فشلت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب في رأب الصدع بين مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، والنقابة الديمقراطية للعدل، رغم دخولها على خط الصراع والتصعيد القائم بين الطرفين منذ مدة، بسبب المشاكل التي يعرفها القطاع، وعلى رأسها قرار وزارة العدل الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين. وقال فخر الدين بنحدو، نائب الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل، التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل، إن "لجنة العدل والتشريع تدخلت مشكورة، قبل أزيد من أسبوعين، في محاولة وساطة، قصد رأب الصدع بيننا وبين وزارة العدل"، مشيرا إلى أن أعضاء من اللجنة نظموا زيارة ميدانية إلى وزارة العدل، حيث كان أعضاء من المكتب الوطني للنقابة يخوضون اعتصاما وإضرابا عن الطعام، وأمكن التوصل إلى فك الاعتصام، بناء على طلب اللجنة، التي قادت منذ ذلك الحين وساطة لرأب الصدع داخل القطاع. وأوضح بنحدو، في تصريح ل"المغربية"، أن مساعي اللجنة اصطدمت بما أسماه "تعنت وزير العدل، وتشبثه بمواقفه الجامدة"، وهو ما اتضح جليا في آخر اجتماع مطول، عقد طيلة نهار الأربعاء الماضي، بمقر مجلس النواب، ضم وزير العدل والحريات وأطرا من الوزارة، وأعضاء المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل، وأعضاء لجنة العدل والتشريع، لم يسفر عن أي نتائج، في اتجاه تذويب الخلاف القائم. وأضاف بنحدو أن أعضاء المكتب الوطني للنقابة "قدموا أكثر من اقتراع وتنازل لحل المشاكل وتوقيف التوتر، بيد أن وزير العدل، للأسف، ظل متشبثا بقراراته ومواقفه". وبناء على ذلك، يقول بنحدو، قررت النقابة الدخول في "برنامج نضالي تصعيدي، انطلق بوقفات احتجاج وطنية في جميع محاكم المملكة، صباح أمس الجمعة، من التاسعة إلى الثانية عشر ظهرا"، مشيرا إلى أن "أشكالا نضالية خاصة بكل أسبوع سيعلن عنها في حينها". وذكر نائب الكاتب العام أنه تقرر، أيضا، الانخراط المكثف في "يوم الاحتجاج الوطني" المقرر تنظيمه، اليوم السبت، من طرف مركزيتي الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية. في السياق ذاته، استحضر المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل، في اجتماع له، عقد مساء الأربعاء الماضي، على ضوء نتائج جلسة تفاوض عقدت صباح اليوم نفسه، بمقر مجلس النواب، في سياق الاستجابة لوساطة لجنة العدل والتشريع، ما "آل إليه الوضع قطاعيا على ضوء استهداف النقابة الديمقراطية للعدل بشتى أصناف التضييق والترهيب، ومباشرة مصالح وزارة العدل للاقتطاع من أجور الموظفين، دون ترك أي مجال لممثلي الأمة في مسعاهم لتقريب وجهات النظر بخصوص النقاط المفترض مناقشتها، وفي مقدمتها ملف الاقتطاع". وأوضح المكتب الوطني، في بلاغ توصلت "المغربية" بنسخة منه، أن النقابة الديمقراطية للعدل "أبدت ما يكفي من حسن النية، في سياق استحضارها لمصلحة المواطنين، وتقديرها العالي للمؤسسة التشريعية ولممثلي الأمة بها، وبذلت كل التنازلات الممكنة، بهدف تسهيل وساطتهم وإنجاحها بما يراعي مصالح المواطنين وحقوق موظفي هيئة كتابة الضبط". واعتبر البلاغ أن "النقابة لم تدخر جهدا في سياق محاولة وضع حد للتوتر المفتعل، الذي أريد للقطاع أن يظل رهينا له، والحال أن مطالبنا مهنية، ولا مبرر لرفضها ولا حتى تأجيلها، ومن هذا المنطلق لم نتردد في تعليق إضرابنا عن الطعام، ووقف كل أشكالنا الاحتجاجية التي قررتها مكاتب الفروع لتوفير أجواء إيجابية للتفاوض". وعبر المكتب الوطني عن "أسفه الشديد لموقف وزير العدل، الذي بقي جامدا في ارتباطه بقرار الاقتطاع، ولم يسعف لا النقابة الديمقراطية للعدل ولا لجنة العدل والتشريع المبادرة بالوساطة في إيجاد حل، ولا حتى بوادر حل للوضع الذي أصبح يعيشه القطاع". وأعلن المكتب الوطني "رفضه المطلق لقرار الاقتطاع من الأجور، والذي إن سلمنا بحتمية وقوعه بناء على القرار الحكومي بتاريخ 25 أكتوبر 2012، فلن نسلم بحتمية تفعيله بأثر رجعي سابق لتاريخ إقراره مثلما لن نسلم بشرعيته وقانونيته"، مؤكدا على "مطالب النقابة الديمقراطية للعدل، وفي مقدمتها دعم حق موظفي العدل في الحصول على السكن، وإلغاء الشق الشفوي من الامتحانات المهنية، وتمكين أصحاب الشهادات العلمية من حقهم في الإدماج، وإحداث المدرسة الوطنية لكتابة الضبط". وطالب الحكومة ب"التراجع عن قرار اقتطاع أيام الإضراب من أجور المضربين، واحترام الشرعية الدستورية للحق في الإضراب، والإسراع بإخراج قانون الإضراب، في ارتباط بقانون النقابات، بما يضع حدا لكافة أشكال الشطط في استعمال السلطة على هذا المستوى".