ارتبط المغرب وفرنسا على الدوام بعلاقات متميزة تنبني على شراكة "رابح - رابح" في مجالات محورية، من أجل تنمية اقتصادية واجتماعية في خدمة الأجيال المقبلة. وتعكس العلاقات الاقتصادية هذه الخصوصية وهذه المكانة المتميزة التي تحتلها فرنسا، باعتبارها أول شريك اقتصادي للمغرب (أول زبون وأول ممون وأول مستثمر)، كما أن المملكة تعد أول مستفيد من تمويلات الوكالة الفرنسية للتنمية. إن الحضور الفرنسي القوي في عدد من الأنشطة الاقتصادية (صناعة الطيران والسيارات)، وكذا في مشاريع البنية التحتية (ترامواي والموانئ)، يعكس صورة علاقات في حركية دائمة. وتتجسد هذه المرتبة المتميزة لفرنسا، أيضا، في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي استقبلها المغرب. ففي سنة 2011، وصل تدفق الاستثمارات المباشرة الفرنسية على المغرب إلى 760 مليون أورو٬ حسب مكتب الصرف. وتحتل الشركات الفرنسية العملاقة مثل "فيفاندي"، و"طوطال"، و"فيوليا"، و"أكور"، و"إي دي إف"، و"آكسا"، وبنك "بي إن بي باريبا"، مواقع استراتيجية في قطاعات أساسية، ضمن الاقتصاد المغربي على غرار الاتصالات والبنوك، والتأمين والسياحة والتوزيع والطاقة. فمن خلال تسخير مبلغ مالي يتجاوز 600 مليون أورو سيتمكن المصنع الجديد لمجموعة رونو بطنجة من إنتاج 400 ألف سيارة سنويا، سيخصص الجزء الأكبر منها للتصدير٬ وهو ما يجعل من هذا الموقع أحد أهم مراكز إنتاج السيارات في حوض المتوسط. وسيمكن هذا المشروع، الذي يبلغ حجمه الإجمالي الاستثماري 1,1 مليار أورو٬ من خلق حوالي 6 آلاف منصب شغل مباشر، و30 ألف منصب غير مباشر، في أفق 2015. وبخصوص قطاع الطاقات المتجددة، فإن المقاولات الفرنسية حاضرة في الطاقة الريحية٬ غير أنها تسعى إلى الانخراط بشكل أفضل في مخطط الطاقة الشمسية المغربي٬ على إثر إطلاق طلب عروض بشأن الشطر الثاني من المحطة الشمسية لورزازات. ويندرج قطاع النقل من جانبه، ضمن القطاعات التي يشملها التعاون المغربي الفرنسي، خاصة من خلال إنجاز ترامواي الدارالبيضاء والقطار فائق السرعة (تي جي في) في المغرب٬ الأول من نوعه في العالم العربي. فطنجة المتوسط 2، وترامواي الرباط والدارالبيضاء، و(تي جي في)، وبناء الطرق السيارة والمركبات السياحية ومخطط الطاقة الشمسية ... كلها مشاريع تتطلب تمويلات بمئات الملايير من الدراهم٬ منها 70 مليارا لمخطط الطاقة الشمسية المتوسطي، و30 مليارا لمشروع أبي رقراق٬ و26 مليارا لأوراش الطرق السيارة، و20 مليارا ل"تي جي في طنجة- الدارالبيضاء". وفي مجال السياحة٬ تعد فرنسا أول مصدر للسياح، الذين يتوافدون على المغرب. وبخصوص التحويلات المالية للجالية المغربية بالخارج٬ فإن تحويلات المغاربة المقيمين بفرنسا تأتي في المقدمة٬ حيث وصلت سنة 2011 إلى 2,1 مليار أورو. ويعكس حجم هذه التحويلات الحضور الكبير للجالية المغربية بفرنسا٬ التي تستضيف لوحدها ثلث مجموع المغاربة المقيمين بالخارج.