للالتفات إلى صحتهم وإقبالهم على الخدمات الطبية. كيف تتعاملون مع الحالات الصحية الدقيقة؟ نحيل الحالات الصحية الدقيقة على المستشفيات الجامعية القريبة من مقر المواطنين، إما إلى الدارالبيضاء أو الرباط أو فاس مثلا. ما هي الأشياء التي تكشفها لكم قوافل الجراحة؟ وجود تعطش كبير لدى المواطنين لرؤية الأطباء والخضوع لفحوصات طبية للاطمئنان على صحتهم. في بعض الأحيان يفوق عدد الراغبين في الاستفادة من القافلة 2000 شخص، بل إن العدد يصل في بعض الأحيان إلى 3 آلاف مستفيد خلال أيام القافلة. ورغم ذلك، فإننا لا نرفض أي طلب، سيما أننا نعلم أن بعض المناطق تفتقر إلى أطر طبية متخصصة في بعض التخصصات الطبية، أو أنها بعيدة، جغرافيا، عن المستشفى. من المؤكد أن تنظيم قوافل جراحية تتطلب نفقات مالية. هل لديكم شراكات تحتضن أنشطتكم الطبية؟ نعم، لدينا شراكة مع مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، التي تحتضن مجموعة من الأعمال الاجتماعية، ومنها قافلة الجراحة، وهي شراكة سنوية، تمنح بموجبها المؤسسة مساعدة مالية موجهة لتغطية مصاريف إجراء العمليات الجراحية وشراء الأدوية التي يوزعها طبيب صيدلي متخصص، بطريقة منظمة ومعقولة، حسب الحالة الصحية لكل حالة مرضية. كما أن المساعدة المالية توفر شروط تنقل الأطر الطبية، وغيرها من الأمور الأخرى، لإنجاح القوافل، وهي مساعدة مالية مراقبة بشكل صارم من قبل المؤسسة المانحة، وفق وثائق ثبوتية وتوضيحية لمآل المصاريف، ما يعطي للقافلة مصداقية.