رغم أن الاقتصاد العالمي تمكن مؤقتا من تفادي "الهاوية المالية" الأمريكية، إلا أن استمرار المفاوضات حول الوضع المالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية واستمرار الإصلاحات في أوروبا، يعني أن درجة تذبذب الأسواق سوف تظل مرتفعة على المدى القريب. البنك المركزي الأوروبي غير قواعد اللعبة إلا أن هذا التذبذب قد يخلق في الوقت نفسه فرص شراء مجزية للمستثمرين طويلي الأجل، وذلك تبعاً للتقرير حول توقعات العام 2013 والذي نشرته بلاك روك (المدرجة على بورصة نيويورك تحت الرمز BLK). ويوفر التقرير؛ الذي يحمل عنوان "ماذا يحمل العام 2013؟ 12 إجابة حاسمة عن تساؤلات تطرح حول توقعات العام الجديد"، والذي أعده كل من "رَص كوستريخ"، كبير المحللين الاستراتيجيين للاستثمار، و"جِف روزِنبيرج"، كبير المحللين للاستثمارات ثابتة العائد، و"بيتر هايس"، رئيس مجموعة سندات البلدية في شركة "بلاك روك"، تفسيرات قَيِّمَة للإجابة على 12 سؤالاً حاسماً يواجه المستثمرين في العام الجديد. ورغم أن كوستريخ وروزنبيرج وهايس يستبعدون معاودة الاقتصاد الأمريكي الركود هذا العام، إلا أنهم يشيرون إلى أن سياسة التضييق المالية الأمريكية سوف تُطبّق في عام 2013. كما يتوقع هؤلاء المحللون نمو الاقتصاد الأمريكي بحوالي 2 في المائة هذا العام في حال توصل صانعو القرار في أمريكا في وقت وجيز لتسويةٍ حول السياسات، التي لم يتم البت فيها بعد. ويرى هؤلاء المحللون أن العوامل التي تحد من النمو السريع مثل عدم الإقراض وتقييد السيولة النقدية، سوف تحد من تسارع النمو الاقتصادي، إلا أنهم يشيرون إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيتم دعمه من خلال قطاع الإسكان وقطاع الطاقة الأمريكي. أسعار الفائدة إلى ارتفاع كما توقع أولئك المحللون ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية تدريجياً طوال عام 2013، لتتراوح بين 2 و2.5 في المائة على سندات الخزانة الأمريكية ذات 10 سنوات، والمستحقة بحلول نهاية العام. ويتوقع أولئك المحللون بقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة لمدة أطول في مرحلة الغموض الاقتصادي في حال عجز صانعو القرار الأمريكي التوصل إلى اتفاق حول معالجة السيناريو الخاص بتخفيض الإنفاق كجزء من "الهاوية المالية". على الصعيد العالمي، أشار المحللون إلى أن البنك المركزي الأوروبي تفادى الخطر الأكبر لحدوث انهيار مصرفي من خلال التعهد باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإنقاذ الأورو، وإعادة شراء الديون قصيرة الأجل لدول في منطقة الأورو أمثال إسبانيا، وإيطاليا، واليونان. إلا أن كوستريخ وروزنبيرج وهايس توقعوا تباطؤ النمو إلى أن تتم الإصلاحات الأساسية بعد انتهاء الانتخابات الألمانية في الخريف المقبل. وتوقع كوستريخ وروزنبيرج وهايس أن العديد من المخاطر المرتبطة بالاقتصاد الكلّي، التي تعيق نمو دول أمثال البرازيل، والهند، ستنحسر، بينما يستأنف الاقتصاد الصيني نموه القوي، بفضل قيادة جديدة واستثمارات جديدة وتيسير السياسات النقدية. أما التوقعات حول نمو الصين على المدى البعيد ستتوقف على تطبيق الإصلاحات والسياسات المطلوبة لتعزيز القوة الشرائية للمستهلكين الصينيين وتقليص الاعتماد على الطرق التقليدية لنمو الاقتصاد مثل الاعتماد على التصدير والاستثمار، لنمو أكثر توازناً واستدامة. وفي الوقت الذي سوف يستغرق هذا التحول بعض الوقت، يرى كوستريخ وروزنبيرج وهايس أنه يتوجب على الصين أن تدعم نمو الاقتصاد العالمي لهذا العام. الأسواق الناشئة وقطاعات الائتمان تتيح الفرص ويرى كوستريخ وروزنبيرج وهايس أنه ومع تقدم العام، سيرى المستثمرون توجهات أكثر إيجابية في أسواق الأسهم والأصول مرتفعة المخاطر بصورة عامة، كما أكدوا أن الأسواق الناشئة وقطاعات الائتمان، سوف توفر