مباشرة بعد تنظيم نادي قضاة المغرب للوقفة الوطنية للقضاة أمام محكمة النقض بالرباط، السبت الماضي، أصدرت وزارة العدل والحريات بلاغا أكدت فيه أن "أمر تحسين الوضعية المادية والاجتماعية للقضاة محسوم" وأن" المطلوب من القضاة أن يحاربوا الرشوة من خلال ممارساتهم القضائية النزيهة"، مضيفة أن "كل من حضر الوقفة الاحتجاجية ليس منسوبا للصلاح والنزاهة، وكل من غاب عنها ليس منسوبا للانحراف والفساد". هذا البلاغ أثار حفيظة نادي قضاة المغرب، الذي أصدر مكتبه التنفيذي، أمس الاثنين، بلاغا مطولا، وصف فيه ما جاء في بلاغ الوزارة ب "التصريح غير المسؤول، ومس خطير بالسمعة والهيبة والاحترام الواجب للقضاة، وينم عن جهل بالمبادئ القانونية والفقهية التي تعتبر أن الأصل هو الصلاح" . وكانت وزارة العدل دعت في بلاغها الصادر أول أمس الأحد، القضاة إلى "الإسهام في مرحلة إصلاح شامل وعميق لمنظومة العدالة، بأدائهم المهني الجيد، وقضائهم على المتخلف والمتراكم من الملفات، التي تثقل كاهل العدالة وتسيء إلى صورتها، واقتراحاتهم البناءة، وليس من خلال الوقفات ورفع الشعارات"، وهو ما جعل نادي القضاة يحمل المسؤولية للوزارة نفسها في تراكم الملفات بالمحاكم، معتبرا في بيانه أن ذلك راجع إلى "عدم انكبابها على حل مشكل التبليغ، وعدم توفير الوسائل البشرية واللوجيستيكية من أجل ضمان حصول المواطنين على حقوقهم داخل آجال معقولة، خصوصا أن معدل الإنتاج السنوي للقاضي المغربي حسب إحصائيات وزارة العدل نفسها يفوق المعدل الدولي بنسبة الضعف". وبخصوص مسألة استقلال القضاء، الذي أكدت الوزارة في بلاغها أنه "أمر حسمه الدستور، في ما نص عليه من الرقي بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية"، أوضح نادي القضاة في بلاغه أن "رفع مطلب الدفاع عن استقلال السلطة القضائية واعتماد التأويل الديموقراطي للدستور ليس مجرد شعار مستهلك، بل هو مطلب ملكي وشعبي، وأن تنزيل النصوص التنظيمية الضامنة لتلك الاستقلالية هو الذي من شأنه أن يجسد المعنى الحقيقي لهذه الاستقلالية". وبعد أن أقرت وزارة العدل في بلاغها، بخصوص الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، أنها "فتحت، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، حوارا وطنيا على أرضية ميثاق وطني تتوافق عليه كافة المكونات المجتمعية ليعرض على البرلمان، الذي ستبقى له الكلمة الأخيرة باعتباره ممثلا للشعب المغربي في تنظيم السلطة القضائية"، اعتبر نادي القضاة أن "تخليق منظومة العدالة من أولى أولوياته تنفيذا للإرادة الملكية وتوصيات مجلسه الوطني المنعقد في 26-27 نونبر 2011، وأن وزارة العدل تعتمد مقاربة موسمية وانتقائية بدل توفير الشروط الموضوعية العامة، التي تراعي بعين الاعتبار تخليق منظومة العدالة في شموليتها". أما عن تحسين الوضعية المادية للقضاة، فأكدت وزارة العدل في بلاغها أن "الحكومة واعية بعدم ملاءمة أجور القضاة، وعازمة على الرفع منها خاصة بالنسبة للدرجات الثالثة والثانية والأولى، في إطار تصور شمولي على قاعدة الميثاق الوطني لإصلاح العدالة المرتقب"، في حين، أكد نادي القضاة أن ربط مسألة تحسين الوضعية المادية للقضاة بنتائج الحوار حول إصلاح العدالة "مجرد وسيلة للتسويف والمماطلة، خصوصا بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات على تاريخ الخطاب الملكي التاريخي ل 20 غشت 2009". وقرر "تمسكه بالدفاع عن الأهداف التي أسس من أجلها بجميع الوسائل".