اعتبر المتدخلون، صباح أول أمس الخميس، في إطار الندوة الأولى للمؤتمر العالمي للاستثمار بشمال إفريقيا، بمراكش، حول موضوع "شمال إفريقيا قوة اقتصادية صاعدة"، أن التعليم وملاءمة التكوين مع حاجيات سوق العمل، مدخل أساسي لجلب الاستثمارات الأجنبية بشمال إفريقيا. ممثلة شركة 'بومبارديي' بشمال إفريقيا تتسلم جائزة الاستثمار (خاص) وأكد ممثلو كبريات المقاولات المشاركة أن السوق المغربية ليست سوقا من درجة "اللوكوست"، بل منصة بلغت مرحلة النضج لاستقبال الاستثمارات العالمية في أحسن الظروف ووفق أحدث المعايير. وبعد تقديم دراسة بشأن جاذبية شمال إفريقيا من قبل روبيرت تاشيما، رئيس تحرير مجموعة "أوكسفورد بيزنيس"، أفاد محمد المنجرة، المدير العام لمديتيل، في كلمته خلال مناقشة موضوع "التحديات وفرص الاستثمار في شمال إفريقيا" أن من الصعب الحديث بشكل عام عن شمال إفريقيا، مبرزا أن دولا منها تعاني مشكلة قلة الأطر الريادية في مجال الاستثمار، ودعا إلى الاحتذاء بالمغرب، الذي قال إنه استطاع خلق جسور التواصل بين الأطر المغاربة ونظرائهم بالخارج، من خلال فتح فروع لهذا الغرض، وتمكين المعنيين بالأمر من السفر إلى الخارج. وأضاف المنجرة أنه من المهم فهم أن الثقافة الاستثمارية بشمال إفريقيا مازالت في طريقها نحو الأفق المطلوب، مشيرا إلى أن أغلب أصحاب الدبلومات بالمغرب يبحثون عن الانخراط في وظيفة بالقطاع العام والخاص، دون التفكير في تأسيس مشروع استثماري، وشدد على أهمية زرع وترسيخ روح المبادرة الحرة في أوساط الشباب المغربي، حتى يساهموا في مسار الإقلاع الاقتصادي. وبخصوص التحولات الكبرى بالمغرب، دعا المنجرة، في تصريح ل"المغربية"، إلى الانتباه إلى "مواضيع أساسية تكشف عن هذا التحول العميق"، مذكرا بالمجهودات المبذولة في سياق البنيات التحتية، وتسهيل الضرائب، كما اعترف بذلك البنك الدولي، وتابع أن الظرفية الحالية تحتم تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة لتكون ضمن محركات النمو الاستثماري، مع ترسيخ ثقافة المقاولة لدى المواطن المغربي. وعن بطء المساطر في عدد من المجالات، اعتبر المنجرة أنه يمكن تدارك الأمر، وأن هناك مجهودات في هذا الإطار، مبرزا أن الخبراء لم يتطرقوا إلى هذا الموضوع خلال هذا اللقاء، بقدر ما ناقشوا تكوين اليد العاملة، الذي قطع فيه المغرب أشواطا بعيدة. وشدد المنجرة على أن الأزمة الاقتصادية العالمية تمثل فرصة للاستثمار، وأن جميع الفرص متاحة لتحقيق ذلك، داعيا إلى عدم الرضوخ إلى الانتظارية. من جهته، قال جان بيير شوفو، رئيس القسم الاقتصادي بالبك الدولي، خلال الجلسة، إن تطور منطقة شمال إفريقيا يعزى، أيضا، إلى تأهيل قطاعي الصحة والتعليم، مشيرا إلى أن 90 في المائة من الأطفال بالمغرب متمدرسون، وهو أمر يدفع إلى الاعتقاد بارتقاء المنطقة تدريجيا. مفاوضات مع "هيونداي" لفتح مصنع لها بالمغرب وفي موضوع "صناعة السيارات والطيران"، كشف رياض مزور، المدير العام ل "سوزوكي المغرب"، أن هناك مفاوضات معمقة مع شركة "هيونداي" الكورية الجنوبية لفتح مصنع لها بالمغرب، وفق مخطط استراتيجي. وأضاف أن شمال إفريقيا يمثل مجالا للاستثمار بتكلفة أقل من أوروبا الشرقية. وأوضح مزور أن كل الظروف أصبحت مناسبة للاستثمار بالمغرب، داعيا إلى توحيد شروط ولوج السوق المغربية، في إشارة إلى الرسوم الجمركية على السيارات المصنعة في آسيا التي تبلغ 17.5 في المائة، عكس تلك المصنعة بأوروبا، التي حظيت بتفكيك هذه الرسوم، منذ مارس 2012. وأوضحت سعاد المعلم، الممثلة الإقليمية الرئيسية بشمال إفريقيا لشركة "بومبارديي" الكندية المختصة في صناعة الطيران، أن هناك استباقا في المغرب لمتطلبات