فعاليات الدورة الأولى للجنة المركزية لحزب الاستقلال التي التأمت السبت الماضي بالرباط تنطوي على زخم سياسي عميق و معبر يعكس حجم الشعور بالمسؤولية الوطنية الذي يستبد بوجدان و اهتمامات خيرة أطر و مسؤولي الحزب و قناعاتهم الراسخة بواجب التعامل البراغماتي و المسؤول و التفاعلي مع القضايا الكبرى للوطن . خلاصة و عصارة نقاشات و مواقف الهيئة المركزية للحزب تعكس مرة أخرى القوة الإبداعية الخلاقة لمؤسسات الحزب و تمثل نموذجا فريدا و غير مسبوق في الحقل السياسي الوطني , حيث لا تقتصر مهام الدواليب الحزبية على اجترار المواقف و البيانات المطلبية الجافة بل إن قيادات و أطر حزب الاستقلال أتبثت مرة أخرى أنها قادرة ليس فقط على تشخيص و تفكيك الوضعية السياسية و الاقتصادية للبلاد ، لكنها مؤهلة أيضا لابتكار و اقتراح التدابير و الإجراءات المرقمة والمحينة لمواجهة تحديات الظرفية الاقتصادية و الاجتماعية التي تجتازها بلادنا . قبل أزيد من شهرين تبنى المجلس الوطني لحزب الاستقلال المذكرة الموجهة لرئاسة تحالف الأغلبية بكافة حمولة تفاصيلها ذات الصلة بتنشيط الأداء الحكومي و تجاوز العثرات و المطبات الذاتية و الخارجية التي ولدت نوعا البط ء و التراخي في ترجمة البرنامج الحكومي المتوافق عليه الى إنجازات ميدانية محسوسة . سال الكثير من المداد و تواترت التعليقات لتحليل الخطوة الاستقلالية و تم في بعض الحالات تحميلها أكثر مما تحمله . اليوم و بعد ثلاثة أشهر من تقديم المذكرة الاستقلالية سيتبين للجميع وجاهة الأفكار و الخلاصات التي تبنتها ، و عمق ووضوح القراءة الاستشرافية للوضع المغربي الذي حملته و الذي تحول الآن الى قناعات يشترك في استيعابها كل متتبع مغربي بغض النظر عن موقعه و خلفيته . مذكرة القيادة الحزبية سبق و نبهت إلى أن الحكومة الحالية لا تتوفر على رؤية اقتصادية واضحة من شأنها أن تمكن اقتصادنا الوطني من مواجهة تداعيات الأزمة الدولية، وتمنحه المناعة الضرورية للاستمرار في النهوض بالأوراش الكبرى والاستراتيجيات القطاعية المهيكلة المنتجة للنمو والمحدثة لفرص الشغل. اللجنة المركزية للحزب بقدر ما سجلت بمسؤولية و بمرارة أيضا ما تعيشه البلاد من تدهور مقلق لكل المؤشرات الماكرواقتصادية و تصدع خطير للتوازنات المالية ، و عجز مهول وصلت إليه المالية العمومية ، فإنها آلت على نفسها من منطلق أن الحزب مكون أساسي بتحالف الأغلبية الحكومية و مسؤول عن نتائج تصريف مقرراتها بغض النظر عن نتائجها و انعكاساتها أن تبتكر و تبدع ما يتطلبه الوضع المتأزم من تدابير سياسية أو إجراءات عملية مشفوعة بالأرقام و النسب لإنقاذ سفينة الوطن من الجنوح و الغرق وسط عواصف هوجاء لا نخوض في الوقت الراهن الى بوادرها . تغليب المصلحة العليا للوطن و المواطن هاجس رئيسي للحزب و لهيئاته القيادية ، و من هذا المنطلق عبر عن قناعات موثقة بالتفاصيل و السيناريوهات المرقمة أن أي أجراء في محاولة الخروج من مأزق الأزمة الاقتصادية الخانقة لا يمكن أن يتم على حساب معيش المواطن العادي و قدرته الشرائية ، و لذلك اقترحت اللجنة المركزية رزمة من التدابير الاستعجالية التي لا تمس جيب المواطن البسيط أو تستنزف مسلسل المكاسب التي حققها مع تجربة الحكومة السابقة . الحزب يجدد مطلب التأكيد على ضرورة محاربة الفساد واقتصاد الريع، و التهرب الضريبي واسترجاع الامتيازات غير القانونية التي يتمتع بها بعض المنتفعين، وذلك من أجل تقوية روح المواطنة وتعزيز الثقة. و فيما يخص ورش إصلاح نظام المقاصة الذي تحول الى ما يشبه لعبة يتسلى بها البعض و يوظفها بشكل مبتذل و انفرادي يقترح الحزب انتهاج حكامة موضوعية لنظام الدعم واسترجاعه من الفئات الميسورة والغنية المستفيدة منه بدون موجب حق ، و هو ما سيوفر للدولة غلافا ماليا مهما دون أن يتم المساس بأسعار المواد الأساسية الواسعة الاستهلاك . و بنفس الروح الوطنية المعبرة عن وجدان و انشغالات المواطن العادي و طموح تغطية الثغرات المستفحلة في تركيبة ميزانية الدولة يوصي الحزب بتعزيز المداخيل الجبائية والاستثنائية عبر تقليص الاستثناءات والإعفاءات الضريبية _النفقات الجبائية_ التي تستفيد منها بعض القطاعات على شكل إعفاءات وأنظمة استثنائية والتي ناهزت 36 مليار درهم خلال السنة الماضية فقط . حزب الاستقلال يقدم مجددا من خلال مبادرة لجنته المركزية نموذج الحزب الحي و المبادر والمعبر دوما عن آمال و تطلعات الطبقات الشعبية ، و يؤكد للجميع أنه مؤهل بكفاءاته و أطره و خبرته لخدمة البلاد بتفان و نكران ذات في وقت الرخاء كما في وقت الشدة . العلم