حذرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أن منطقة اليورو دخلت مرحلة «انكماش طفيف» على ما يبدو واقتصادها يمكن ان يعاني من الركود في 2012 بسبب ازمة الديون التي قد تؤدي اذا حدث «امر سلبي كبير» الى آثار «مدمرة» لكل الدول الغنية. وخفضت المنظمة في تقريرها نصف السنوي حول الآفاق الاقتصادية، تقديراتها السابقة التي تعود الى ماي الماضي. وتوقعت أن يشهد النمو العالمي تباطؤا. فبعد نسبة 8.3 بالمائة هذه السنة (بدلا من 2.4 بالمئة كانت متوقعة)، سيبلغ النمو 4.3 بالمئة العام المقبل (بدلا من 6.4 بالمئة). وسيرتفع إجمالي الناتج الداخلي للولايات المتحدة 7.1 بالمئة في 2011 (بدلا من 6.2بالمئة) ثم 2 بالمئة في 2012 (بدلا من 1.3 بالمئة). وسيرتفع بصعوبة العام الذي يليه 4.1 بالمئة. وحذر هذا النادي للدول الاكثر ثراء في العالم من ان «منطقة اليورو تمر بانكماش طفيف على ما يبدو». ويترجم ذلك بتراجع اجمالي الناتج الداخلي لدول الاتحاد النقدي وكذلك في الاقتصادات الكبرى الثلاثة فيه (المانياوفرنسا وايطاليا)، في الفصل الاخير من 2011 ثم في الاشهر الثلاثة الاولى من 2012.ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي المؤسسة الدولية الاولى التي تتحدث عن دخول منطقة اليورو في مرحلة انكماش. في السياق ذاته هبطت الاسهم الاوروبية في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء الماضي متخلية عن بعض من مكاسبها القوية في الجلسة السابقة وسط مخاوف من أن تخفض وكالات التصنيف الائتماني تصنيفاتها ما زاد الضغوط على صناع القرار في منطقة اليورو الذين يجاهدون لانهاء أزمة الديون في المنطقة. وأفادت صحيفة لا تريبيون الفرنسية أن ستاندارد أند بورز قد تغير توقعات التصنيف الائتماني لفرنسا البالغ AAA الى سالب خلال أيام في حين حذرت موديز منها قد تخفض تصنيفها لديون 87 بنكا في 15 دولة وسط مخاوف من أن الحكومات قد لا تقدر على انقاذها. من جهة أخرى اتفقت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي على تطوير خطة للاستفادة من العلاقات الاقتصادية القوية بالفعل بينهما لتوفير مزيد من الوظائف وتعزيز نمو اقتصاديهما. وقالا في بيان مشترك «يجب أن نكثف جهودنا للاستفادة من الامكانات غير المستغلة للتعاون الاقتصادي عبر الاطلسي وافراز فرص جديدة للوظائف والنمو لاسيما في القطاعات الناشئة. واضاف البيان عقب اجتماع بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو «نحن ملتزمون بجعل العلاقات التجارية والاستثمارية بين الاتحاد الاوروبي - الاكبر والاكثر تكاملا بالفعل في العالم - أقوى». ولا يزال الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة أكبر شريك تجاري واستثماري للولايات المتحدة رغم أزمة الديون الحادة في أوروبا التي تهدد نمو الاقتصاد العالمي. وتشكل القوتان معا نحو نصف الناتج الاقتصادي العالمي وقرابة ثلث التجارة العالمية. ويبلغ التبادل التجاري بينهما نحو 3.2 مليار دولار يوميا كما يدعم الاستثمار عبر الاطلسي ما يقدر بنحو 7.1 مليون وظيفة وفقا لمكتب ممثل التجارة الامريكي. ويتضمن البيان المشترك توجيها الى كارل دي جوشت مفوض التجارة الاوروبي ورون كيرك الممثل التجاري الامريكي لرئاسة مجموعة عمل مشتركة «لتحديد وتقييم خيارات لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة لاسيما تلك التي تحوز أكبر احتمالات لدعم الوظائف النمو». كما يدعو البيان المجموعة الى رفع توصياتها ونتائجها الى زعماء الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي بنهاية 2012 وتقديم تقرير مؤقت في يونيو حزيران 2012 بشأن وضع العمل. من جهته قال أنطوان بريندر، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «يكسيا» لإدارة الأصول، إن الحكومات الأوروبية تدرس بداية فك الارتباط باليورو والعودة إلى العملات الأصلية، ولكن حذر من التكلفة ستكون باهظة جدا، ونتائجها غير معروفة على أوروبا والعالم. ورأى بريندر أن اليورو، وبصرف النظر عن المشاكل التي يواجهها، إلا أنه «أقوى من جميع العملات، باستثناء الين الياباني، مما يعني أن احتمال انهياره في الفترة الحالية ضعيف»، مشيراً إلى أن آثار فك الارتباط مع اليورو بين هذه الدول ستكون كارثية أيضا على دول الشرق الأوسط. وحذر المحلل الاقتصادي من أزمة مالية واقتصادية تعم العالم في حال ارتفاع أسعار النفط عن حاجز مائة دولار للبرميل، والذي بدوره سوف يخفض أسعاره مرة أخرى إلى أقل من 35 دولارا، كما حصل في عام 2008، وسوف يبقى في هذا المستوى. وقال بريندر في لقاء مع الصحفيين بالمنامة، إن ألمانيا، صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، هي تحت الضغط الآن، بينما فرنسا تحت المراقبة، أما الأزمة المالية فقد مرت إلى ايطاليا بعد اليونان، في طريقها إلى أسبانيا، التي وصلت مديونية الدولة فيها إلى أكثر من 65 في المائة من إجمالي الدخل القومي. وأشار إلى أن أوروبا مجتمعة تسعى إلى عدم إفلاس أي بنك فيها، كما حصل لبنك «ليمن براذرز» الأمريكي، الذي أدى إلى الأزمة المالية العقارية في أمريكا والتي انتشرت أثارها على الاقتصاديات العالمية. وفي منطقة اليورو قال بريندر: «سوف يحصل انزلاق إلى حالة من الركود الاقتصادي، لاسيما وأن الاقتصاد الأوروبي فقد زخمه بشكل واضح، ومن المرجح حدوث ركود اقتصادي معتدل الآن و يجب حدوث تحوّل سياسي إذا ما رغب الأوروبيون بوضع حد نهائي لأزمة الديون السيادية وانكماش أكبر في اقتصادهم.»وتوقع المحلل الاقتصادي حصول هذا التحول «خلال الشهور المقبلة»، إلا أن وتيرة التذبذب سوف تظل مرتفعةً حتى ذلك الوقت، ورجح أن تظل أسعار فائدة سندات الخزانة الألمانية المستحقة بعد 10 سنوات عند مستوياتها المنخفضة الراهنة لفترة من الزمن.