نصح حزب الاستقلال حليفه في التحالف الحكومي، حزب العدالة والتنمية، الذي يقود أمينه العام عبد الإله بنكيران الحكومة، باعتماد مجموعة من التدابير، دون المساس بالقدرة الشرائية للمواطنين وأيضا اتخاذ تدابير أخرى من شأنها تحريك عجلة الاقتصاد الوطني والرفع من الناتج الداخلي الخام. وقال حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، في تصريح ل"المغربية" إن "اقتراحاتنا عملية وقابلة للتطبيق على المدى القريب والمتوسط، للمساهمة الفعلية في إيجاد الحلول القمينة بإعادة التوازن للمالية العمومية، وإعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الوطني، من شأنها أن تنعكس إيجابا على المعيش اليومي للمواطنين". وأضاف أن من "واجب رجل السياسة الوطني الاهتمام أكثر بالملفات المقلقة، من قبيل البحث عن سبل التخفيف من الأزمة الناجمة عن الظرفية الاقتصادية الراهنة، والتطلع إلى آفاق إصلاح صندوق المقاصة ونظام الحماية الاجتماعية لكافة المغاربة"، معتبرا أن "من واجب كل تحالف حكومي أن يعتمد مجموعة من الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والاجتماعية، خلال تدبيره للشأن العام، بهدف تمكن الاقتصاد الوطني من مواجهة تداعيات الأزمة العالمية على التوازنات المالية، لاسيما عجز المالية العمومية، وعجز ميزان الأداء". وداعا الحكومة إلى الإسراع في "الترجمة الفعلية والحقيقية لإصلاح هياكل الاقتصاد الوطني، في إطار تجديد النموذج التنموي، والتحكم في قيادة الاقتصاد، دون الخضوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية". في السياق ذاته، حذر بيان صادر عن اللجنة المركزية لحزب الاستقلال الحكومة من "الخطورة الناجمة عن الظروف والإكراهات التي تهدد المالية العمومية". وجاء في اللجنة المركزية، التي اجتمعت السبت الماضي بالرباط، "نحذر من اتخاذ أي إجراءات أو تدابير قد تكون لها انعكاسات خطيرة، من قبيل المس بالقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، عبر الرفع من الأسعار وتجميد الأجور والحد من التوظيفات، لأن من شأن تلك الإجراءات أن تؤثر بشكل سلبي على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية". وطالب البيان الحكومة بترجمة شعاراتها المتعلقة بتحسين الحكامة ومحاربة الفساد واقتصاد الريع، مع إيجاد حلول سريعة للحد من معضلة البطالة، بوضع "تصور جديد للخدمة المدنية، من شأنه أن يساهم في إدماج شرائح واسعة من العاطلين، مع إعادة الاعتبار للحوار الاجتماعي ومأسسته، وجعله المدخل الأساسي للنقاش والتفاوض مع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، ما سيساهم في تخفيف الاحتقان الاجتماعي، ويعيد الثقة لجميع الفرقاء، من أجل حماية وتحصين المصالح العليا للبلاد". ويعتبر حزب الاستقلال أن التدابير التي يقترحها من شأنها أن تمكن الحكومة من تجاوز إشكالية عجز الميزانية العمومية في السنة الحالية، دون المساس بالقدرة الشرائية. وتتلخص هذه التدابير في محاربة الفساد واقتصاد الريع، ومحاربة التهرب الضريبي، وتجاوز منطق الشعارات، والانطلاق في استخلاص الديون المتراكمة على بعض المتهربين الكبار من أداء الضرائب، واسترجاع الامتيازات غير القانونية، التي يتمتع بها بعض المنتفعين من أجل تقوية روح المواطنة وتعزيز الثقة. وتهم التدابير الاستعجالية، التي يقترحها الحزب، تعزيز المداخيل الجبائية والاستثنائية، وإصلاح حكامة نظام الدعم، واسترجاعه من الفئات الميسورة والغنية المستفيدة، وترشيد نفقات المقاصة. ويرى الحزب أن "المبلغ المالي المحتمل تعبئته من هذه الإجراءات يصل إلى حوالي 42 مليار درهم، وهي إجراءات لن يكون لها أي أثر على أسعار المواد الأساسية عند الاستهلاك". كما حث الحكومة على بلورة "رؤية اقتصادية، بمقاربة شمولية وتشاركية، تمكن من الرفع من الناتج الداخلي الخام، وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتجاوز إكراهات عجز الميزانية العامة وعجز ميزان الأداء". ويقترح الحزب أن تقوم السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة على محاربة الفساد واقتصاد الريع والتهرب الضريبي، وتقييم وإعادة توجيه الاستثمار العمومي إلى القطاعات المصدرة وذات القيمة المضافة العالية، مع تثمين واستكمال الأوراش والاستراتيجيات القطاعية التي انطلق إنجازها وتنفيذها، في إطار تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإيلاء عناية خاصة للصناعة من أجل تنمية التجارة الخارجية واستقطاب الاستثمارات الخارجية، وتعبئة أراضي الجموع والعقار العمومي، وتوجيهه إلى حاملي المشاريع من الشباب العاطل، والتوجه إلى البرامج ذات الأثر المباشر على النهوض بالأوضاع الاجتماعية. كما يقترح الحزب إحداث هيئة للمصالحة الاقتصادية يعهد إليها العمل على إرجاع ثقة المستثمرين في المسار الاقتصادي الوطني، لاسيما في المنظومة الضريبية، بهدف إرساء الثقة، ومراجعة المنظومة القانونية والتنظيمية لمدونة تحصيل الديون العمومية المتعلقة بإجراءات الحجز على الحسابات البنكية للأشخاص والمقاولات المدينين لخزينة الدولة. واعتبر بيان اللجنة المركزية أن المغرب في حاجة إلى حوالي 80 ألف منصب شغل في قطاعات الأمن، والصحة، والتعليم، والقطاعات الاجتماعية، والجماعات المحلية، دون احتساب المناصب المحدثة برسم قانون مالية 2013. ويقترح الحزب توظيف هذا العدد على ثلاث سنوات بداية من السنة الجارية، وفق "مقاربة جديدة، تبتدئ بالتكوين، تنفيذا لبرتوكول 26 أبريل 2011 الموقع بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة السابقة، مع الحرص على تنفيذ محضر 20 يوليوز 2011 وباقي المحاضر الموقعة مع الحكومة السابقة".