مازال منشور وزير العدل والحريات، الذي يمنع كفالة الأجانب غير المقيمين بصفة اعتيادية بالمغرب لأطفال مغاربة، يثير جدلا واسعا داخل البرلمان إذ أكد مصطفى الرميد، في جوابه عن سؤال شفوي بمجلس النواب، الاثنين الماضي حول "كفالة الأطفال المهملين من طرف الأجانب" تقدم به فريق التقدم الديمقراطي٬ أن "الواقع الذي رصدته الوزارة من خلال تتبع تطبيق القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، أثبت أن هناك بعض الممارسات أضحت تحد من الأهداف السامية التي سن من أجلها هذا القانون٬ خاصة في ما يتعلق بطلبات الكفالة المقدمة من قبل أشخاص أجانب". وأفاد الرميد أنه "لاحظ عدم التأكد من توفر الكافل الأجنبي على الشروط الواردة في المادة 9 من القانون المذكور، خاصة ما يتعلق بالصلاحية الأخلاقية والاجتماعية لطالب الكفالة٬ والقدرة على تنشئة المكفول تنشئة إسلامية". وأضاف الوزير "غاية المشرع بالأساس عند سنه لمقتضيات قانون الكفالة هي حماية المصلحة الفضلى للطفل المغربي٬ فإن الحفاظ على المصلحة المذكورة من منظور الوزارة٬ وفي إطار روح وفلسفة نظام كفالة الأطفال المهملين٬ يقتضي ألا تسند الكفالة إلى طالبها الأجنبي إلا إذا كان مقيما بصفة اعتيادية فوق التراب الوطني". وكان وزير العدل وجه، في 19 شتنبر الماضي، منشورا إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، للتأكد، من خلال بحث دقيق، أن الأجنبي، الراغب في الكفالة يقيم بصفة اعتيادية فوق التراب الوطني. من جهتها، اعتبرت نزهة الصقلي، البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، أن "الغاية هي حماية الأطفال المكفل بهم خارج أرض الوطن، لكن نرى أن دورية وزير العدل غير منطقية". وقالت الصقلي، في تصريح ل"المغربية"، إن "وزير العدل مطالب باسترجاع الدورية حتى يتشاور مع المهتمين والجمعيات الفاعلة في مجال التكفل بالأطفال، وتسجيل مجموعة من الملاحظات الخاصة بالوقاية من أجل إصلاح هؤلاء الأطفال وتوفير الضمانات". وأضافت "إذا كان هناك شيء استعجالي يجب إصلاحه، فهو وضع استراتيجية كاملة للوقاية ومعالجة مشاكل الأطفال المتخلى عنهم والأمهات العازبات اللواتي يعشن الهشاشة والفقر". وأكدت الصقلي، وزيرة الأسرة والتضامن سابقا، على "ضرورة مراجعة قوانين الإيقاف الطبي للحمل مع رعاية كل الاعتبارات الدينية والأخلاقية، حفاظا على الأمهات العازبات اللواتي يسقطن في الفخ، وإيجاد حلول لتشجيعهن على الحفاظ على أطفالهن، وبالتالي تقديم خدمة اجتماعية للمجتمع". وقال الرميد ل"المغربية"، إن من بين "أسباب تلك الدورية، تهافت أجانب على التكفل بأطفال مغاربة، خاصة الذكور منهم، ما آثار كثيرا من الشبهات". وأضاف الوزير، خلال جلسة مع مجموعة من الصحافيين في ندوة وطنية، نظمت نهاية الأسبوع الماضي بمراكش، حول آفاق مهنة التوثيق، أنه مطلوب في الكفالة الأخذ بعين الاعتبار الإقامة الاعتيادية للأجنبي، ووضعيته المادية ومدى اعتناقه الدين الإسلامي. وأفاد الرميد أنه تبين من خلال البحث في موضوع الكفالة أن عند مغادرة الأجنبي الكافل لأرض الوطن يغير اسم الطفل المكفول، وديانته، إضافة إلى الاتجار في الأعضاء البشرية للمكفولين. وأشار إلى أنه مطلوب من الوكلاء المذكورين تقديم ملتمسات إلى القضاة المكلفين بشؤون القاصرين على ضوء نتيجة البحث بعدم إسناد الكفالة للأجانب غير المقيمين بصفة اعتيادية بالمغرب، معتبرا أن "هذه الوضعية تستدعي المنع بشكل مطلق تسليم أطفالنا إلى أي أجنبي تحت أي مسمى، ومن أراد أن يفعل خيرا، فعليه أن يكون حريصا على بقاء هؤلاء الأطفال في محيطهم وبيئتهم".