كانت رحاب المشور السعيد بالقصر الملكي بالرباط٬ أمس الثلاثاء٬ على موعد مع حدث بارز يجسد ذلك التلاحم العميق، وتلك الروابط الوثيقة التي جمعت دوما بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي٬ إنه حفل الولاء الذي يتوج احتفالات هذه السنة بالذكرى الثالثة عشرة لتربع أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ على عرش أسلافه المنعمين. ففي حفل بهيج٬ نقل على أمواج الإذاعة وشاشة التلفزة وحضره رئيس الحكومة ورئيسا مجلسي النواب والمستشارين ومستشارو صاحب الجلالة والهيئة الوزارية ورؤساء الهيئات الدستورية وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية والمدير العام للأمن الوطني وعدة شخصيات مدنية وعسكرية٬ اصطف ولاة وعمال الولايات والعمالات والأقاليم٬ وولاة وعمال الإدارة المركزية وممثلو جميع جهات المملكة ال 16في صفوف متراصة ومحكمة التنظيم أضفى عليها بياض الزي التقليدي المغربي الأصيل٬ الذي كانوا يرتدونه والمتمثل في الجلباب والسلهام٬ رونقا وجمالا عز نظيرهما. ووسط هذه الأجواء المفعمة بالغبطة والسرور٬ شرعت الأبواب الكبرى المفضية إلى ساحة المشور السعيد لتطل طلعة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وهو يمتطي صهوة جواد أسود لتبدأ أفواج وفود وممثلي وأعيان مختلف جهات المملكة٬ من وادي الذهب جنوبا إلى طنجة شمالا، ومن وجدة شرقا إلى الدارالبيضاء غربا٬ تتقدم تباعا ووفق ترتيب دقيق وحسب البروتوكول المعمول به في هذه المناسبة٬ لتقديم البيعة والولاء لأمير المؤمنين الذي كان يرد بيديه الكريمتين عربونا على مبادلته رعاياه الأوفياء حبا بحب. وكما يقضي بذلك البروتوكول فقد كان وزير الداخلية، خلال هذا الحفل الذي استغرق زهاء عشر دقائق٬ في مقدمة هذه الجموع التي حجت اليوم إلى القصر الملكي لتجديد البيعة والولاء لأمير المؤمنين جريا على ما دأب عليه أسلافها على مر التاريخ. والواقع أن هذا الحفل الكبير٬ الذي اختتم بإطلاق المدفعية خمس طلقات٬ إنما هو تقليد مغربي أصيل نسج خيوطه عبر السنين، واستمد أصالته من التاريخ الإسلامي ومن شرائع هذا الدين الحنيف٬ كما أنه يجسد العمق الحضاري الذي تتميز به المملكة منذ قرون٬ بحيث كانت هناك٬ ومنذ نحو أكثر من اثني عشر قرنا٬ هيئة تبايع ملوك المغرب وتتشكل من كافة فئات وممثلي الشعب، وفي مقدمتهم العلماء وعلماء الشرع ورجال السلطة. إن آصرة البيعة هذه تنطوي في الحقيقة على معاني ودلالات شتى تحيل في المقام الأول على كونها ترسيخ لاستقرار وأمن المملكة وتجسيد للوحدة الوطنية، فضلا عن ضمان الاستمرارية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى على اعتبار أن الحكم الرشيد والثبات على النهج القويم يعد مفتاح الاستقرار والسبيل إلى الرقي والازدهار. ومن ثمة فلا غرابة أن تجسد مراسم هذا الحفل الكبير أواصر المحبة القوية والروابط الوثيقة بين العرش والشعب وتعكس بجلاء تعلق الشعب المغربي الراسخ بعاهله جلالة الملك محمد السادس رمز الأمة وموحدها وباعث نهضة المغرب الحديث، الذي تمكن بفضل حنكته وسداد رؤيته وتجند رعاياه الأوفياء وراءه من تبويء المملكة مكانة متميزة بين الأمم.