فرص استثمار جيدة. ويعتبر هؤلاء المحللون الأسواق الناشئة الأفضل للاستثمار طويل الأجل خلال عام 2013، نظراً لما توفره من فرص نمو أسرع وتقييمات منخفضة الأسعار ومعدلات تضخم منخفضة ومستويات تذبذب منخفضة. وبالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، أشار التقرير الذي أعده أولئك المحللون إلى أن أداء الشركات الكبرى سوف يكون أقل عِرضَةً للمخاطر من أداء الشركات المتوسطة والصغيرة بصفة خاصة. وفي مجال الاستثمارات ثابتة العائد، يقترح التقرير التوجه إلى القطاعات الائتمانية مثل السندات، بالتزامن مع انتهاء مرحلة ازدهار سندات الخزانة في الأسواق. إلا أن العائدات المرتفعة للسندات لا تزال جذابة بينما ستوفر سندات البلدية المعفاة ضريبياً عائدات صافية جذابة مستقبلاً، مقارنة مع عائدات السندات الخاضعة للضرائب. ودعا التقرير المستثمرين إلى إدراج فئات أصول واستراتيجيات بديلة في خططهم الاستثمارية. ونستعرض أدناه ملخصا لأبرز نقاط تقرير بلاك روك: 12 إجابة حاسمة عن تساؤلات عام 2013: الهاوية المالية تم تفادي المرحلة الحاسمة من تخبط السياسات الاقتصادية (مؤقتاً)، لكن ذلك لن يحدث دون تشديد السياسات المالية ومع إجراء مزيد من المفاوضات سوف يستمر تذبذب الأسواق دون أن يمنع ذلك ظهور فرص شراء مجزية للمستثمرين في الأجل الطويل. الاقتصاد الأمريكي سوف يواصل الاقتصاد الأمريكي نموه البطيء كما في عام 2012 ولكن دون الدخول في مرحلة ركود جديدة، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات نموه مع تقدم العام. أسعار الفائدة والتضخم سوف يرتفع عائد سند الخزانة الأمريكية والمستحقة بعد 10 سنوات تدريجياً طوال عام 2013 ليصل إلى 2 في المائة، بينما نرى زيادة 2 في المائة في التضخم ما لم يرتفع معدل النمو أو أسعار النفط بقوة. أوروبا غيَّر البنك المركزي الأوروبي قواعد اللعبة من خلال تعهده بمواجهة مخاطر انهيار القطاع المصرفي، لكن تطبيق الإصلاحات اللازمة لتصحيح مسار هذا القطاع لن يحدث قبل عام أو أكثر، في حين سيواصل معدل النمو الاستعصاء على توقعات المحللين. الصين والأسواق الناشئة سوف تستأنف الصين والأسواق الناشئة مسيرتها التنموية خلال عام 2013، لتسهم بذلك بتخفيف معدلات الضعف، الذي قد يواجه الاقتصادين الأمريكي والأوروبي. عودة حالة تقبل المخاطر/ العزوف عن المخاطر من المرجَّح استمرار حالة التذبذب في الأسواق في أوائل العام الحالي، لكنها سوف تتجه إلى الاستقرار استجابة للأسس القوية للاقتصاد وتزايد اتضاح صورته الحقيقية. أسواق الأسهم الأمريكية رغم ارتفاع المخاطر والتقييمات السعرية نسبياً، سوف تظهر فرص استثمار جيدة في أسهم كبرى الشركات التي تتمتع برؤوس أموال ضخمة. الأسهم العالمية سوف توفر أسهم الأسواق الناشئة فرص نمو أسرع وتقييمات سعرية منخفضة ومعدلات تضخم أكثر انخفاضاً عن مثيلاتها في الدول المتقدمة، إضافة إلى مستويات أدنى من التذبذب. الاستثمارات ثابتة العائد ارتفعت مستويات مخاطر الأصول التي كانت تعتبر "خالية من المخاطر" (مثل سندات الخزانة). ونقترح بالتالي الاتجاه إلى القطاعات الائتمانية على المدى الطويل. السندات مرتفعة العائدات يجب على المستثمرين التفكير بتنويع اتجاههم على السندات مرتفعة العائدات، بحيث تشمل القروض والائتمانات المضمونة. إلا أن هذه الفئة من الأصول لا تزال توفر عائدات مرتفعة بالتزامن مع مستويات منخفضة للعجز عن السداد. سندات البلدية سوف توفر سندات البلدية المعفاة ضريبياً عائدات صافية جذابة مقارنة مع عائدات السندات الخاضعة للضرائب في ضوء ارتفاع الضرائب أخيراً. كما أنه من المستبعد أن تفقد تلك السندات إعفاءاتها الضريبية قريباً. التذبذب تزداد جاذبية فئات الأصول والاستراتيجيات البديلة باستمرار، وتوفر للمستثمرين فرصة تحسين تنويع أصول محافظهم الاستثمارية.