الرضاعة الطبيعية هي عملية تغذية المولود بالحليب الذي ينتجه ثدي الأنثى بالمص، وهي عملية فطرية مشتركة بين الاٍنسان وباقي الثدييات، وتستمر هذه العملية من الولادة وحتى الفطام. تنصح منظمة الصحة العالمية ب 6 أشهر كمدة إرضاع، بعد أن لاحظ الخبراء والاختصاصيون، إصابة بعض الأطفال بأمراض لها صلة بعدم استفادتهم من رضاعة طبيعية تقي أجسامهم من الأمراض. للتعرف على مزيد من المعلومات حول فوائد حليب الأم وأهمية الرضاعة الطبيعية، حاورت "المغربية" الدكتورة نعيمة السراج الأندلسي، اختصاصية في طب الأطفال، التي قدمت مجموعة من المعلومات وردت على أسئلة كثيرة تتبادر إلى ذهن كل أم أو أب جديدين. كيف ينظر طب الأطفال إلى الرضاعة الطبيعية؟ هي جيدة بكل المقاييس، سواء بالنسبة للأم أو الرضيع. صراحة نحتاج إلى حملة للتشجيع على الرضاعة الطبيعية، على الأقل لمدة الستة أشهر الأولى من عمر الوليد الجديد، لما لحليب الأم من منافع صحية. ما طبيعية هذه المنافع؟ حليب الأم مادة طبيعية، ونعمة من نعم الله، يضمن تركيبة مغذية للرضيع، سواء كان مكتملا أو خديجا. يتضمن مادة البروتين والذهنيات والماء، والسكريات بالكميات الكافية والمناسبة للجهاز الهضمي للرضيع، إلى جانب المغذيات الأخرى، مثل الأملاح والفيتامينات. أضيف إلى ذلك أن حليب الأم يمنح للرضيع مناعة قوية، على اعتبار أن الوليد الجديد لا يكون متوفرا على مناعة ذاتية سوى تلك التي كسبها عن أمه، وهي المضادات الجسمية، بخلاف الحليب الاصطناعي الذي لا يستطيع منح المناعة. من المهم جدا أن يتعرف الناس على أن حليب الأم يحمي من تعرض الطفل للحساسية، بمختلف أنواعها، علما أننا في المغرب، نسجل كل سنة زيادة في عدد المصابين بالحساسية بنسبة الثلث. كما أن حليب الأم يمنع الرضيع والطفل من التعرض للسمنة أو الوزن الزائد، بخلاف الحليب الاصطناعي الذي يمكن أن يتسبب في وزن زائد. يتساءل بعض الآباء والأمهات الجدد حول إمكانية تقديم الماء للرضيع الجديد موازاة مع فصل الصيف؟ ليست هناك أي ضرورة لتقديم الماء الشروب إلى الرضيع الجديد، الذي يقل عمره عن 6 أشهر، لأن حليب الأم يتوفر على الماء الكافي لجسم الرضيع. ما أبرز الخصائص التي يتميز بها حليب الأم عن الاصطناعي؟ - بالإضافة إلى الفوائد الصحية التي ذكرتها سابقا، فإن حليب الأم، منتوج طبيعي، جاهز للاستعمال في أي زمان ومكان، لكونه مادة جاهزة طبيعيا، لا تضطر الأم إلى بذل أي مجهود لمزج أي عناصر. أضيف، أيضا، أن حليب الأم يتوفر طبيعيا على درجة حرارة مناسبة لجسم الرضيع، لا يشكل أي تهديد له بالتعرض لمشاكل أو مضاعفات صحية، مثل الإمساك أو عسر الهضم. أهمية حليب الأم جعلت منظمة الصحية توصي الدول المتقدمة بتقديمه للرضع، على الأقل لمدة 6 أشهر الأولى من الوضع، بل رفعت المدة إلى سنتين بالنسبة إلى الدول الإفريقية، حيث يعاني بعض السكان من مشاكل في التغذية، سيما منهم الأطفال. تواجه بعض النساء صعوبات في الإرضاع مثل جروح الحلمة وآلام عند الإرضاع؟ - هذه أمور طبيعية وعادية، يجب ألا تثني الأمهات عن إرضاع مواليدهن الجدد. أكيد أن عملية الإرضاع قد تكون عملية غير سهلة بالنسبة إلى بعض النساء، إلا أن هذه العملية تتطلب قليلا من التحمل، لأنه يمكن تجاوز جروح الحلمة بواسطة مراهم، التي تساعد على تجاوز الألم في ظرف أيام قليلة. يجب العلم، أن لحظة الرضاعة هي لحظة ممتعة للرضيع والأم، ترفع من أصول التقارب بينهما، وتشعر الطرفين بالسعادة. تحجم بعض النساء عن الإرضاع الطبيعي بسبب عدم توفرهن على الحليب أو لقلة كمياته؟ ما تعليقكم؟ -لتجاوز هذه المشكلة، ننصح، كأطباء متخصصين، بمنح الأم ثديها إلى وليدها الجديد منذ اليوم الأول من الوضع، حتى ولو كانت الأم وضعت بعد عملية قيصرية، لأن عملية جر ومص حلمة الثدي، تساعد على خروج ودر الحليب، وهي عملية يجب أن تتكرر حتى ولو لم يخرج الحليب منذ المصة الأولى للرضيع. ورغم ذلك، نفضل عدم تقديم الحليب الاصطناعي للرضيع لأنه سيألف مذاقه، وبالتالي لن يعود، أو لن يعود بسهولة لأخذ حليب الأم بعد ذلك. ما النصائح التي يمكن توجيهها إلى المرضعة موازاة مع شهر الصيام؟ مع شهر الصيام، تقل الكميات المتدفقة من ثدي الأم، لذلك ننصح المرضعات بشرب كميات مهمة من الماء، منذ ساعة الإفطار وإلى غاية السحور، تتراوح كمياتها ما بين لترين إلى ثلاثة لترات، وهي كمية تضاعف الكميات الموصى بها للإنسان العادي، لحاجة المرضعة إلى الماء للمساعدة على در الحليب. وموازاة مع ذلك، يجب على المرضعة الاستعانة بتغذية أخرى، مثل "سلو" وباقي الأغذية المتوازنة التي تساعد على در الحليب. بعض الأمهات العاملات يتوقفن عن الإرضاع بعد انتهاء عطلة أمومتهن. ما قولك؟ خطوة خاطئة. لذلك ننصح الأمهات باللجوء إلى تقنية سهلة، من خلال الاستعانة بوسيلة طبية، تباع في الصيدليات، تساعد على جر حليب الأم، وبالكميات المرغوب فيها، وبالتالي يمكن للشخص الذي يراعي الرضيع في غياب أمه، إرضاعه بهذا الحليب، دون خوف من تعرضه لأي مشاكل، شريطة تخزينه وأجد أن هذه الطريقة اقتصادية بالنسبة للأسرة، وصحية ومفيدة بالنسبة إلى الطفل والأم. بعض النساء يتخوفن من فقدان جمال أثدائهن أو ترهلها مع الرضاعة. ما تعليقك؟ لا خوف من ذلك. أقول للأمهات تمتعن بنعمة الأمومة، وامنحن عناصر الصحة والقوة لأطفالكن. عملية الإرضاع تحمي الأم من أمراض سرطان الثدي والمبيض، كما تمنح طفلها إمكانات مهمة لنمو أفضل. هل تسجلون بعض الحوادث أثناء الإرضاع، مثل تعرض الرضيع للاختناق؟ -لا، لم يسبق لنا تسجيل تعرض رضيع لاختناق بسبب ضغط الثدي على أنفه، سواء في الليل أو النهار، إلا أن هذه الحوادث يمكن أن تقع، ولتفاديها يجب وضع الرضيع في مكان نومه مباشرة بعد الانتهاء من إرضاعه. متى يمكن للطفل الشروع في أخذ الوجبات الصلبة؟ ابتداء من الشهر السادس، إلا أنه يجب منحه تغذية متوازنة ومتنوعة من حيث الكمية والكيف. ولا بأس للأمهات حديثات الوضع استشارة الطبيب بخصوص هذا الموضوع.