سوق صناعة الطيران، وأن هناك شعورا بالثقة من لدن المستثمرين بالمغرب. وفي تصريح ل"المغربية"، أبرز جان بيرنار غيري، الرئيس التنفيدي للمؤتمر العالمي للاستثمار، أن تنظيم هذه الدورة الأولى بالمغرب للمؤتمر بعد عشر دورات سابقة بأوروبا، يجد تفسيره في الأهمية التي أضحت تكتسيها منطقة شمال إفريقيا والمغرب على وجه الخصوص، وذكر أن المغرب كان ضيف الشرف خلال دورة 2010 للمؤتمر، حيث وقع التأكيد على الإصلاحات التي يشهدها المغرب، والمخططات الاستراتيجية بشأن تطوير القطاعات المعنية بالمهن العالمية للمغرب. وأضاف غيري أن دورة مراكش تعد مهمة، من حيث حجم الحضور الوازن الذي وصل إلى 350 مشاركا، بينهم 130 مستثمرا من 19 دولة من حاملي المشاريع، ومن أصحاب القرار الاقتصادي، لخلق حوار بناء لرسم خارطة الطريق المستقبلية للاستثمار بشمال إفريقيا. خبير اقتصادي بالبنك الدولي في مداخلة حول "شمال إفريقيا أرضية جديدة للاستثمارات المباشرة الأجنبية شوفور: غياب الاندماج الاقتصادي بين المغرب والجزائر ليس في صالح البلدين يرى بيير شوفور، خبير اقتصادي بالبنك الدولي، أن عدم تحقيق الاندماج الاقتصادي بين المغرب والجزائر، ليس في صالح الطرفين، داعيا إلى تذويب صقيع العلاقات بين الجانبين لمصلحة المنطقة. وأوضح الخبير، في مداخلته خلال جلسة، بعد ظهر أول أمس الخميس، التي انعقدت حول موضوع "شمال إفريقيا أرضية جديدة للاستثمارات المباشرة الأجنبية"، أن المغرب استطاع جلب استثمارات استراتيجية، وأصبح مركزا استثماريا بارزا في شمال إفريقيا. ولاحظ شوفور أن المغرب تمكن من مد حضوره الاقتصادي بشكل لافت بدول إفريقيا جنوب الصحراء، بفضل نجاعة توجهاته الاستراتيجية. وركزت ورشة العمل هذه على عمق الدور الريادي للبنوك المغربية الثلاثة، التي استطاعت فتح فروع لها بهذه الدول، وهي التجاري وفابنك، والبنك الشعبي، والبنك المغربي للتجارة الخارجية، التي استطاعت اكتساب حصص من السوق المالية بمعظم البلدان الإفريقية. وأفادت المداخلات أن معدل الاندماج الاقتصادي بشمال إفريقيا لم يتجاوز نسبة 5 في المائة، بينما يظل هذا المعدل بخصوص اتفاقية أكادير منحصرا في نسبة 8 في المائة، ما يدعو، حسب هؤلاء، إلى تسريع وتيرة العمل من أجل كسب رهانات التنافسية. وبخصوص تأثير "الربيع العربي"، اعتبر المتدخلون أنه من الأساسي ظهور "ربيع اقتصادي" في هذه الظرفية، موضحين أن مصر، مثلا، يغيب فيها الطرح الاقتصادي، ما يترتب عنه خسارتها لحصص من الاستثمارات، إلى جانب تراجع قطاع السياحة بها، إضافة إلى احتجاجات الشارع المصري وبروز خطاب شعبوي ينادي بخلق وظائف حكومية، وكلها عوامل أكد الخبراء أنها لن تخدم مستقبل هذا البلد، والأمر ذاته ينطبق على تونس حسب هؤلاء. وأشار المتدخلون إلى أن "الربيع الاقتصادي" بهذه الدول أضحى أمرا لازما وليس خيارا يمكن تجاوزه، مبرزين أن الاتحاد الأوروبي أنجز دراسة استشرافية حول السكان بالضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط، أظهرت أن عدد سكان الضفة الجنوبية سيرتفع، عكس سكان الضفة الشمالية في نهاية العشرية المقبلة، وهو معطى يدفع إلى أهمية جدوى ترجيح كفة الاندماج بين الجانبين، وبين دول الضفة الجنوبية في ما بينها، من خلال مد جسور التكامل الاقتصادي. وأوضح هؤلاء أن مشروع "ديزرتيك" للطاقة المتجددة بالمغرب يمثل نموذجا لاندماج الشمال بالجنوب. وعقب ذلك، منحت جائزة الاستثمار لشركة "بومبارديي" التي تسلمتها سعاد المعلم، الممثلة الإقليمية الرئيسية بشمال إفريقيا لهذه الشركة الكندية، إضافة إلى جائزة أخرى لشركة "طاقة" عن مشروعها بالجرف الأصفر، وجائزة ثالثة لمقاول شاب ويتعلق الأمر بعمر اليعقوبي.