سجلت العلاقات المغربية الألمانية على امتداد سنة 2012، خطوة مهمة ترجمتها لقاءات متواصلة ومكثفة بين الرباط وبرلين٬ تعكس إرادة البلدين في تقويتها عبر توسيع الشراكة والتعاون وإقامة العديد من المشاريع الواعدة. هكذا٬ شهدت السنة عقد مباحثات بين البلدين حول التعاون التنموي يومي 22 و23 مايو ببون٬ التي أسفرت عن قرارات، أبرزها دعم إنجاز عدد من المشاريع بالمغرب٬ برسم سنتي 2012 و2013، مما رفع من حجم الدعم المخصص للمغرب من طرف ألمانيا بنسبة 20 في المائة مقارنة مع 2010-2011. وتميزت السنة، أيضا، باجتماع اللجنة الاقتصادية المختلطة المغربية الألمانية في شهر أكتوبر ببرلين٬ ترأسه كل من عبد القادر عمارة، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة٬ وآن روث هيركيز، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الاقتصاد والتكنولوجيا في الحكومة الألمانية. وشكل الاجتماع فرصة عبر خلالها الجانبان عن الارتياح للنتائج التي تحققت في مجال التعاون الثنائي٬ وجددا الأمل في أن تتطور أكثر في إطار روح الشراكة. وأكد البلدان في الاجتماع، الذي عقد تنفيذا لقرار مشترك بين جلالة الملك محمد السادس والمستشارة أنغيلا ميركل، وتوج بالتوقيع في 18 ماي المنصرم، على اتفاقية لإحداث اللجنة٬ على مواصلة الحوار حول القضايا الاقتصادية وإعطاء دفعة قوية للاستثمارات بالمغرب، وكذا مساهمة ألمانيا في مشاريع تنموية بالمملكة. واتفقا في محضر اجتماعها على تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة، خاصة عبر تطوير تقنيات إنتاج الكهرباء٬ ودعم قدرات الربط الكهربائي بين المغرب ودول أوروبا وإقامة تبادل اقتصادي مبني على قاعدة موسعة لا تشمل فقط قطاعات مثل السياحة والطاقة والفلاحة٬ ولكن أيضا، قطاعات واعدة مثل الإلكترونيك والصناعة الميكانيكية٬ والسيارات٬ وصناعة الطائرات٬ وتطوير استراتيجية تجارية تقرب بين المزودين المغاربة والمستوردين الألمان ودعم المغرب في مجال التكوين المهني. وشهدت السنة زيارات عمل عدد من المسؤولين لألمانيا سواء حكوميين أو من مؤسسات الدولة٬ عززت من فرص التعاون بين البلدين٬ حيث تميزت بعقد لقاءات فتحت فرصا لمجالات جديدة للشراكة٬ من ضمنها المباحثات التي أجراها الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني٬ في مارس مع عدد من المسؤولين الألمان بالحكومة الفدرالية والبرلمان (البوندستاغ). كما قام في السياق نفسه٬ وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، في شهر نونبر الماضي، بمباحثات جمعته ببرلين بمسؤولين حكوميين ألمان٬ تناولت التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي بين المملكة وألمانيا. وشكلت هذه المباحثات مناسبة لتقديم العثماني توضيحات مفصلة حول التطورات الأخيرة التي شهدها ملف الصحراء المغربية، التي جدد بشأنها الجانب الألماني تأكيده لموقفه الداعم لجهود الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي توافقي لهذه القضية. وكان تصويت الأغلبية في البرلمان (بوندستاغ) الألماني٬ هذه السنة في شهر يناير٬ ضد ملتمس مناوئ للمغرب تقدم به حزب اليسار (دي لينكه) يتعلق بالصحراء المغربية٬ استجابة لتوصية لجنة الشؤون الخارجية برفض الملتمس٬ خطوة مهمة ترجمت حرص ألمانيا على التشبث بموقفها وبالحفاظ على مستوى علاقتها مع المغرب كشريك استراتيجي. وتميزت السنة كذلك٬ بالتوقيع ببرلين في شهر يوليوز٬ على تصريح بالنوايا من أجل إنشاء شراكة طاقية٬ التي يراهن عليها البلدان٬ خاصة في مجال الطاقات المتجددة والتكوين وتشجيع البحث العلمي. ويحدد التصريح٬ الذي وقعه وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، فؤاد الدويري، والوزير الفدرالي الألماني في الاقتصاد والتكنولوجيا، فيليب روسلر٬ أولويات هذا التعاون التي تشمل تأمين التزود بالطاقة وحماية البيئة٬ ومختلف تكنولوجيا إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة٬ وإنجاز المخطط المغربي للطاقة الشمسية والريحية. ونص التصريح على إحداث لجنة للتسيير من مستوى عال٬ تعمل بجانبها مجموعات عمل موضوعاتية مغربية ألمانية٬ تهم٬ الطاقات المتجددة والمذكرة التوجيهية الأوروبية٬ ومواكبة مشروع (ديزرتيك) في المغرب٬ والتعاون والتطوير. وجدد الجانبان التأكيد على علاقات التعاون المتميزة بين الرباط وبرلين٬ وإرادتهما المشتركة في تعزيزها بما يحقق التنمية الاقتصادية وتطوير الصناعات ذات الصلة٬ واندماج السوق الطاقي المغربي والأوروبي. وأكد الجانب الألماني٬ أهمية السياسة الطاقية التي يعتمدها المغرب٬ ورغبته في إقامة تعاون متميز مع المملكة٬ لما تزخر به من مؤهلات مهمة في هذا المجال. وسجلت السنة، أيضا٬ زيارة عدد من الوفود البرلمانية المغربية لألمانيا شهدت سلسلة من اللقاءات مع رؤساء فرق ولجان بالبرلمان الألماني (البوندستاغ)، تمحورت أساسا حول سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية٬ وتكثيف التواصل بين المؤسستين التشريعيتين في البلدين. وأكدت جل المباحثات بين البلدين على أن الحوار السياسي بينهما يستند إلى تطابق في وجهات النظر في ما يخص تقوية التعاون الثنائي٬ وفي القضايا الإقليمية والدولية والجهود التي يبذلها البلدان بشكل مشترك في مجلس الأمن حول القضايا الدولية والأمنية٬ وإلى مقاربة طموحة مفتوحة على آفاق واعدة. من جانب آخر سجل المغرب حضورا نوعيا في عدد مهم من التظاهرات الدولية التي احتضنتها مدن ألمانية كالمعرض الدولي (فروت لوجيستيكا) للخضر والفواكه الطازجة، حيث جرى إبراز جودة المنتوج الفلاحي المغربي٬ ومكانته في السوق العالمية. كما شارك في معرض (دوموتيكس) للزرابي والمفروشات بهانوفر (وسط شمال)٬ بحث خلاله المسؤولون المغاربة مع عدد من المستوردين الألمان الذين يسوقون الزربية المغربية في ألمانيا٬ سبل تعزيز القدرات التنافسية للزربية المغربية. وفي شهر مارس شارك المغرب في المعرض الدولي للسياحة (إي تي بي) ببرلين، للتعريف بمؤهلاته السياحية وفق مقاربة تواصلية تمكن من ترسيخ وجهته في السوق الألمانية، التي تعد ضمن أكبر الأسواق السياحية في العالم وتحظى بأهمية كبرى. وبحث وزير السياحة٬ لحسن حداد٬ مع كاتب الدولة لدى الوزير الفدرالي للاقتصاد والتكنولوجيا٬ إرنست بورغباخر٬ بالمناسبة إمكانيات تعزيز التعاون بين البلدين في القطاع السياحي٬ خاصة عبر تشجيع الاستثمار٬ ثم استعرض المحاور الكبرى لرؤية 2020، التي وضعها المغرب لتنمية سياحته. وجرى الاتفاق على تمكين الطلبة المغاربة من منح للتكوين في القطاع السياحي في ألمانيا لتأهيلهم في مجال السياحية والفندقة. وأشاد كاتب الدولة الألماني بالتطور الذي يشهده القطاع السياحي في المملكة، وبقدرته على استقطاب السياح٬ معتبرا أن السياحة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاستقرار السياسي والأمني الذي يهم السياح أكثر.(و م ع)