أججت الوقفة الناجحة لقضاة المملكة السبت الماضي الصراع بين نادي القضاة بالمغرب ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد، حيث كان محور الوقفة غير المسبوقة محاربة الرشوة والمطالبة باستقلال القضاء طبقا لأحكام الدستور، إذ سارع الرميد الى اصدار بيان موجه للرأي العام أكد من خلاله أن استقلال القضاء أمر حسمه الدستور في ما نص عليه من الرقي بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ومنع التدخل في القضايا المعروضة على القضاء من وزارة . وأضاف البيان بان وزارة العدل والحريات «فتح تحت الرعاية السامية لجلالة الملك حوار وطني حول الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة على أرضية ميثاق وطني تتوافق عليه كافة المكونات المجتمعية ليعرض على البرلمان الذي ستبقى له الكلمة الأخيرة، باعتباره ممثلا للشعب المغربي». وأقر بلاغ الرميد بعدم ملاءمة أجور القضاة لأعمالهم. وأن الحكومة عازمة علىالرفع منها خاصة بالنسبة للدرجات الثالثة والثانية والأولى، وذلك في إطار تصور شمولي على قاعدة الميثاق الوطني لإصلاح العدالة المرتقب .وذكر البيان بالخطاب الملكي أثناء تنصيب أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة يوم 08 ماي 2012 ،والدي أكد من خلاله جلالته على أن الميثاق المرتقب ينبغي أن يكون ميثاقا واضحا في أهدافه، محددا في أسبقياته وبرامجه ووسائل تمويله، ومضبوطا في آليات تفعيله . وتحدث البيان عن الوزير نفسه، حيث جاء فيه -كما سبق لوزير العدل والحريات أن رهن مركزه الحكومي أمام ممثلي الشعب في البرلمان بتحسين أجور القضاة خلال أمد أقصاه سنتين. وبناء عليه يخلص الرميد الى أن القضاة لم يكونوا في حاجة الى وقفة السبت. وأشار البيان وفي شبه تحد لقضاة المملكة إلى أن على القضاة أن ا الرشوة من خلال ممارساتهم القضائية النزيهة. وفي اتهام مباشر لبعض الحاضرين في الوقفة أشار البيان الى أنه ليس كل من حضر الوقفة الاحتجاجية منسوب للصلاح والنزاهة، كما أنه ليس كل من غاب عن هذه الوقفة منسوب للانحراف والفساد، مؤكدا أن دور القضاة هو الإسهام في هذه المرحلة بطريقة إيجابية مباشرة أو غير مباشرة بأدائهم المهني الجيد، وقضائهم على المتخلف والمتراكم من الملفات التي تثقل كاهل العدالة وتسيء إلى صورتها. رد نادي القضاة لم يتأخر كثيرا، إذ سارع النادي إلى إصدار بيان أكد من خلاله على خيبة أمله من الوزارة التي كان ينتظر منها فتح باب الحوار الجاد والمسؤول فإذا بها تفاجئ القضاة بإصدار بيان على خلفية الوقفة الوطنية. وأكد النادي تمسكه بالدفاع عن الأهداف التي أسس من أجلها بجميع الوسائل وإنه بصدد دراسة الإجراءات التي سيتخذها بخصوص بلاغ وزارة العدل والحريات .واتهم المكتب التنفيذي للنادي أن وزارة العدل، تعتمد مقاربة موسمية وانتقائية بدل توفير الشروط الموضوعية العامة التي تراعي بعين الاعتبار تخليق منظومة العدالة في شموليتها، وأنها تعتمد على تكريس الاستغلال السياسي لبعض الحالات المحدودة والمنعزلة لتشويه سمعة القضاء المغربي ، واعتبر ما جاء في بيان الرميد ب»أن ليس كل من حضر الوقفة الوطنية منسوب للصلاح « تصريحا غير مسؤول، ومسا خطيرا بسمعة القضاة وهيبة والاحترام الواجب لجميع للقضاة، وينم عن جهل بالمبادئ القانونية والفقهية التي تعتبر أن الأصل هو الصلاح . وحمل النادي وزارة العدل المسؤولية في تراكم الملفات بالمحاكم بالنظر إلى عدم انكبابها على حل مشكل التبليغ وعدم توفير الوسائل البشرية واللوجيستيكية من أجل ضمان حصول المواطنين على حقوقهم داخل آجال معقولة ، خصوصا وأن معدل الإنتاج السنوي للقاضي المغربي، حسب إحصائيات الوزارة نفسها، يفوق المعدل الدولي بنسبة الضعف .وأشار بيان النادي الى أن رفع مطلب الدفاع عن استقلال السلطة القضائية واعتماد التأويل الديموقراطي للدستور ليس مجرد شعار مستهلك ، بل هو مطلب ملكي وشعبي، وأن تنزيل النصوص التنظيمية الضامنة لتلك الاستقلالية هو الذي من شأنه أن يجسد المعنى الحقيقي لهاته الاستقلالية، علما بأن الدستور السابق كان بدوره ينص على استقلال القضاء ولكن ما كان ينقصه هو التفعيل والتنزيل، ويعتبر نادي قضاة المغرب أن مسألة تحسين الوضعية المادية للقضاة أمرا محسوما ومرتبطا بنتائج الحوار الوطني لإصلاح العدالة، مجرد وسيلة للتسويف والمماطلة خصوصا بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات من تاريخ الخطاب الملكي التاريخي ل 20 غشت 2009 ، بالإضافة إلى تجاهله وضعية القضاة المتدربين ،خصوصا مع الوعود التي سبق لوزراء العدل السابقين تقديمها. وبخصوص تداعيات هدا الموضوع، أكدت خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان أنه ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها النادي للمضايقات، بل هو ولد تحت الضغط وفي الشارع العام. وشددت الرياضي على أن مطالب النادي هي مطالب الهيئات الحقوقية بالمغرب، مؤكدة «نحن نساند مطالبهم في المطالبة باستقلالية القضاء وضد التوظيف السياسي لقطاع العدل أو لتصفية الحسابات». واعتبرت المسؤولة الحقوقية بأن من حق النادي اتخاذ الاشكال النضالية التي يراها مناسبة لتحقيق مطالبه. من جهتها أكدت مصادر من داخل المنظمة المغربية لحقوق الانسان أن الاخيرة تتابع بقلق هذه التطورات، مطالبة الوزارة بالجنوح الى الحوار بدل لغة التهديد مشددة على أن ورش إصلاح العدالة مطلب شعبي لا يمكن التراجع عنه بعد أن اصبح مكسبا دستوريا. وأوضح المتحدث أن مطالب النادي عادلة ويجب الشروع الفوري في الحوار.