بالنظر إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها التكوين في النهوض بقطاع السياحة والرفع من قدرته التنافسية٬ وسعيا إلى بلوغ أهداف الرؤية المسطرة من طرف الوزارة الوصية للرقي بأداء القطاع في أفق سنة 2020، شهدت السنوات الأخيرة إحداث عدد من مراكز التكوين في مهن السياحة والفندقة. تروم هذه المراكز تكوين أطر ذات كفاءة عالية بوسعها تلبية الطلب المتزايد على الموارد البشرية المؤهلة من طرف الوحدات الفندقية والمحطات والمركبات السياحية المتواجدة بمختلف جهات المملكة. وتتجلى أهمية التكوين في مجال السياحة٬ الذي تعززت بنياته بفندق بيداغوجي تابع للمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ أمس الثلاثاء ببن جرير٬ في دوره الكبير في تأهيل شباب وشابات المدينة وتيسير اندماجهم الفاعل في النسيج السوسيو- مهني٬ فضلا عن كونه استثمارا مهما ورهانا للمستقبل، على اعتبار أنه يوفر الأرضية المواتية لجعل المغرب يرتقي إلى خانة العشرين وجهة الأولى على المستوى العالمي عوض المرتبة ال32 التي يحتلها حاليا٬ إضافة إلى جعل المملكة مرجعا وعلامة مميزة في مجال السياحة الراقية والمستدامة. ويعكس تدشين صاحب الجلالة٬ حفظه الله٬ لهذه البنية التكوينية النوعية٬ الاهتمام الخاص الذي ما فتئ جلالته لمجال التكوين وتطوير الكفاءات وحرصه الدائم على تمكين الشباب من تكوينات ملائمة وناجعة في شتى المجالات٬ بما يتيح انخراطهم الفاعل في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية. كما يجسد هذا التدشين عزم جلالة الملك على مواصلة مسلسل تطوير القطاع السياحي وتسريع وتيرة تنفيذ مختلف المشاريع والبرامج الرامية إلى الرقي بأدائه٬ وذلك اعتبارا لأهميته البالغة في دعم النمو الاقتصادي المنشود. ويندرج إحداث هذه المؤسسة في إطار المشاريع التي ينجزها مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل لمواكبة الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها إقليم الرحامنة والتي تعد "المدينة الخضراء محمد السادس" ببن جرير علامتها البارزة٬ حيث سيمكن هذا الفندق البيداغوجي من تكوين 256 شابة وشابا سنويا في مهن السياحة والفندقة بمختلف أنواعها، كما سيساهم في تشجيع وتيسير الإقبال على التكوين المهني٬ لاسيما بالنسبة للفتيات المتحدرات من المناطق النائية. وقد شيد هذا الفندق البيداغوجي على مساحة 2950 مترا مربعا بطاقة استيعابية تبلغ 120 مستفيدة ومستفيدا، ويتوفر على جناحين يتألفان من 30 غرفة٬ فضلا عن فضاءات مشتركة كمطعم ومطبخ ومقصف وقاعة للتمريض وملعب رياضي...٬ علما بأن المكتب خصص لإنشاء هذا الفندق٬ الكفيل بتعزيز الفضاءات البيداغوجية بمدينة بن جرير وتلبية الطلب على الموارد البشرية المؤهلة٬ غلافا ماليا إجماليا بلغ 19,8 مليون درهم٬ منها 14,8 مليون درهم منه موجهة للدراسات والبناء و5 ملايين للتجهيزات. والحري بالذكر أن عدد المتدربين بالمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية ببن جرير بلغ٬ برسم الموسم الدراسي 2012- 2013، 1375 متدربة ومتدربا٬ يتم تكوينهم في عدة مستويات منفتحة على عدة شعب كتقنيات الشبكات المعلوماتية٬ وإلكتروميكانيك الأنظمة التلقائية٬ ومحاسبة المقاولات وتدبيرها٬ والسكرتارية والمكتبيات٬ وكهرباء الصيانة الصناعية٬ وكهرباء البناء٬ والتركيب المعدني٬ والفصالة والخياطة. ومكنت هذه المؤسسة من تعزيز جهاز التكوين المهني بمدينة بن جرير ودعم دينامية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية عبر تلبية الحاجيات من الموارد البشرية المؤهلة. وهكذا٬ سيساهم هذا المشروع النموذجي في تعزيز مختلف البنيات المماثلة المحدثة على مستوى مدينة بن جرير٬ والتي تشكل فضاءات مواتية لتفتق المواهب وتطوير المهارات وتعزيز الخبرات٬ في أفق تكوين شباب مؤهل لولوج سوق الشغل والمساهمة بفعالية في التنمية المحلية٬ كما سيمكن من الرقي بقطاع السياحة ودعم طاقاته البشرية، بهدف تعزيز قدرته التنافسية٬ لاسيما في ظل المنافسة القوية التي أضحت تشهدها السوق العالمية في هذا المجال. والواقع أن المغرب أضحى٬ بفضل مختلف البنيات التكوينية المحدثة خلال السنوات الأخيرة٬ نموذجا يحتذى في تدبير منظومة التكوين الشيء الذي يعكس رهان المملكة على شبابها٬ ذكورا وإناثا٬ في بناء مغرب الغد ورفع مشعل التنمية الشاملة والمستدامة.