وجه لحسن الداودي، وزير التعليم العالي مساء أول أمس الأربعاء، من آسفي، أسهم انتقاداته للجامعة المغربية، معتبرا أنها لا تؤدي وظيفتها التأطيرية للرفع من مستوى المجتمع، موضحا أن عدد الطلبة في المغرب لا يتجاوز 480 ألف طالب بمن فيهم من يتابعون دراستهم في القطاع الخاص، وقال إن تونس بها 650 ألف طالب، رغم قلة عدد سكانها، وأن لها ضعف عدد أساتذة التعليم العالي مقارنة مع المغرب، الذي ليس فيه سوى 16 ألف أستاذ، بمن فيهم من يشتغلون في القطاع الخاص. وأكد الوزير أن تأطير الطلبة ضعيف في المغرب، بالنظر إلى الخصاص المهول في الأساتذة بالجامعات، واصفا الأستاذ بالمناضل، بإشرافه على تأطير عدد كبير من الطلبة، إذ يؤطر 250 طالبا، في حين تتحدث المعايير الدولية عن 20 إلى 30 طالبا للأستاذ، وقد يصل العدد في بعض المعاهد إلى 15 طالبا. واستنتج أن الجامعة المغربية أمامها العديد من التحديات، وأنها تشهد عجزا كبيرا في كثير من التخصصات. وقال الداودي إن المغرب اليوم في حاجة إلى 3 آلاف مهندس معماري، و7 آلاف طبيب، و9 آلاف ممرض، متسائلا حول "إمكانية تدارك هذا العجز، الذي يعتبر أكبر تحديا، سواء للاستجابة لسوق الشغل أو على مستوى البحث العلمي"، مشددا على ضرورة أن تؤدي الجامعة واجبها في تنوير المجتمع المغربي، وأن للمجتمع دينا على الجامعة، خاصة على مستوى البحث العلمي. ودعا إلى ضرورة إعطاء البحث العلمي حقه، حتى يتمكن المغرب من الانخراط في العولمة برصيد قوي من البحث العلمي النظري منه والتطبيقي. ورد وزير التعليم العالي على القائلين إن الجامعة تخرج البطالة بأن الذنب ليس ذنب الجامعة، بل ذنب الاقتصاد، إذ أن وتيرة الاقتصاد المغربي ضعيفة جدا بالنسبة للحاجيات، داعيا الحكومة على توفير شروط النمو الاقتصادي ليجد الطالب منفذا إلى الشغل، وتحدث عن مشكل المناصب المالية ومشكل الميزانية. أما على مستوى البطالة، فيرى الداودي أن البطالة لن تبقى مستمرة، وأنها ظرفية مرتبطة بمستوى النمو الاقتصادي، موضحا أن "الاقتصاد الذي لا ينتج الثروة، لا يمكن أن ينتج الشغل، والنمو الاقتصادي لا يمكن أن يتوفر دون محاربة الفساد والقطع مع اقتصاد الريع"، مؤكدا أن "الفساد مستشر في عروق الإدارة المغربية"، ووعد بنشر إحصائيات خاصة بمؤسسات التعليم العالي، إذ "يوجد رئيس قسم أو رئيس مصلحة حصل في سنتين على حوالي 37 مليون سنتيم". من جهة أخرى، تحدث وزير التعليم العالي عن مشروع تجميع بعض الجامعات في بعض المدن، في إطار جامعة واحدة كحل لمشكل تشتيت المؤسسات الجامعية، وترشيدا للنفقات الهائلة الخاصة بالتسيير والتدبير والتي يحرم منها الأستاذ والطالب. لأنه لا يعقل، يقول وزير التعليم العالي، أنه لدينا الآن طلبة ب16 و17 في المعدل لا يجدون لهم مكانا بالمدارس العليا، في حين يتوجه الأغنياء منهم إلى أوكرانيا وروسيا. وهناك من ذهب بشهادة البكالوريا آداب وعاد من هناك بدبلوم صيدلي وأعطيت له المعادلة، وهو ما رفضه الوزير، موضحا أنه لا يمكن أن يكون المال هو المميز بين الطلبة، وإنما المميز هو الاستحقاق العلمي، مضيفا أنه جرى الاتفاق مع السفير الروسي على أن أي طالب يريد الالتحاق بروسيا ضروري أن يمر عبر سفارة روسيا وفق معايير متفق عليها بين المسؤولين المغاربة والروس، بحيث ما يجب أن يكون المميز بين الطلبة مستقبلا هو المعدل والعمل الجاد. وتعد زيارة لحسن الداودي للكلية متعددة التخصصات بآسفي أول خرجة له للقاء الطلبة والأساتذة، إذ نزل ضيفا على النقابة الوطنية للتعليم العالي، شاكرا إياها على إتاحة هذه الفرصة له لمخاطبة "الأستاذ والطالب، في إطار عمل نقابي وبيداغوجي".